مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

أصل أزماتها الفقر والبطالة.. والتفاعل مع أحداث المنطقة

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية
TT

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

باتت مدينة معان الأردنية (جنوب) في السنوات الأخيرة، مصدر صداع دائم للحكومات الأردنية المتعاقبة، بعد أن كانت مركز انطلاق للقيادة في تحقيق حلم الثورة العربية الكبرى في مطلع القرن الماضي.
وشهدت المدينة ذات التاريخ الضارب في الجذور، أحداثا متتالية خلال الأعوام الماضية، تباينت أسبابها من سياسية إلى اقتصادية إلى اجتماعية، تدفع بأهلها إلى الثورة والاهتياج دائما. لكن العنصر الاقتصادي يظل دائما هو الأبرز في كل الاضطرابات التي شهدتها المدينة، خاصة في العامين الأخيرين.
وتعاني معان أزمات كثيرة، وتشتكي الفقر والبطالة وتدني الخدمات، وتتكون من تركيبة عشائرية متنوعة، وفوق ذلك فالمدينة تتفاعل مع أحداث المنطقة والإقليم بدءا من الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج والانتفاضة الفلسطينية وآخرها الأزمة السورية.
وشهدت المدينة أعمال عنف وشغبا الأيام الماضية على خلفية مقتل شاب على أيدي عناصر الدرك الأردني، وجرى احتواء هذه الأحداث بعد وساطة عدد من وجهاء المدينة وشخصيات أردنية. وتصاحب أعمال العنف دائما عمليات حرائق وتكسير ودمار للمؤسسات الحكومية والمحال التجارية.
تقول السلطات دائما إن حملاتها الأمنية على المدينة لا تستهدف أهالي المدينة الشرفاء، وإنما تستهدف مطلوبين للعدالة. ويقول وزير الداخلية حسين المجالي إن «الأجهزة الأمنية لم تستهدف أي شخص بفكره السياسي أو العقائدي أو أي تجمع أهلي، والمطلوب هم الخارجون عن القانون». وقال إن «الدولة الأردنية ليست عاجزة عن جلب المطلوبين على قضايا جرمية، إذ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 158 مطلوبا وتبقى 19 شخصا فقط».
ويحذر نواب في البرلمان من سيناريو خطير في المدينة، مشيرين إلى أن ملفها ظل مفتوحا منذ عام 1989، وأن المدينة تعرضت لصورة مشوهة ومقصودة، والبعض صورها مدينة خارجة عن القانون. وعبر سياسيون ومراقبون عن أسفهم لما آلت إليه الأمور في مدينة معان، داعين إلى أهمية تعزيز الأمن وسيادة القانون. وقالوا إن الحل الأمني لم يفلح يوما في معالجة المشكلات، فمشكلة معان ليست وليدة الساعة، ولكنها محصلة أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية قابعة منذ عقود.
يقول الدكتور سعد أبو دية، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية (أحد أبناء المدينة)، لـ«الشرق الأوسط»، إن القاسم المشترك في المشاكل تاريخيا يعود إلى سوء الإدارة التي ارتبطت بالاقتصاد أو بالأمن على الأغلب. وأضاف أن «الإدارة الناجحة يمكن أن تنقذ ما يمكن إنقاذه بالمبادرات والمتابعات، وهذا شيء شبه مفقود في إدارة أزمة معان عبر السنين».
ويشير أبو دية إلى أن مشكلة معان بدأت عام 1983، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، بعد اندلاع أزمة الشاحنات العاملة على خط ميناء العقبة - العراق، حيث إن معظم أبناء المدينة كانوا يعملون في هذا الحقل. ويشير إلى أن الإدارة ساهمت وقتها في تفاقم هذه الأزمة عندما سمحت باستيراد شاحنات أفضل من الموجودة مما عطل عمل الشاحنات التي يعمل بها أبناء البلدة. وسهلت تعليمات الحكومة الفرصة للشاحنات الجديدة على حساب القديمة، وعلى أثرها تضرر أبناء معان أكثر بسبب اعتمادهم الكبير على هذا القطاع. وشاركهم أبناء مدينة الرمثا في الشمال في هذه المشكلة، ولكن بصورة أقل ضررا.
