الفصائل تتجه لإعلان قبولها حضور «آستانة»

شجعتها تطورات منها احتمال دخول رعاة جدد... وتحذيرات من تأثير اقتتال الغوطة

دخان وغبار يتصاعدان من حي جوبر في الغوطة الشرقية لدمشق بعد غارة أمس (أ.ف.ب)
دخان وغبار يتصاعدان من حي جوبر في الغوطة الشرقية لدمشق بعد غارة أمس (أ.ف.ب)
TT

الفصائل تتجه لإعلان قبولها حضور «آستانة»

دخان وغبار يتصاعدان من حي جوبر في الغوطة الشرقية لدمشق بعد غارة أمس (أ.ف.ب)
دخان وغبار يتصاعدان من حي جوبر في الغوطة الشرقية لدمشق بعد غارة أمس (أ.ف.ب)

يتوقع أن تعلن الفصائل العسكرية السورية موافقتها على المشاركة في مؤتمر آستانة المزمع عقده في 3 و4 مايو (أيار) المقبل، في حين تحذّر المعارضة من انعكاس الاقتتال بين الفصائل في الغوطة الشرقية المستمر منذ أول من أمس، ليس فقط على المفاوضات في كازاخستان، بل أيضاً على محادثات جنيف، وأي قرارات قد تتخذ لوقف النار.
وكشفت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» عن أن الفصائل اتخذت قراراً بالمشاركة في «آستانة»، ستعلنه رسمياً في اليومين المقبلين. وقال العميد فاتح حسون، أحد المشاركين في المؤتمر: «حتى الآن ليس هناك أي قرار بعدم الذهاب إلى آستانة، ما لم تحدث مستجدات، ولا سيما من قبل النظام وموسكو قبل موعد المؤتمر». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «معطيات إيجابية وعوامل جديدة أضيفت إلى جدول أعمال المفاوضات، وأرسلت إلينا بشكل غير رسمي مع الدعوة، على أن يتم البحث بها ودراستها رسمياً في جلسات المؤتمر».
وفي حين رفض حسون إعطاء مزيد من التفاصيل، أوضح أن «المعطيات الإيجابية» ترتبط بآلية لتنفيذ وقف إطلاق النار قد تحمل في طياتها بعض الفوائد في حال التزم الروس بتطبيقها، إضافة إلى دخول جهات دولية جديدة راعية للمؤتمر، بعدما كان شبه محصور في روسيا وإيران. مع العلم أن عدداً من المسؤولين كان أعلن عن تحركات لإشراك دول إضافية، بينها قطر، في مفاوضات آستانة، إضافة إلى إمكانية دخول الولايات المتحدة على الخط.
وفي موازاة ذلك، استمرت المعارك بين «جيش الإسلام» من جانب و«فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» من جانب آخر، في الغوطة، أكبر معقل لمقاتلي المعارضة قرب دمشق. وقال: «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «عشرات القتلى والجرحى من الطرفين» سقطوا في الاقتتال الذي دخل يومه الثاني أمس. وتتركز الاشتباكات، بحسب «المرصد»، داخل بلدة حزة، وسط تعزيزات عسكرية استقدمها كل طرف على محاور القتال. ونقل عن مصادر، أن الكثير من الجثث لا تزال ملقاة على خطوط التماس بين طرفي الاقتتال، من دون أن يتمكن أي طرف من سحب جثث مقاتليه.
ولا ينفي حسون إمكانية انعكاس الاقتتال المستمر في الغوطة على «آستانة»، قائلاً إن «هذا الأمر لا يؤثر فقط على (آستانة)، إنما أيضاً على (جنيف) وأي عملية سياسية أو إجراءات تنفيذ وقف إطلاق النار، وبالتالي الثورة السورية عموماً. وأضاف أن «ما يحصل أمر مهول ويتم تداركه قدر الإمكان، وهناك من أشعل الفتنة بين الطرفين، ونتمنى أن تنتهي في أسرع وقت».
