بابا الفاتيكان يترأس قداساً في القاهرة بحضور الآلاف

دعا البابا فرنسيس اليوم (السبت) إلى نشر ثقافة الحوار، وذلك خلال ترؤسه قداسا احتفاليا في القاهرة بحضور آلاف الكاثوليك المصريين من كل الطوائف، في اليوم الثاني والأخير لزيارته لمصر.
واعتبر البابا الذي وصل الجمعة إلى مصر حاملا رسالة «وحدة وأخوة»، أن «الإيمان الحقيقي هو ذاك الذي يحثنا على أن ننشر ثقافة اللقاء والحوار والاحترام والأخوة».
وحضر القداس نحو 15 ألف شخص، وفقا للفاتيكان، أي قرابة نصف سعة استاد الدفاع الجوي التابع للجيش (30 ألفا) الذي أقيم فيه القداس في ضاحية التجمع الخامس بشرق القاهرة.
وطغت أجواء الفرح والحماسة على الحضور، الذين اعتبروا أن زيارة البابا «تمسح حزن» المسيحيين المصريين بعد اعتداءين ضد كنيستين في التاسع من أبريل (نيسان) الحالي، أوقعا 45 قتيلا وتبناهما تنظيم داعش الإرهابي.
وقال بابا الفاتيكان في عظته، إن «الإيمان الحقيقي هو ذاك الذي ينعش القلوب ويدفعها إلى محبة الجميع مجانا، دون تمييز ولا تفضيل، هذا ما يقودنا إلى أن نرى في القريب، لا عدوّا علينا أن نهزمه، بل أخا علينا أن نحبه ونخدمه ونساعده».
وأضاف البابا فرنسيس، إن «التطرف الوحيد الذي يجوز للمؤمنين إنما هو تطرف المحبة».
ودخل البابا إلى الاستاد ليترأس القداس في عربة غولف مكشوفة، وجاب بها الاستاد محييا الحضور، وتوقف عند مجموعة من الأطفال يرتدون زيا فرعونيا واستقبلهم مبتسما وفاتحا ذراعيه.
وأطلقت في سماء الاستاد بالونات صفراء وبيضاء علقت فيها صورة للبابا، وكتب عليها شعار زيارته لمصر، وهو «بابا السلام في مصر السلام»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان البابا محاطا برجال أمن في زي مدني، كما كانت مروحية تحلق في سماء الاستاد في إطار إجراءات الأمن المشددة التي اتخذتها السلطات.
وأنشدت جوقة ترانيم، ترحيبا بالبابا.
وكان آلاف الأقباط قد بدأوا في التوافد منذ ساعة مبكرة صباح السبت إلى الاستاد، حيث اصطفت عشرات الحافلات والسيارات في طوابير لعبور نقاط التفتيش التي أقامتها الشرطة التي انتشرت بكثافة في المكان، مدعومة بقوات الحرس الجمهوري.
وتمسك بيدها قبعة أنيقة، للدخول إلى الاستاد. وقالت إنها سبق أن رأت البابا في الفاتيكان، ولكن رؤيته في مصر «شيء آخر».
وأضافت: «إننا سعداء ولا مشكلة لدينا في الانتظار»، مضيفة: «إننا نشعر بالفخر لوجوده في مصر، فهي رسالة بأننا لا نزال نقف على قدمينا، وأن الوضع آمن، وأننا أقوى من أي وقت مضى» رغم الاعتداءات التي استهدفت المسيحيين المصريين.
وبعد غداء مع أساقفة مصريين، سيلتقي البابا فرنسيس كهنة المستقبل الذين يدرسون في معهد ديني للأقباط الكاثوليك في جنوب القاهرة.
ومن المقرر أن يغادر البابا فرنسيس مصر عصراً، في ختام زيارة مدتها 27 ساعة، أحيطت بتدابير أمنية شديدة.
وتوجد في مصر أقلية كاثوليكية صغيرة يبلغ عدد أفرادها 270 ألفا، أي 0.3 في المائة من الشعب المصري، ويعود وجودها في مصر إلى القرن الخامس.
وكان البابا فرنسيس قد شارك مساء أمس (الجمعة) مع بابا الأقباط تواضروس الثاني، في صلاة في الكنيسة البطرسية في القاهرة، التي استهدفها تفجير انتحاري تبناه تنظيم داعش، وأوقع 29 قتيلا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي كلمة قصيرة في الكاتدرائية المرقسية قبيل هذه الصلاة، أعرب البابا فرنسيس عن تضامنه مع «شهداء» الأقباط في هذا التفجير، وفي اعتداءين آخرين أعقباه ضد كنيستين قبطيتين وأوقعا 45 قتيلا في التاسع من أبريل الحالي.
وقال: «أريقت للأسف مؤخرا دماء بريئة لمصلين عزل وبقسوة... آلامكم هي أيضا آلامنا. دماؤهم الزكية توحدنا».
كما وقّع البابا فرنسيس، وهو يرتدي زيه الأبيض والبابا تواضروس الثاني بزيه الأسود، وثيقة «إخاء وصداقة» تشير إلى التراث المسيحي المشترك، على الرغم من الخلافات التي أدت إلى تباعد الكنيسة الكاثوليكية عن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية.
وشددت الوثيقة على أن «أواصر الصداقة والأخوّة العميقة، التي تربطنا، تجد جذورها في الشركة التامّة التي جمعت كنائسَنا في القرون الأولى».
وتضمنت دعوة إلى الوفاق بين المسلمين والمسيحيين في العالم. وأكدت: «إننا نسعى جاهدين إلى الصفاء والوئام عبر التعايش السلمي بين المسيحيين والمسلمين».
وتعد زيارة البابا فرنسيس ثاني زيارة لبابا الفاتيكان إلى مصر، بعد 17 عاما على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني».