مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» بالصحراء... و«بوليساريو» تنسحب من المنطقة العازلة

المغرب يثمن القرار الأممي خصوصاً ما يتعلق بإحصاء اللاجئين الصحراويين

مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» بالصحراء... و«بوليساريو» تنسحب من المنطقة العازلة
TT

مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» بالصحراء... و«بوليساريو» تنسحب من المنطقة العازلة

مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» بالصحراء... و«بوليساريو» تنسحب من المنطقة العازلة

قررت جبهة البوليساريو أول من أمس الانسحاب من منطقة الكركرات في المنطقة العازلة بالصحراء، وذلك قبل ساعات من اعتماد مجلس الأمن قرارا دوليا يقضي بتمديد مهمة البعثة الأممية في الصحراء (مينورسو) لسنة كاملة.
وجاء قرار «بوليساريو» بالانسحاب العاجل بهدف تفادي فقرة رئيسة في مشروع القرار الدولي، تطالبها بالانسحاب الفوري من المنطقة تماشيا مع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي أعرب عن خيبة أمله لعدم انسحاب «بوليساريو» من المنطقة بعد أن انسحب المغرب منها قبل شهرين.
وأشار القرار، الذي يحمل رقم 2351، إلى أن الأزمة الأخيرة في القطاع العازل في منطقة الكركرات تثير قضايا أساسية، تتعلق بوقف إطلاق النار والاتفاقيات ذات الصلة، وطلب من غوتيريش تقديم تقرير حيال هذا الجهد خلال 30 يوما على استكشاف سبل لمعالجة تلك القضايا.
وأكد القرار على الحاجة إلى الاحترام التام للاتفاقيات العسكرية، التي تم التوصل إليها مع بعثة «مينورسو» بشأن وقف إطلاق النار، ودعا الأطراف إلى الامتثال الكامل لتلك الاتفاقيات.
في السياق نفسه، رحب غوتيريش بانسحاب جبهة البوليساريو من الكركرات، الواقعة بين الجدار الرملي والحدود مع موريتانيا، وهو ما أكده مراقبو بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو)، مشددا في الوقت نفسه على أهمية ضمان عدم اندلاع توترات جديدة في المنطقة.
وأكد غوتيريش في بيان صدر باسمه، أن الإجراء (انسحاب جبهة البوليساريو والعناصر المغربية من المنطقة) ينبغي أن يحسّن احتمالات خلق بيئة تسهل التنفيذ المبكر لعزم الأمين العام على استئناف العملية التفاوضية، مع دينامية جديدة وروح جديدة؛ بهدف التوصل إلى «حل سياسي يقبله الطرفان، ويتيح حق تقرير المصير».
ودعا البيان الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها وفق اتفاق وقف إطلاق النار، واحترام نصه وروحه، والتعاون الكامل مع بعثة «مينورسو».
وأيّد القرار بالإجماع اقتراحات غوتيريش، القاضية باستئناف المفاوضات لحل النزاع، وإلى «إظهار الإرادة السياسية والعمل في مناخ موات للحوار من أجل استئنافها».
وبخصوص مستقبل بعثة «مينورسو» في الصحراء، أكد غوتيريش نيته نقل بعض الموظفين العاملين في مقر البعثة الأممية في العيون إلى المراكز الأممية اللوجيستية، ولا سيما إلى مدينتي برنديزي بإيطاليا وعنتيبي بأوغندا، معللا نقلهم بعدم ارتباط وظائفهم «بمكـان معـين»
من جهته، أعرب المغرب، أمس، عن ارتياحه لقرار مجلس الأمن حول الصحراء، الذي اعتمد أول من أمس بالإجماع، مشيرا إلى أنه سيراقب عن كثب انسحاب عناصر «بوليساريو» من المنطقة العازلة.
وبهذا الخصوص، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطا إن «المغرب يشيد بقرار مجلس الأمن... اليوم نحن إزاء حركية»، معتبرا أن «مبادرة الحكم الذاتي (التي اقترحتها بلاده) يتعزز جانبها مرة أخرى»، مشيرا إلى «البعد الإقليمي» للنزاع، و«مسؤولية بلدان الجوار وخصوصا الجزائر»، التي تدعم جبهة البوليساريو.
