تونس: رئيس الحكومة يقيل محافظ تطاوين لكبح غضب المحتجين

مسيرة احتجاجية ضد قانون المصالحة مع رموز النظام السابق

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع العاصمة التونسية أمس ضد قانون المصالحة مع رموز النظام السابق (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع العاصمة التونسية أمس ضد قانون المصالحة مع رموز النظام السابق (رويترز)
TT

تونس: رئيس الحكومة يقيل محافظ تطاوين لكبح غضب المحتجين

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع العاصمة التونسية أمس ضد قانون المصالحة مع رموز النظام السابق (رويترز)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها شوارع العاصمة التونسية أمس ضد قانون المصالحة مع رموز النظام السابق (رويترز)

على إثر انتفاضة منطقة تطاوين (جنوب شرقي) التونسية، ورفع المتظاهرين شعار «ارحل» في وجه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، خلال قيامه بزيارة ميدانية لم تفلح في إطفاء نيران الاحتجاجات المندلعة في المنطقة منذ أيام، أعلنت الحكومة أمس عن اتخاذ مجموعة من القرارات المهمة، من بينها إقالة والي (محافظ) المنطقة محسن بن علية وتعويضه بمحمد علي البرهومي، القادم من السلك القضائي، والذي أدى اليمين الدستورية أمس أمام الرئيس الباجي قائد السبسي.
وأوضح فرحات الحرشاني، وزير الدفاع، أن وحدات عسكرية توجهت إلى منطقة تطاوين لتأمين المنشآت الحيوية والنفطية في ظل تفاقم التهديدات الإرهابية، والوضع الذي تشهده ليبيا المجاورة، وتمسك المحتجين بمطالبهم الكثيرة، وفي مقدمتها الحصول على 20 في المائة من عائدات الثروات النفطية لتوظيفها في مجالات التنمية، وتوفير فرص عمل لألفي شاب من المنطقة الصحراوية.
من جهتها، أقالت وزارة الداخلية العميد نجيب بن عياش، المدير الجهوي للحرس الوطني بتطاوين، وعوضته بفتحي العوني أحد كوادرها الجديدة. وقد جاءت هذه الإقالة بعد موجة الاحتجاجات التي عرفتها المنطقة، وحالة الاحتقان والفوضى وسط صفوف الشباب المحتج ضد زيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
ميدانيا، واصل المحتجون أمس إقفال الطريق المؤدية لمعبر ذهيبة - وازن الحدودي بين تونس وليبيا، كما عمد بعض التجار إلى إغلاق الطريق المؤدية إلى معبر رأس جدير الحدودي، احتجاجا على حجز عدد من السيارات في ليبيا، وهو ما يؤشر على أن الاحتقان الاجتماعي ما زال متواصلا، وأن حزمة القرارات التي اتخذتها الحكومة، والتي بلغ عددها 64 قرارا لم تجد نفعا مع المحتجين.
وكرد فعل على الحركة الاحتجاجية، قال إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس إن الحكومة قرّرت التعامل بصرامة مع كل الاحتجاجات التي لا تحترم القانون، وتعطل حركة التنقل والشغل، مشددا على أن السلطات لن تترك المجال «ليمارس الابتزاز ضدها»، وأنه ستتم مقاضاة كل من يحرض على خرق القانون، وقال إن الحكومة «لا تريد تقديم وعود واهية ولا كاذبة.. ودورها هو حماية وحدة البلاد، وكل القرارات المقبلة ستصب في هذا الاتجاه».
وفي الجانب المقابل، أوضح علاء الدين الونيسي، المتحدث باسم تنسيقية الاعتصام في المناطق النفطية بتطاوين، أنه «إذا انتهجت الحكومة المقاربة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات فإنها ستثبت فشلها»، مؤكدا أن المتظاهرين لن يتنازلوا عن أي مطلب بعد زيارة الشاهد لمنطقة تطاوين، وعبر عن استعداد المنطقة للتحاور مع الحكومة، لكن شريطة تحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية.
ويهدد المحتجون بوقف إنتاج النفط وتدفقه في المنطقة، وسحب الأموال من البنوك، إضافة إلى تنفيذ إضراب مفتوح عن العمل.
على صعيد آخر، نظمت حملة «مانيش مسامح» (لن أسامح) مسيرة احتجاجية أمس بالعاصمة، للمطالبة بسحب مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع رموز النظام السابق، شاركت فيها عدة أحزاب سياسية تعارض هذا القانون، بالإضافة إلى بعض منظمات المجتمع المدني، وفي هذا الصدد قال زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب المعارضة (حزب قومي)، «لن نتراجع. فهذا القانون رد دين من السبسي (الرئيس التونسي) للذين مولوا حملته الانتخابية سنة 2014».
وفي السياق ذاته قال رياض الشعيبي، رئيس حزب البناء الوطني والقيادي السابق بحركة النهضة، إن رئاسة الجمهورية وبعض أحزاب حكومة التوافق يحاولون التحايل على إرادة التونسيين من خلال إصرارهم على تمرير قانون المصالحة الاقتصادية، الذي كان جاهزا بصيغة معدلة منذ شهر ونصف على حد تعبيره، وانتقد موافقة حركة النهضة على مشروع القانون، وقال إنه «لن يكون في مصلحتها من الناحية السياسية».
من جهته قال محسن حسن، القيادي في حزب النداء، المؤيد لقانون المصالحة إن هذا القانون سيرى النور عبر التوافق بين أحزاب الائتلاف الحاكم خدمة لمصلحة البلاد.
وتعول أحزاب الائتلاف الحاكم، بزعامة حزب النداء والنهضة، على الأغلبية المحسومة داخل البرلمان (نحو 133صوت بينهما، فيما تتطلب الأغلبية 109 أصوات فحسب) لحسم الجدل الدائر حول هذا القانون، إلا أن أحزاب المعارضة وشقا كبيرا من المنظمات الحقوقية يهددون بالنزول إلى الشارع لإسقاط هذا المشروع.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.