وزاد الموقف سوءا في الوقت ذاته وقوع مشكلة أخرى في معان، وهي مشكلة الأراضي؛ إذ إن سكان معان انحصروا في داخل المدينة، وليس لهم أرض في الخارج، وهنا تشددت الحكومة في هذا الموضوع. وهكذا صارت هنالك قضيتان: الشاحنات والأراضي.
ويؤكد أبو دية أن الإدارة المحلية لم تحسن التصرف، ولو فعلت لامتصت الغضب الشعبي. ورغم أن الصحافة العربية في أوروبا أشارت للمشكلة آنذاك، فإن أصوات الإدارة كانت أقوى من صوت معان ولم تحدث أي مبادرة لحل المشكلة، بل جرى تهميشها والتعامل معها على أساس أنها مجرد «شغب».
غياب التنمية:
لم تلتفت السلطات المحلية لقضية أهالي معان وتخلف المنطقة اقتصاديا، ولم يحصل أي تطور في قضية أراضيها، ونتج عن ذلك عيوب أصبحت مزمنة، نتيجة لسوء الإدارة، وتجاهل السلطات المركزية.
وتسببت معالجات الإدارة المحلية في أحداث عنيفة وقعت في 17 أبريل (نيسان) عام 1989 فيما عرف بـ«هبة نيسان»، التي حصلت بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبنزين. وكانت الشرارة التي هزت أركان البلاد وتدخل فيها الملك الراحل الحسين بن طلال وقال قولته المشهورة: «إن هذا من سمات الشعوب الحية».
وفي أحداث ارتفاع أسعار الخبز 1996 كان لمدينة معان نصيب في الاحتجاجات ثم تكررت عام 1998، وهي المرة الوحيدة التي كانت أسبابها غير اقتصادية وغير إدارية؛ ذلك أنها ارتبطت بزيارة النائب ليث شبيلات (المعارض) التي أظهرت تضامنا ضد الضربة الأميركية للعراق.
ويقول أبودية: «في عام 2002 وقعت أزمات أشد، وكان تصرف الإدارة فيها قاسيا، إبان حكومة علي أبو الراغب؛ فقد جرى استخدام القوة دون مبرر، إذ جرى اقتحام معان عسكريا، مما كان له ردود فعل غاضبة ظلت في ذاكرة أبناء المدينة، علما بأن الأسباب هذه المرة ارتبطت بإلقاء القبض على مطلوبين متهمين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة والأراضي الفلسطينية»، حسبما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية حينها.
ويواصل أبودية حديثه قائلا: «في العام الماضي والحالي تكررت نفس الأخطاء الإدارية المحلية، التي لم تراع أمرا مهما وهو أن حسن الإدارة وتطبيق قاعدة (أرسل حكيما ولا توصه) وأن (الحاضر يرى ما لا يراه الغائب)، إذ إن شكوى أهل معان من قطاع الشرطة تحديدا مستمر منذ يونيو (حزيران) 2013 بسقوط ضحايا في تصفيات ميدانية، علما بأنهم مطلوبون لسرقات أو تهريب بضائع من العقبة فقط».
ويتساءل أهل معان: «لماذا تطبق الحكومة إجراءات وقائية في جنوب عمان وتعتمد على العمل الاستخباري في حين أنها في معان تقوم بتصفية ميدانية مثلا، ولا تعتمد العمل الاستخباري حتى لا تريق دما؟».
يضيف الأكاديمي الأردني: «في يونيو (حزيران) 2013 سقط ضحايا.. هم شباب صغار في السن.. ليس لهم وظائف.. وفي مطلع عام 2014 سقط آخر في تصفية ميدانية وكانت الرواية الأمنية غير عادلة؛ إذ إنها تحدثت عن تبادل إطلاق نار.. وقد قابلت الشخص المرافق للقتيل وحدثني أنهما كانا أمام محل شاورما في تلك اللحظة».
وفي مارس (آذار) الماضي سقط شاب (19 سنة) في عملية تصفية ميدانية أيضا، وذكرت الروايات الرسمية أن هذا الشاب من أهل «السوابق» وذكرت أن عليه 79 سابقة.. والسؤال: كيف جمع هذا العدد من الأسبقيات وهو في هذا السن؟ «يمكن أن يكون في موسوعة غينيس للأرقام القياسية».
