الاحتلال يعتدي على مظاهرات التضامن مع الأسرى بالرصاص

تصعيد واسع وصولاً إلى «يوم الغضب الكبير»... ومشعل يتعهد «إجبار الاحتلال» على إطلاقهم

أقارب أسرى خلال مظاهرة تضامنية أمام قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)
أقارب أسرى خلال مظاهرة تضامنية أمام قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

الاحتلال يعتدي على مظاهرات التضامن مع الأسرى بالرصاص

أقارب أسرى خلال مظاهرة تضامنية أمام قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)
أقارب أسرى خلال مظاهرة تضامنية أمام قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)

أصيب ما لا يقل عن 50 فلسطينيا، يوم أمس، خلال مظاهرات «يوم الغضب»، التي انطلقت بعد صلاة الجمعة من المسجد الأقصى المبارك للتضامن مع إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي عن الطعام، بعد دخوله اليوم الثاني عشر، في حين قال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أمس، إن حركته «ستجبر إسرائيل على دفع الثمن للإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين داخل سجونها، وإن الزمن لتحقيق ذلك لن يطول».
وأعلنت «اللجنة الوطنية لإسناد الإضراب»، أنها ستواصل اليوم السبت، الفعاليّات الشعبية بالوجد في خيام الاعتصام، فيما يكرس يوم غد الأحد للصلوات في الكنائس الفلسطينية، التي ستقرع أجراسها إسنادا للأسرى وسيخصص الكهنة والرهبان كرزاتهم لموضوع الإضراب، ثم ينضم رجال الدين المسيحيون والمسلمون للمشاركة في خيم الاعتصام تأكيدا على لحمة أبناء الشعب الواحد خلف أسراه. وستشارك الفرقة القومية والفرق الفلكلورية وتصدح بأغاني الثورة وأناشيد الانتفاضة والحرية في كل مكان من ربوع بلادنا وأمام خيم الاعتصام، وستخصص المحطات المحلية موجات مفتوحة في بث موحد نصرة للأسرى المضربين.
وقررت اللجنة دعوة الجمهور إلى المشاركة بالألوف في التصعيد الكبير يوم الثلاثاء القادم، حيث ستتوجه المسيرات السلمية في جميع البلدات الفلسطينية إلى نقاط الاحتكاك والتماس مع حواجز جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة وإلى مفارق الطرق لقطع الطرق الالتفافية أمام المستوطنين وإغلاق الشوارع في القرى والأرياف أمامهم. ويبدو أن هذا التصعيد يقف وراء الممارسات القمعية التصعيدية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في يوم أمس.
وكانت الجماهير الفلسطينية قد أقامت صلوات الجمعة في الساحات المركزية، بالإضافة إلى المساجد. والتحم المصلون مع المتظاهرين في مسيرات اجتاحت جميع البلدات الفلسطينية، بعدما أعلن عن يوم أمس كيوم الغضب على سياسة مصلحة السجون الإسرائيلية ضد الأسرى وتضامنا مع الأسرى المضربين في يومهم الثاني عشر. وقد تصدت قوات الاحتلال للمتظاهرين، خوفا من الوصول إلى الحواجز العسكرية أو المستوطنات. وبعدما أقيمت خيمة اعتصام في كل بلدة فلسطينية، تضامنا مع الأسرى، وتحولت هذه الخيم إلى مهرجانات خطابة وأناشيد وطنية، هاجمت قوات الاحتلال إحداها، ظهر أمس، في مخيم العروب شمال مدينة الخليل. وقد استخدمت كل أدوات القمع، بما في ذلك إطلاق الرصاص الحي فوق رؤوس المعتصمين. وعندما رد المعتصمون بالتدفق نحو السيارات العسكرية الإسرائيلية وهم يقذفون الحجارة، انسحبت هذه القوات وهي تطلق على المتظاهرين قنابل غاز الفلفل الحارق والغاز المسيل للدموع ثم الرصاص المطاطي.
