معركة صحف إيران حول أولى المناظرات الرئاسية

من فاز بالجولة الأولى.. هجوم جهانغيري أم لكمات قالي؟

صحف إيران الصادرة السبت غداة المناظرات التلفزيونية الأولى بين المرشحين للرئاسة في إيران
صحف إيران الصادرة السبت غداة المناظرات التلفزيونية الأولى بين المرشحين للرئاسة في إيران
TT

معركة صحف إيران حول أولى المناظرات الرئاسية

صحف إيران الصادرة السبت غداة المناظرات التلفزيونية الأولى بين المرشحين للرئاسة في إيران
صحف إيران الصادرة السبت غداة المناظرات التلفزيونية الأولى بين المرشحين للرئاسة في إيران

انتقلت عدوى المناظرات التلفزيونية والتراشق بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية إلى الصفحات الأولى في أعداد الصادر السبت في إيران وانقسمت الصحف بين نائب الرئيس المنتهية ولايته إسحاق جهانغيري وعمدة طهران المقرب من الحرس الثوري محمد باقر قاليباف.
وقرأت الصحف البارزة في إيران الحدث الانتخابي حسب اتجاهها الحزبي وموقفها من التيارين المتصارعين على كرسي الرئاسة الإيرانية، فينما رأت الصحف الإصلاحية أن الثنائي الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ونائبه إسحاق جهانغيري هما الفائزان بالجولة الأولى إلا أن الصحف المحافظة والمقربة من الحرس الثوري كان موقفها مختلفاً. بحسب الصحف المعارضة لروحاني فإن قاليباف تمكن بمفرده من صد ثنائي الهجوم في الحكومة الحالية.
ورغم انقسام غالبية بعض الصحف بين المعسكرين، فإن بعض الصحف المحسوبة على الأجهزة الخاصة اختارت عناوين محايدة للصفحات الأولى. صحيفة «إيران» المنبر الإعلامي الرسمي الناطق باسم الحكومة عنونت «مواجهة ثلاث ساعات بين المرشحين في ساحة المناظرة». أما عنوان صحيفة «حمايت» التابعة للقضاء أشار إلى أن «المشكلات الاجتماعية تحت شفرة المرشحين الستة». صحيفة «قدس» التابعة لمؤسسة «آستان قدس رضوي» والمقربة من المرشح إبراهيم رئيسي «الجدل السياسي في المناظرة الاجتماعية».
وكان اسم وصورة نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري الأكثر تداولا على الصفحات الأولى في الصحف الإيرانية. اختصرت الصحيفتان الرئيسيتان في التيار الإصلاحي «شرق» و«اعتماد» عنوانهما الرئيسي على كلمتين المشترك فيهما جهانغيري الذي خطفت تصريحاته الأضواء من روحاني. قالت «شرق» في العنوان الرئيسي: «طوفان جهانغيري»، وفي عنوان مشابه كتبت «اعتماد» في عنوانها العريض «زلزال جهانغيري».
في السياق ذاته، كان أقوى العناوين في الصحف الصادرة غداة المناظرة المثيرة للجدل كان لصحيفة «آفتاب يزد» التي قامت بإعادة لقب «قاليباف» وهي مشتقة من «قالي» (السجاد) و«بافتن» (الحياكة) لكن لفظة «بافتن» في لغة الشارع تستخدم في الإشارة إلى الضرب وعنونت الصحيفة «قالي بافي جهانغيري» (حياكة السجاد بيد جهانغيري). أما صحيفة «ابتكار» الإصلاحية اختارت اللعب على شعار روحاني «التدبير والأمل» في انتخابات 2013 وقالت في عنوانها الرئيسي «تدبير جهانغيري، الأمل من روحاني».
في المقابل، فإن قاليباف كان بطل أغلب الصحف المتشددة. صحيفة «أفكار» قالت في عنوانها الرئيسي «ضربة مباغتة 96 في المائة» في إشارة إلى ما قاله قاليباف في المناظرة عن حرمان نحو 96 في المائة من الإيرانيين بينما يتمتع 4 في المائة من المقربين للحكومة بالثروات والامتيازات الحكومية. صحيفة «عصر إيرانيان» قالت إن قاليباف وقف بمفرده ضد هجوم الحكومة. صحيفة «وطن أمروز» المتطرفة اعتبرت حضور الثنائي روحاني جهانغيري «خسارة روحاني برأسين» وبحسب ما أشارت إليه الصحيفة أن خطة روحاني انقلبت ضده.
من جانبها، صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران اختارت الوقوف مع عمدة طهران قاليباف بشكل غير مباشر وسلطت الضوء في عنوانها تكذيب روحاني توفير أربعة ملايين فرصة عمل في انتخابات 2013.
صحيفة «جوان» الناطقة باسم الحرس الثوري اقتبست في عنوانها الرئيسي أربع جمل من جهانغيري وقاليباف وروحاني ورئيسي كلها تشير إلى تدهور الأوضاع في إيران. من جهانغيري اختارت «إحساس بعدم العدالة مرتفع في إيران». روحاني: «أوضاع غرب إيران أفضل من المناطق الشرقية يجب أن تكون متعادلة». قاليباف: «حكومتكم لأربعة في المائة». رئيسي: «من تسلموا الحكومة لأربع سنوات يجب ألا يلعبوا دور المعارضة».
بدورها صحيفة «كيهان» المقربة من المرشد الإيراني قالت إن روحاني تورط في المناظرة الأولى بسبب دخوله خالي اليدين». كيهان كانت الصحيفة الإيرانية الوحيدة التي لم تنشر صورة المناظرة في صحفتها الأولى.
الصحف الفنية بدورها لم تكن بعيدة عن اللعبة الانتخابية صحيفة «باني فيلم» المختصة بالشؤون السينمائية عنونت على صورة المناظرة في صفحتها الأولى» تأثير الأصوات الورقية على مصير البلد». صحيفة «هفت صبح» الفنية نشرت صورة إسحاق جهانغيري وعنونت «المدافع المتقدم للهجوم» في إشارة إلى الدور الذي يقوم به نائب الرئيس الإيراني.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».