وسبب الشكوى المستمرة عند أهل معان أن هذه التصفيات لا مبرر لها ولا تطبق في مكان آخر في الأردن، بسبب السرقة، إذ إن كل السرقات في معان لا تصل إلى ثمن سيارة مسروقة في جنوب عمان. والخلاصة أن هناك أسبابا مباشرة، وهي عدم كفاءة الإدارة في التعامل مع هذه القضايا.
ويختم أبو دية قوله إن القاسم المشترك في أحداث معان كلها ارتبط بالاقتصاد، وزاد الطين بلة سوء الإدارة وعدم المتابعة من قبل الحكومات المتعاقبة. «هناك أمور أخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند الدخول في بعض التفاصيل، وهي عدم مشاركة أبناء المدينة في الوظائف القيادية والمهمة في عمان، مثل الديوان الملكي والرئاسة والخارجية. وباختصار العلاج ليس صعبا لو توفرت إدارة وإرادة سياسية ترغب في الحل».
لكن السلطات دائما ترد بأن حملاتها الأمنية على المدينة لا تستهدف أهالي المدينة الشرفاء، وإنما تستهدف المطلوبين للعدالة. وقال وزير الداخلية حسين المجالي أمام مجلس النواب أخيرا إن «الأجهزة الأمنية لم تستهدف أي شخص بفكره السياسي أو العقائدي أو أي تجمع أهلي، والمطلوبون هم الخارجون عن القانون». وقال إن «الدولة الأردنية ليست عاجزة عن جلب المطلوبين على قضايا جرمية، إذ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 158 مطلوبا وتبقى 19 شخصا فقط».
وفي الأحداث الأخيرة في أبريل الماضي قتل شاب وهو خارج إلى المسجد بالخطأ خلال مداهمة قوات الأمن أحد الأحياء لإلقاء القبض على أحد المطلوبين، الأمر الذي أثار حفيظة الأهالي، مما حدا برئيس البلدية، ماجد الشراري، إلى إعلان الحداد في المدينة لمدة ثلاثة أيام، متهما الأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات عشوائية بحق سكان المدينة، كما اتهم وزير الداخلية وقادة الأجهزة الأمنية بحياكة ما وصفه بـ«المؤامرة» ضد أهالي معان.
وقرر الشراري تعليق الدوام طيلة فترة الحداد؛ حيث أغلقت بنوك ودوائر حكومية ومحال تجارية أبوابها استجابة لرئيس البلدية. فعد الشراري أن الحكومة فشلت بإدارة الأزمة مع سكان المدينة، مبينا أنه لا بد من المكاشفة وتوضيح الحقائق. وأكد أن المدينة تعيش تهميشا وإقصاء من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث انعدام التنمية وفشل المشاريع فيها.
وأشار الشراري إلى حالة الفراغ الأمني وسط المدينة منذ سنوات، التي تجلت في مظاهر أبرزها «عدم وجود الأمن وعدم قيام الأمن بالدور المنوط به، خاصة مع ترحيل مركز أمن المدينة من وسط البلدة وعدم قيامها بتنفيذ الأحكام القضائية وإلقاء القبض على المطلوبين بأسلوب الأمن الاستخباري».
وانتقد قيام الحكومة بانتهاج سياسة مرفوضة قانونيا وشعبيا من خلال إجراءات «غير مسؤولة» في الملاحقة والانتهاء بالقتل، مما ولد الاحتقان لبعض المطلوبين أمنيا وسرعة مشاركتهم في أعمال التخريب والشغب عند تنظيم أي موقف احتجاجي.
وطالب الشراري «بمحاسبة بعض المسؤولين ممن ساهموا في الوضع المحتقن داخل المدينة، إلى جانب مناقشة قضايا المدينة العالقة منذ سنوات للخروج من الأزمة المتفاقمة والمتراكمة، حتى يجري تجاوز السلبيات والبدء بمشروع وطني مشترك مع الحكومة لإيجاد حلول تساهم في إنهاء الأزمة من جذورها».