وفي حين تبادل طرفا الاقتتال اتهامات المسؤولية عن افتعال المشكلات، أوضح الباحث السوري أحمد أبازيد لـ«الشرق الأوسط» أن «الاحتقان بين (النصرة) و(جيش الإسلام) قديم، لكن الوضع تفاقم بينهما قبل عام عندما تحالفت (النصرة) مع (فيلق الرحمن) ضد (جيش الإسلام)، وهاجمت مواقعه في الشمال السوري». وأضاف: «يبدو اليوم أن (جيش الإسلام) اتخذ قراره بتأمين طريقه نحو جبهات القابون ودمشق بعد تعرضه لمضايقات من (النصرة) كان آخرها، بحسب ما أعلن، احتجاز (النصرة) مؤازرة تابعة له».
ولفت أبازيد إلى أن «جيش الإسلام» سيطر على معظم مقرات «النصرة» في القطاع الأوسط، لكن هناك خشية من تطور الأمر إلى مواجهات بينه وبين «فيلق الرحمن»، انطلاقاً من وجود حساسية قديمة ومواجهات سابقة بينهما، أثارت مخاوف لدى الأخير من تمدد «جيش الإسلام» في القطاع الأوسط الذي يعتبره معقله.
واندلعت الاشتباكات في جزء من منطقة الغوطة المكتظة بالسكان شرقي العاصمة، والتي تحاصرها قوات النظام منذ 2013. وقال «المرصد» إنه وثق مقتل 38 مقاتلاً على الأقل في الساعات الأربع والعشرين الأولى من المعارك بين مقاتلي المعارضة، مشيراً إلى سقوط ضحايا من المدنيين.
واستغلت قوات النظام الاقتتال الداخلي للسيطرة على أجزاء من الغوطة الشرقية بعد أن تقلصت المساحات التي تسيطر عليها لنحو الثلث في النصف الثاني من العام الماضي، في حين خرجت مظاهرات في بلدتي سقبا وحورية في الغوطة ضمّت الآلاف لمطالبة الفصائل بالتوحد. وأشار «المرصد» إلى تعرضها لإطلاق نار عند وصولها إلى محاور الاشتباك، ما أدى إلى جرح عدد من المتظاهرين.
وهاجمت قوات النظام والفصائل الموالية لها حي القابون الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة شمال غربي الغوطة الشرقية براً وجواً، ونجحت في إحراز تقدم.
وحمّل «فيلق الرحمن» أمس «جيش الإسلام» كامل المسؤولية عن التدهور الذي يشهده حي القابون. وقال الناطق باسم الفيلق وائل علوان: «رغم شحّ الذخيرة وانقطاع الطعام والإمداد عنهم وقطع طرق المؤازرات من الغوطة إليهم بعد أن قام (جيش الإسلام) بقطع أوصال الغوطة الشرقية بالمدرعات والقناصة والمضادات والمجموعات الملثمة وبعد السيطرة على الممر الوحيد من الغوطة لحي القابون، يرابط مئات الثوار من (فيلق الرحمن) في حي القابون أمام هجمات عصابات النظام، وهم محاصرون من خلفهم من قبل مجموعات جيش الإسلام».
وقال علوان لـ«الشرق الأوسط» إن «الاقتتال بين الفصائل إذا استمر سينعكس سلباً على الواقع الميداني الداخلي وعلى الثورة السورية... نحاول احتواءه قدر الإمكان، ونؤكد أن الفيلق حتى الآن لم يشارك في القتال إلا للدفاع عن النفس وعن مقراته، وبالتالي استمرار الأمور على ما هي عليه سيؤدي إلى مزيد من الدم».
وكان «فيلق الرحمن» قال أول من أمس في بيان: إن «جيش الإسلام» هاجم بعض مواقعه، مؤكداً أن الاقتتال بين الفصائل المسلحة «ليس في مصلحة الغوطة الشرقية، ولا الثورة السورية».
وقال «جيش الإسلام» في بيان إن الخلاف مع «هيئة تحرير الشام» التي منعت أعضاءه من القيام بأعمالهم، مؤكداً أنه يسعى إلى الأهداف نفسها التي يسعى إليها «فيلق الرحمن»، ودعا إلى احتواء الأزمة. و«جيش الإسلام» أحد أكبر جماعات المعارضة المسلحة، وهو الفصيل المهيمن على الغوطة الشرقية. وقُتل قائده زهران علوش بغارة في ديسمبر (كانون الأول) 2015، أما «هيئة تحرير الشام»، فهي تحالف من فصائل تشكل في يناير (كانون الثاني)، ويضم «جبهة فتح الشام»، المعروفة سابقاً باسم «جبهة النصرة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.