اشتباكات تعكّر مسيرات عيد العمال عبر العالم

عشرات المعتقلين في تركيا... وإصابتان في صفوف الشرطة بفرنسا بعد صدامات مع المحتجين

جانب من الاشتباكات بين متظاهرين ورجال الشرطة في باريس أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاشتباكات بين متظاهرين ورجال الشرطة في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات تعكّر مسيرات عيد العمال عبر العالم

جانب من الاشتباكات بين متظاهرين ورجال الشرطة في باريس أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاشتباكات بين متظاهرين ورجال الشرطة في باريس أمس (أ.ف.ب)

أحيا العالم، أمس، ذكرى عيد العمل وعمت المظاهرات والمسيرات عدة دول تحت مختلف الشعارات، حيث بدت في فرنسا تعبئة ضد المرشحين للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية فيما اتخذت في فنزويلا طابع تحد للرئيس نيكولاس مادورو.
وشكلت هذه المناسبة موعدا للكثير من الفرنسيين لإظهار تعبئتهم ضد المرشحين للانتخابات الرئاسية إيمانويل ماكرون ومارين لوبان، قبل ستة أيام من الدورة الثانية المرتقبة الأحد.
واندلعت صدامات بين شباب مقنعين وقوات الأمن في باريس، وأسفرت عن إصابة اثنين من عناصر الشرطة بجروح، كما ذكرت مديرية الشرطة، على هامش مسيرة بمناسبة عيد العمال.
وقالت الشرطة إن «أفرادا ملثمين ومقنعين ألقوا مقذوفات وزجاجات مولوتوف على قوات الأمن»، التي ردت «باستخدام قنابل مسيلة للدموع». وأوضحت أن اثنين من عناصر الشرطة قد أصيبا بجروح.
وجرت المسيرة بدعوة من أربع نقابات، وسارت تحت لافتة كتب عليها: «لا للتراجع الاجتماعي الذي يشكل تربة خصبة لليمين المتطرف». وأجبرت على التوقف مرات عدة بسبب قيام متظاهرين كانوا إلى جانب المظاهرة برشق الشرطة بالمقذوفات وزجاجات المولوتوف.
وخلافا لما حصل عام 2002 لدى الاستعداد للدورة الثانية، عندما توحدت النقابات بمواجهة مرشح الجبهة الوطنية جان ماري لوبان، فإنها اليوم، ولو كانت متفقة على عدم تأييد ابنته مارين لوبان، لم تصدر موقفا موحدا بتأييد منافسها إيمانويل ماكرون.
وتكررت مظاهر الاشتباكات في تركيا، إذ شهدت مدينة إسطنبول التركية أمس صدامات بين قوات الشرطة التركية ومتظاهرين خلال مسيرات نظمت بمناسبة اليوم العالمي للعمال. وحاول بعض المتظاهرين دخول ميدان تقسيم للاحتفال فيه بهذه المناسبة على الرغم من قرار الحكومة بمنع إقامة احتفالات في الميدان، الذي يشهد أعمال تجديد وتطوير منذ عام 2013.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين بالقرب من الميدان، وكذلك تعاملت بالأسلوب نفسه مع عدد من المسيرات التي حاولت الوصول من منطقة بشكتاش إلى تقسيم. واعتقلت الشرطة التركية 165 شخصا، لمشاركتهم في مظاهرة «مخالفة للقانون» في المدينة مستغلين احتفالات الأول من مايو (أيار) كـ«غطاء»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتدخلت الشرطة أيضا ضد مجموعة أخرى من نحو 300 متظاهر، حاولوا تنظيم مسيرة إلى تقسيم من حي بشكتاش القريب، ووقعت اشتباكات بين الجانبين استخدمت الشرطة فيها الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وتم اعتقال عدد من المشاركين في المسيرة. كما وقعت اشتباكات متقطعة على مدار اليوم في عدد من أحياء المدينة تم خلالها القبض على عدد ممن حاولوا المشاركة في هذه المسيرات.
وكانت ولاية إسطنبول قدمت تهانيها للعمال الأتراك بمناسبة يوم العمال معلنة جملة من التدابير الأمنية من بينها قطع الطرق في عدد من المناطق المركزية. وتم نشر أكثر من 30 ألف شرطي في إسطنبول للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين خلال الاحتفالات وأغلقت محطات المترو وقطعت الكباري المؤدية إلى ميدان تقسيم.