وطالت أعمال الشغب والحرق ثلاثة أفرع لبنوك ومؤسسة حكومية في المدينة واستخدمت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق محتجين عمدوا إلى إغلاق بعض الشوارع الرئيسة والفرعية بالحجارة والإطارات المشتعلة، فيما تعرضت آلية مدرعة إلى «العطب».
ورد ملثمون مجهولون بإطلاق النيران على المراكز الأمنية والمقار الحكومية من المنازل دون التبليغ عن وقوع إصابات، فيما أرسلت تعزيزات أمنية للمدينة للسيطرة على الوضع إلا أن هذه القوات سرعان ما انسحبت إلى خارج المدينة نتيجة مهاجمتها من قبل الأهالي.
من جهته، رأى رئيس لجنة متابعة قضايا معان الدكتور محمد أبو صالح أن معالجة الأزمة في معان تجري من خلال اعتراف جميع الأطراف بالأخطاء التي يرتكبونها وتحمل مسؤولية هذه الأحداث، مطالبا بإقالة الحكم المحلي في المحافظة لإيجاد أرضية مناسبة للشروع بالدخول وبدء حوارات مسؤولة معها وبحث حلول مناسبة للخروج من الأزمة بعيدا عن الاحتقان والتشنج كون هذه القيادات جزءا من المشكلة القائمة الآن.
وطالب أبو صالح في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» بتفعيل آليات التنمية المحلية داخل المدينة من خلال إجراءات حكومية حقيقية تهدف إلى معالجة جميع المشاكل الاجتماعية والأمنية الموجودة في المحافظة، فضلا عن تعزيز وتفعيل دور المؤسسات الأمنية داخل المحافظة من خلال العمل على تطبيق القانون والحفاظ على كرامة المواطن، إضافة إلى تعزيز أطر التعاون بين أجهزة الأمن ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد وسد الفراغ الأمني داخل وسط المدينة، بحيث يؤدي الدور في خدمة المجتمع والحفاظ على حقهم وإشاعة الأمن واستقرار المدينة.
وقال أبو صالح: «إن لغة التهديد التي يتحدث بها وزير الداخلية لن تجدي نفعا مع أبناء معان، كونها اتهاما لأبناء المدينة بالدفاع عن الخارجين عن القانون، وهذا يتناقض تماما مع مطالبنا بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز»، مؤكدا أن هذه التهديدات هي تبرير لفشل السياسات الأمنية التي اتبعتها الحكومة المحلية بالتعامل مع قضايا المواطنين، وخاصة الخارجين عن القانون، حسبما تسميهم الأجهزة الأمنية.
وأضاف أن «معان لم ولن تأبه لتلك التهديدات، بل بالعكس ستزيدها عزما وتصميما على المطالبة بحقوقها ومحاسبة من يرتكب الأخطاء بحقها، فنحن مع القانون إذا كان من يطبق القانون يحترم القانون، ولكن المعطيات والتناقضات التي تتعامل بها الحكومة المحلية وبدعم من وزارة الداخلية هي التي خلقت الأزمات وأدت إلى حدوث هذه الأحداث، فنحن نطالب بتحقيق من جهات يتمتع بالمصداقية والحيادية لإطلاع الشارع الأردني على الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن في معان وعدم المصداقية في التعامل مع قضايا المدينة من قبل الأجهزة المعنية، وجعل نحو 80 في المائة من أبناء المدينة في خندق واحد ضد الإساءة والتصرف غير المسؤول من قبل الأجهزة الرسمية».
* واقع المدينة:
صدر تقرير رسمي أخيرا حول واقع التنمية ونسب الفقر والبطالة في معان أثار تساؤلات وانتقادات فاعليات شعبية ومهتمين بالشأن التنموي في المحافظة، بعد أن أظهرت نتائجه أن المحافظة تتصدر أعلى نسب للفقر بواقع 26.6 في المائة مقارنة بـ14.4 على مستوى المملكة.
كما أظهر التقرير أيضا أن معان تحتل ثاني أعلى نسبة للبطالة وهي 19 في المائة مقارنة بـ12.2 في المائة على مستوى المملكة. وأرجعت هذه الفاعليات ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المحافظة إلى ضعف النشاط الاقتصادي وتدني حجم الاستثمارات الأجنبية والمحلية في معان رغم أنها تربض فوق مخزون من الموارد الطبيعية غير المستغلة.
