«ريتشموند بارك»... الريف في قلب غرب لندن

معلم ومعلومة

«ريتشموند بارك»... الريف في قلب غرب لندن
TT

«ريتشموند بارك»... الريف في قلب غرب لندن

«ريتشموند بارك»... الريف في قلب غرب لندن

متنزه «ريتشموند» أو Richmond Park من المتنزهات الكبيرة الجميلة، التي تمتد على مساحة ميلين ونصف الميل تقريباً، وتقع بين ريتشموند وبارنز، وكينغستون، وروهامبتون في جنوب غربي لندن. من الممكن القيادة عبر المتنزه، لكن لا يوجد سوى خمسة مداخل للسيارات. وهناك كثير من الممرات والمسارات التي يمكن لقائدي الدراجات، ومحبي المشي استخدامها. إنه مزيج من الغابة القديمة والمناطق الخضراء العشبية المفتوحة. يفتح المتنزه أبوابه طوال أيام العام، لكن ربما يكون في أفضل أحواله خلال فصلي الربيع والخريف. عندما تكون في قلب ذلك المتنزه، تشعر أنك في الريف أكثر مما تشعر أنك في إحدى ضواحي لندن.
كان الملك تشارلز الأول هو أول من شيد الأسوار حول أرض المتنزه في عام 1673 لتكون منطقة مخصصة لرحلات الصيد الملكية، حيث كانت قريبة من ريتشموند وبلاط هامبتون. بعد ذلك تم تنظيم حملات لفتح أبوابه لعامة الشعب، وأصبح المتنزه بالفعل متنزها عاما مفتوحا للجميع.
يصل عمر بعض أشجار البلوط في المتنزه إلى مئات السنوات. ويمثل متنزه «ريتشموند»، وغابة «إيبينغ»، في شمال شرقي لندن، آخر الغابات المتبقية من غابات القرون الوسطى التي كانت تحيط بلندن. عندما يسير المرء في المتنزه من الممكن أن يرى أشجارا متعددة توجد في جذوعها فجوات، أو لها فروع ميتة. توفر تلك الفجوات والشقوق مكانا يمكن للطيور أن تبني فيه أعشاشها. كذلك تعد المساحات الميتة من الأشجار مسكنا للحشرات والخنافس التي توفر الغذاء لكثير من الطيور التي تعيش في المتنزه.
كذلك يسكن في المتنزه نحو 600 غزال تتجول بحرية داخله. هناك نوعان من الغزال في المتنزه، الأول هو الغزال الأحمر، الذي تظهر عليه درجة من اللون الأحمر المائل إلى البني، وهو نوع موطنه الأصلي المملكة المتحدة، والنوع الثاني هو الغزال الأسمر، الذي يميل لونه إلى البني الفاتح المرقط بالأبيض والذي أحضره الرومان إلى هنا. من الممكن الاقتراب من الغزال، لكن مثل كل الحيوانات البرية من الضروري توخي الحذر، حيث يمكن أن يصبح عدائيا حين يشعر بالتهديد خصوصا خلال موسم التزاوج في الخريف، وبعد ولادة الصغار في الصيف. الغزال من العناصر الأساسية للحفاظ على البيئة الطبيعية في المتنزه؛ حيث يتغذى الغزال على الأعشاب والحشائش، ويمنع نمو الشجيرات والعليق. توفر منطقة الأعشاب بيئة للثدييات الأخرى مثل الأرانب البرية. يمكن للغزال أن يعيش نحو 12 عاماً، ويقوم العاملون في المتنزه بمراقبة صحتهم. في مواسم الشتاء القاسية يتم تقديم مزيد من الطعام إليهم.
هناك بعض المنازل الجذابة في المتنزه. يقع مسكن «بيمبروك لودج» على تل، بالقرب من مدخل بوابة «ريتشموند». إنه مبنى كبير ضخم به مقهى جذاب، يمكن منه مشاهدة المناظر الخلابة لغرب لندن. من الممكن إقامة عرس مدني في ذلك المبنى، أو إقامة حفل زفاف أو أي حفل به. وكان بيرتراند راسل، الفيلسوف وعالم الرياضيات الشهير (1872 - 1970) يقيم هنا في طفولته، ويبدو أنه اعتاد على الأفق المتسع ومشهد الغروب الذي لا يحجبه أي شيء، حيث قال: «لم أتمكن يوما من أن أعيش يوما سعيدا من دون هذين الشيئين». هناك مبنى جذاب آخر في المتنزه، وهو مسكن «وايت لودج» الذي يقع أعلى تل في قلب المتنزه؛ وقد كان مسكنا لأبوي الملكة الحالية لفترة قصيرة من الزمن بعد زواجهما عام 1923، ورغم ما يتمتع به هذا المكان من جمال وجاذبية، قرر والدا الملكة العودة إلى وسط لندن، حيث كانا يشعران أن ذلك المنزل بعيد للغاية.
من المساحات البارزة في المتنزه منطقة تحيط بها الأسوار وتعرف باسم مزارع إيزابيلا؛ وهي عبارة عن حديقة تمتد على مساحة 40 فدانا، وتمت زارعتها للمرة الأولى في ثلاثينات القرن الماضي، لكن لم تفتح أبوابها للعامة إلا في عام 1953، وتحتوي تلك الحديقة على مجموعة مذهلة من شجيرات الأزالية، وزهور الكاميليا، ونبات الوردية التي تكون في أفضل أحوالها بين شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار). هناك جدول من المياه يمر عبر تلك المزارع المليئة بالأزالية والوردية التي تكّون خلفية رائعة حين تكون مزهرة بالكامل.
المساحة المخصصة لصفّ السيارات في المتنزه محدودة، ولا يتم السماح بصفّ السيارات على جانبي الطريق، لذا من الأفضل عدم زيارة المتنزه خلال أوقات العطلات. من الصعب دخول المتنزه بالمواصلات العامة؛ لذا أفضل طريقة هي الوصول إلى محطة «ريتشموند» بالقطار أو قطار الأنفاق، ثم استقلال الحافلة حتى بوابة «ريتشموند».
وبينما يدق فصل الربيع الأبواب، يُنصح بزيارة متنزه «ريتشموند» للاستمتاع بالمشاهد البديعة، والألوان الجميلة.



«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.