وعلق بوريطا على انسحاب عناصر جبهة البوليساريو أول من أمس من الكركرات، التي تبلغ مساحتها بضعة كيلومترات مربعة، بالقول: إن الجبهة «أجبرت على الخروج مطأطأة الرأس من الكركرات تحت ضغط مجلس الأمن، ولتفادي إدانة حازمة جدا»، موضحا أن «هذا يعزز جانب المغرب في موقفه بشأن وضع المنطقة العازلة، التي يجب أن تكون خالية من كل وجود عسكري، مع حركة مرور بلا اضطرابات واحترام وقف إطلاق النار».
كما أكد بوريطا، أن «المغرب سيستمر في مراقبة الوضع ميدانيا عن كثب»، مضيفا: إن «انسحاب جبهة البوليساريو يجب أن يكون كاملا وبلا شروط ودائما».
بدوره، شدد عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، على ضرورة التأكد من الانسحاب الكامل لمسلحي «بوليساريو»، مشيرا في تصريح صحافي عقب تصويت مجلس الأمن على قراره الجديد بشأن الصحراء، إلى أن إعلان انسحاب جبهة البوليساريو جاء نتيجة ضغط المجتمع الدولي، وتخوف «البوليساريو» من تعرضه للإدانة من طرف مجلس الأمن بسبب خرقه القانون واتفاق وقف إطلاق النار، عبر استمرار احتلال مسلحيه لمنطقة الكركرات، وعرقلتهم الرواج التجاري وقوافل المساعدات الإنسانية.
وقال هلال «لن تكون هناك عملية سياسية لتسوية قضية الصحراء إذا بقي ولو أثر واحد لجبهة البوليساريو بالكركرات»، مشيرا إلى تداول أخبار عن وجود «حافلة قيل أنها معطلة» تابعة للجبهة بالمنطقة.
وحمّل هلال إدارة الأمم المتحدة لحفظ السلام وبعثة «مينورسو» المسؤولية عن أي استمرار لوجود عناصر «البوليساريو» بالكركرات، مشيرا إلى أن هذه الهيئات هي التي أكدت مساء الجمعة «رحيل جميع عناصر البوليساريو»، وأضاف هلال مبرزا أن المغرب «يمهل إدارة عمليات حفظ السلام، وخصوصا (مينورسو) حتى نهاية الأسبوع الحالي للقيام بما يلزم من أجل إزالة أي أثر لجبهة البوليساريو في الكركرات».
وعبر هلال عن ارتياح المغرب للقرار الجديد لمجلس الأمن بشأن الصحراء. كما عبر عن امتنان المغرب للوفد الأميركي الذي أشرف على صياغة التقرير، الذي تبناه المجلس بالإجماع بعد تعديله مرات عدة، مشيرا إلى أن التقرير تضمن في نسخته الأولى إدانة صريحة لجبهة البوليساريو بسبب استمرار خرقها القانون الدولي عبر احتلال الكركرات. وعبّر التقرير في نسخته الثانية عن القلق العميق للمجلس إزاء استمرار الاحتلال المسلح للمنطقة الحدودية بين المغرب وموريتانيا، وإضرارها بالحركة التجارية بها، وأمهل «بوليساريو» 30 يوما للرحيل.
وأشار هلال إلى أن القرار الجديد لمجلس الأمن ثمن مجهودات المغرب لتسوية نزاع الصحراء، واصفا إياها بـ«الجادة والصادقة»، كما نوه بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، مضيفا أن دعوة مجلس الأمن الصريحة لكل الدول المجاورة إلى التعاون بشكل كامل مع الأمم المتحدة، ومع بعضها بعضا، من أجل إحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي، يضع الجزائر في موقع لا يسمح لها بالاستمرار في التملص من مسؤوليتها. كما أشاد هلال بالجانب المتعلق بضرورة تسجيل وإحصاء اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر)، وهو المطلب الذي ظل المغرب يدافع عنه وترفضه جبهة البوليساريو والجزائر. وقال هلال إنها المرة الأولى التي يشدد فيه مجلس الأمن وبإلحاح في المطالبة بإحصاء اللاجئين الصحراويين، مؤكدا ضرورة بذل كل الجهود من أجل ذلك. وجاء تقرير مجلس الأمن حول الصحراء في صالح المغرب بشكل عام؛ ففي مجال حقوق الإنسان، جاء التقرير مخيبا للمناوئين للمغرب، من خلال تنصيصه صراحة على تثمين مجلس الأمن الدولي لدور اللجان الجهوية للمجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان في مدينتي العيون والداخلة، وإشادته بالتجاوب المغربي مع التدابير الخاصة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».