من ناحيته، حذر القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي محمد الشلبي الملقب بـ«أبو سياف» من النهج السياسي الأمني في المدينة من قبل بعض المسؤولين مما قد يؤدي إلى حدوث مواجهات مع قوات الأمن، مشددا على أن التيار السلفي ليست له أي علاقة بأحداث معان، مبينا أن أي مشاركة للتيار، لا قدر الله، ستقلب الأمور رأسا على عقب ويكون الجميع خاسرا فيها بما فيه الوطن.
وبين أن الرايات السوداء التي ظهرت بشكل لافت في المدينة ترتفع قبل عشرات السنين في البلدة، أي قبل وجود جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية، وهي راية العقاب، حيث كانت ترفع سابقا في المناسبات أو للتعبير عن حالات وردود فعل غاضبة، فليس المقصود منها جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية، والمواطنون يعدونها راية إسلامية.
ولفت أبو سياف إلى جهود متواصلة من قبل التيار للتهدئة وضبط النفس، خوفا من تفاقم الأمور ووقوع ما لا تحمد عقباه، محملا أجهزة الحكومة مسؤولية ما يحدث في المدينة «لعدم تقديرها ودراستها الوضع القائم هناك وامتصاص غضب المواطنين بدل استفزازهم».
إلا أن الدكتور أبو صالح قال إن ما يشاع من تشكل قاعدة لجبهة النصرة وتنظيم داعش في معان هو من أجل إعطاء تبرير لدى الأجهزة الأمنية لاقتحام البلدة والبحث عن أسلحة مزعومة يجري تهريبها إلى سوريا.
وكان وزير الداخلية الأردني، حسين المجالي، قد قال أمام مجلس النواب إن أعمال الشغب التي شهدتها معان، كانت من قبل «فئة خارجة عن القانون وأرباب السوابق». وأضاف المجالي أن هذه الأعمال تخللها اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة تمثلت بحرق ثلاثة بنوك ومبنى ضريبة الدخل واعتداء على مدرستين داخل المدينة.
وأشار إلى استمرار الاعتداء المتمثل في إلقاء الزجاجات الحارقة وإطلاق النار على القوة الأمنية الموجودة في المدينة لبسط السيطرة الأمنية والنظام العام.
وتسعى القوة الأمنية لإلقاء القبض على تلك الفئة وضمان أمن وطمأنينة المواطنين داخل مدينة معان وإنهاء حالة العبث بأمنهم من قبل هذه الفئة، حسب المجالي. وقال المجالي إن الذين قاموا بالاعتداء تعمدوا إعاقة عملية إسعاف خمسة من المصابين من قوات الدرك (جهاز أمني تابع لوزير الداخلية) ونقلهم إلى مستشفى معان الحكومي.
وحول بداية الأحداث وما أعقبها من تطورات، قال المجالي إن قوات الدرك تعرضت لإطلاق نار من أسلحة أوتوماتيكية من إحدى البنايات داخل المدينة ومركبة يستقلها عدد من ذوي السوابق والخارجين عن القانون أثناء قيام أفرادها بواجبهم بحثا عن مطلوبين أمنيا.
وتابع أن «هذا دعا قوات الدرك إلى استخدام القوة المناسبة، ما نجم عنه وفاة أحد الأشخاص وإصابة آخر إصابة بليغة، بالإضافة إلى أضرار مادية جسيمة بآليات قوات الدرك».
وأكد أن «العملية الأمنية في مدينة معان مستمرة وتستهدف عددا محدودا من الخارجين عن القانون والمطلوبين قضائيا وأمنيا وكل من يثبت تورطه بحادثة الاعتداء على قوات الدرك وأعمال الشغب وما رافقها من اعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة وترويع المواطنين».
ونفى وجود حملة أمنية في معان، واصفا ما يحدث بـ«إجراءات من أجل القبض على 19 مطلوبا من الخارجين عن القانون وبسط الأمن هناك».
وحذر بالقول إن الدولة «لن تسمح لأي فئة في شتى مناطق المملكة بالتطاول على القانون وسيادته تحت أي ظرف كان».



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.