وتم تكرار هذه الهجمات في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس، مما أدى إلى إصابة عدد كبير من المواطنين بالاختناق أو بجروح أقسى. وأوضح الهلال الأحمر الفلسطيني، أن طواقم الهلال تعاملت مع 28 حالة استنشقت الغاز المسيل للدموع أمام سجن «عوفر» غرب مدينة رام الله المحتلة. وأصيب ثلاثة شبان بالرصاص الحي و«التوتو» خلال المواجهات المندلعة في قرية النبي صالح شمال رام الله، وآخر بالرصاص الحي بالقدم في بلدة سلواد شرق رام الله، فيما أصيب العشرات بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جنود الاحتلال اتجاه المتظاهرين. ومن بين الإصابات في قرية النبي صالح، رصاصة حية في الركبة، واصبة بالتوتو في الرأس، وأخرى بالتوتو في القدم. وفي بلدة سلواد شرق رام الله، أصيب شاب بالرصاص الحي في الساق، في حين أصيب العشرات بالاختناق الشديد، خلال المواجهات العنيفة المندلعة في البلدة.
واندلعت مواجهات بين عشرات المواطنين وقوات الاحتلال، على مفرق بيتا جنوب نابلس، بعد أن أطلقت قوات الاحتلال العشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي باتجاه المواطنين وأصيب 10 مواطنين بحالات اختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، فيما أصيب شاب برصاص مطاطي بالقدم.
وفي القدس نُظمت في المسجد الأقصى، عقب صلاة الجمعة، وقفة لأهالي الأسرى المقدسيين تضامنا مع أبنائهم في سجون الاحتلال، فيما شدد خطيب المسجد على ضرورة مساندة الأقصى ونصرتهم حتى تحقيق مطالبهم العادلة. وقد حمل المشاركون صورا لأبنائهم الأسرى وشعار «ماء وملح»، ورفعوا العلم الفلسطيني وراية «لا إله إلا الله»، كما رددوا الهتافات المناصرة للأسرى. وأكد أهالي الأسرى أن مطالب أبنائهم عادلة ومشروعة، مطالبين أحرار العالم تنظيم فعاليات مستمرة في كل المناطق حتى تحقيق مطالب أبنائهم، كما طالب الأهالي مؤسسة الصليب الأحمر تكثيف زيارة المضربين عن الطعام والضغط على حكومة الاحتلال لتحقيق المطالب.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية، بأن 30 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وتحدث خطيب المسجد الأقصى الشيخ إسماعيل نواهضة عن إضراب الأسرى عن الطعام لنيل حقوقهم الإنسانية والعادلة. وشدد نواهضة على ضرورة نصرة الأسرى وهم داخل سجون الاحتلال وبعد تحريرهم منها، مطالبا وسائل الإعلام إبراز قضية كافة الأسرى، كما طالب المسؤولين عدم التمييز بين الأسرى المحررين في الوظائف والامتيازات، مطالبا بالضغط للإفراج عن الأطفال الفلسطينيين وعدم سلبهم طفولتهم.
وفي حي العيساوية في القدس، أصيب طفل فلسطيني، برصاص الاحتلال، في أثناء مواجهات. وقال شهود عيان إن عددا من الشبان الفلسطينيين ألقوا الحجارة والزجاجات الحارقة على قوات الاحتلال التي اقتحمت في بلدة العيسوية، واستخدمت قوات الاحتلال الغاز المسيل للدموع والرصاص في تفريق المتظاهرين.
* عرس في خيمة الاعتصام
وفي خيمة الاعتصام القائمة في وسط مدينة رام الله، اختار الشاب رضوان القطري وعروسه الشابة سماح القطري، من مخيم الأمعري للاجئين، عقد قرانهما. فقد حضرا إلى خيمة التضامن الدائمة والمركزية، المقامة على دوار الشهيد ياسر عرفات وسط مدينة رام الله، لإسناد الأسرى. وقال العريس، وهو شقيق الشهيد عيسى القطري، الذي كان قد استشهد قبل ثلاث سنوات قبل أيام من عرسه برصاصة من جندي احتلالي خلال اقتحام المخيم، إن هذا هو أشرف مكان يقيم فيه عرسه. وأما العروس فقد تمنت على أبناء الشعب الفلسطيني كله التضامن مع الأسرى، لأنهم جزء من هذا الشعب، ولا يكفي فقط القول بالتضامن وإنما من الضروري ربط الأقوال بالأفعال.
من جهته قال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن حركته «ستجبر إسرائيل على إطلاق الأسرى ودفع الثمن، وإن الزمن لتحقيق ذلك لن يطول». وأضاف مشعل، في كلمة بثتها فضائية القدس «لن يطول الزمن حتّى يعود الأسرى لعائلاتهم». وأضاف: «ساهمنا في السابق في الإفراج عن معتقلين فلسطينيين، ونحن قادرون الآن على إجبار إسرائيل على دفع الثمن كي تفرج عن المعتقلين».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».