تونس: حكومة الشاهد تجري تعديلاً وزارياً لإطفاء غضب المحتجين

أطفأ يوسف الشاهد، رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تونس، غضب نقابات التعليم بإعلانه عن إقالة ناجي جلول، وزير التربية، عشية احتفال الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال القوية) بعيد الشغل. كما أعلن الشاهد في التعديل الوزاري الجزئي نفسه عن إقالة لمياء الزريبي، وزيرة المالية من منصبها، بسبب تصريحات إعلامية نسبت إليها حول عدم تدخل البنك المركزي التونسي في دعم الدينار(العملة المحلية)، وهو ما أدى إلى حدوث اضطرابات كبرى في السوق المالية، أفرزت انهيارا قياسيا في قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية، بخاصة اليورو والدولار.
وعلى أثر الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها منطقة تطاوين (جنوبي شرق)، ومطالبة المواطنين له بالرحيل خلال زيارة ميدانية إلى المنطقة الغاضبة بسبب تعثر مشاريع التنمية والتشغيل، أقال الشاهد قبل أيام والي (محافظ) تطاوين ورئيس منطقة الأمن.
وحسب مراقبين، فقد كانت إقالة وزير التربية ناجي جلول (أحد قياديي حزب النداء)، المثير للجدل بخلافاته الكثيرة مع الهياكل النقابية لقطاع التربية، منتظرة منذ فترة. إلا أن رئيس الحكومة أرجأ اتخاذ القرار بسبب ضغط هذه الهياكل ومطالبتها بتنحيه من منصبه، وهو ما عده تدخلا من النقابات في التشكيلة الحكومية. وقد واجه وزير التربية احتجاجات نقابية واسعة النطاق عارضت برنامجه الإصلاحي لقطاع التربية منذ عدة شهور، وأعلنت في نهاية المطاف عن انسداد أفق الحوار معه وطالبت برحيله.
وكلف الشاهد سليم خلبوس، وزير التعليم العالي الحالي، بتسيير وزارة التربية بالنيابة، فيما كلف فاضل عبد الكافي، وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، بتسيير وزارة المالية بالنيابة.
ووفق متابعين للأحداث السياسية في تونس، فإن عدم تعويض الوزيرين المقالين بعد الإعلان عن تنحيتهما، يؤكد أن قرار التعديل اتخذ بصفة عاجلة، وتحت ضغط الاحتجاجات الاجتماعية المختلفة، وتهديد الهياكل النقابية بعدم إجراء امتحانات نهاية السنة الدراسية.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، قد تكفل بملف وزارة التربية، حيث أجرى نور الدين الطبوبي رئيس النقابة عددا من اللقاءات التشاورية مع رئيس الحكومة حول مطالب الهياكل النقابية في قطاع التربية. ولذلك عد الطبوبي إقالة وزير التربية ناجي جلول من منصبه «انتصارا للمدرسة العمومية وللشعب التونسي عامة»، وقال أمس أمام آلاف النقابيين وسط العاصمة التونسية إن التجاذبات حول ملف التعليم دامت أكثر من سنة، وطالت أكثر من اللازم.
وفي رده على ما إذا كان التعديل الوزاري، الذي أفرز إقالة وزيري التربية والمالية، يعد بمثابة هدية من الشاهد إلى اتحاد الشغل بمناسبة عيد العمال، قال نور الطبوبي في تصريح للإذاعة الوطنية: «نحن لا ننتظر هدايا من أي كان... وكان لا بد من التضحية في هذا الملف مثلما فعل النقابيون عندما أوكلوا مسألة الحسم في هذا الأمر للمكتب التنفيذي للمنظمة، وتخلوا عن قرار الإضراب المفتوح وتعليق الدروس مراعاة لمصلحة التلاميذ»، وأضاف موضحا: «لقد كان هناك خياران أمام رئيس الحكومة: إما التخلي عن 160 ألف مدرس أو التخلي عن وزير التربية».
وخلال الأيام الماضية، عبرت عدة جهات ومدن، من بينها الكاف والقيروان وسيدي بوزيد والقصرين عن استعدادها للتصعيد وتنظيم احتجاجات اجتماعية ضد حكومة الشاهد، وفي هذا السياق، يرجح ملاحظون أن قرار إقالة وزيري التربية والمالية سيصب في صالح الحكومة، التي تسعى إلى صرف الاتحاد العام للشغل عن دعم الاحتجاجات، والبحث عن هدنة اجتماعية، وتفادي توسيع رقعة المظاهرات إلى مناطق أخرى من البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى خروج الحكومة من الباب الصغير على غرار ما آلت إليه الأوضاع خلال فترة حكم الحبيب الصيد خلال السنة الماضية.
على صعيد آخر، قال المنصف المرزوقي، الرئيس السابق ورئيس حزب «حراك تونس الإرادة» المعارض، خلال مؤتمره الانتخابي الأول الذي تواصل لمدة 3 أيام وانتهى أمس، إن حزبه «يستعد للسلطة ولتحمل مسؤولياتنا وطنيا وجهويا ومحليا، ولن يكون على الدوام في صفوف المعارضة».
وانتقد المرزوقي بشدة السلطة الحالية بقوله إنها «سلطة فاشلة»، وهو ما يجعل التداول على السلطة مطروحا بقوة خلال هذه المرحلة السياسية، على حد تعبيره.
وعد المرزوقي أن حزبه ينتمي إلى العائلة التي لا تمارس السياسة الفاسدة والتي ليس لديها ارتباط بالخارج، «وهي العائلة التي تقوم على مبادئ الشفافية، وتؤمن بالأخلاق في السياسة، وبقيت وفية للثورة ولشهدائها»، على حد تعبيره.