يذكر أنه كان من المعتاد إقامة احتفالات في ميدان تقسيم في الأول من مايو منذ نحو 40 عاما، إلا أنه أوقف بعد أحداث دامية وقعت خلال الاحتفالات عام 1977. ثم قررت حكومة العدالة والتنمية تحويل هذا اليوم إلى إجازة رسمية تحت مسمى يوم العمل والتضامن، وسمحت في الفترة من 2010 إلى 2013 بالاحتفال في ميدان تقسيم، ثم منعت الاحتفالات في 2013 بسبب أعمال تحديث في الميدان لا تزال مستمرة حتى الآن.
أما في فنزويلا، فاتخذت المظاهرة التي دعت إليها المعارضة في ذكرى مرور شهر على بدء تعبئتها، شكل تحد للرئيس مادورو. وبعد شهر على إطلاق موجة الاحتجاجات للمطالبة بانتخابات جديدة وتنحي الرئيس الاشتراكي، أعلن معارضو التشافية (نسبة إلى الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، 1999 - 2013) عن مسيرة في الولايات الـ24 وكذلك في العاصمة كاراكاس نحو مباني المحكمة العليا والهيئة الانتخابية.
وفي اليونان، أحيت نقابات العمال مناسبة الأول من مايو بمسيرات وإضراب مدته 24 ساعة، احتجاجا على تدابير التقشف الجديدة في مقابل استمرار تلقي القروض الدولية.
وتظاهر نحو عشرة آلاف شخص في أثينا، و3500 في تسالونيكي، كما أعلنت الشرطة.
وأصدرت نقابة العاملين في القطاع العام التي تحظى بنفوذ، بيانا يؤكد أن «الحكومة والدائنين يمارسون ضغوطا شديدة على الشعب والعمال منذ سبع سنوات». وكانت النقابات دعت الخميس إلى إضراب عام في 17 مايو احتجاجا على إجراءات التقشف الجديدة.
وإثر ضغوط من دائنيها، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وافقت الحكومة في أبريل (نيسان) على خطوة تقشف جديدة بقيمة 3.6 مليار يورو من خلال خفض معاشات التقاعد عام 2019 وزيادة الضرائب عام 2020.
وفي موسكو، شارك نحو مليون ونصف مليون روسي أمس في مسيرة في وسط موسكو بمناسبة عيد العمال، وهو رقم تجاوز بكثير عدد المشاركين في السنوات السابقة، حسب ما أعلنت الشرطة الروسية.
وقالت الشرطة في بيان، نقلته وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء، «شارك نحو مليون شخص ونصف مليون في مسيرة الأول من مايو» في موسكو. وسار المتظاهرون في الساحة الحمراء، وهم يحملون الإعلام الروسية والبالونات.
وفي العامين 2015 و2016 لم يشارك في مظاهرة عيد العمال في العاصمة الروسية سوى نحو مائة ألف شخص، حسب أرقام الشرطة. وقال ضابط سابق في الجيش الروسي وهو يشارك في المسيرة لوكالة الصحافة الفرنسية: «بالنسبة إلي، لن أنسى أبدا هذه المسيرة التاريخية».
وحمل بعض المتظاهرين إعلاما شيوعية وصور لينين، في حين أطلق آخرون شعارات ضد الحكومة على غرار فلاديسلاف ريازانتسييف أحد قادة حركة «كتلة اليسار» الذي قال: «نحن ضد الرئيس بوتين، ولكننا لسنا ضده كشخص». وأفادت السلطات الروسية بأن نحو 2.6 مليون شخص شاركوا في مسيرات بمناسبة عيد العمال في كافة أنحاء البلاد.
من جهتها، نظمت الحكومة الكوبية مسيرتها التقليدية بمناسبة عيد العمل أمس في ساحة الثورة في هافانا وستكون الأخيرة في حكم الرئيس راوول كاسترو، والأولى منذ رحيل زعيم الثورة فيدل كاسترو.
وشارك مئات آلاف الكوبيين في مسيرة في ساحة الثورة وسط الإعلام الحمراء والبيضاء والزرقاء وصور كاسترو. وتوفي زعيم الثورة الكوبية في نوفمبر (تشرين الثاني)، فيما أعلن شقيقه راوول كاسترو أنه سيتنحى في فبراير (شباط) 2018 بعد أكثر من عقد في السلطة.
وعمد راوول كاسترو بحذر إلى القيام بخطوات انفتاح في الاقتصاد الذي تديره الدولة وتقوية العلاقات الخارجية للبلاد خصوصا عبر معاودة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.
لكن مسيرة أمس توحي بانتهاء حقبة. ومن غير الواضح من سيخلف راوول كاسترو السنة المقبلة.
وتشير تكهنات إلى أنه سيكون ميغيل دياز كانيل (56 عاما) نائب رئيس مجلس الدولة الذي يتولى حقائب وزارية ومهمات حزبية لكن ينقصه دعم الجيش الذي يعتبر أساسيا.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.