شيخ الأزهر: الإرهاب يقتل المسلمين قبل المسيحيين

شدد على دور القادة الدينيين في تفعيل مبادرات العيش المشترك

جانب من فعاليات الجولة الخامسة من جولات الحوار بين حكماء الشرق والغرب الذي احتضنته القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من فعاليات الجولة الخامسة من جولات الحوار بين حكماء الشرق والغرب الذي احتضنته القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

شيخ الأزهر: الإرهاب يقتل المسلمين قبل المسيحيين

جانب من فعاليات الجولة الخامسة من جولات الحوار بين حكماء الشرق والغرب الذي احتضنته القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من فعاليات الجولة الخامسة من جولات الحوار بين حكماء الشرق والغرب الذي احتضنته القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أكد مُلتقى إسلامي - مسيحي الذي احتضنته القاهرة أمس أن «المواطنة هي الرد العملي على جماعات الإرهاب التي تُضلل عقول الشباب شرقا وغربا، وترسخ في أذهانهم وتصوراتهم أفكارا خاطئة حول الإسلام»، داعيا الدول الأوروبية ألا تفرق بين المسلمين والمسيحيين عند استقبالها للاجئين من مناطق النزاعات.
وقال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب خلال الجولة الخامسة من جولات الحوار بين حكماء الشرق والغرب، التي احتضنتها مشيخة الأزهر بوسط القاهرة أمس، إن «الإرهاب يقتل المسلم قبل المسيحي... ولقاء اليوم يأتي للنقاش حول دور القادة الدينيين في تفعيل مبادرات المواطنة والعيش المشترك»، وهو الموضوع المُرشح لأن يكون موضع اهتمام القادة الدينيين في العالم العربي والإسلامي، باعتباره التحدي الأكبر الآن في ظل دعوات الإرهاب وتنظيراته، التي تحاول أن تضلل عقول الشباب شرقا وغربا، وتُرسخ في أذهانهم وتصوراتهم أفكارا خاطئة حول دولة الإسلام، ومحاولة استعادة مفاهيم ومصطلحات تجاوزها الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية منذ سقوط «الخلافة العثمانية»، مشيرا إلى أنه في ظل هذه التحديات «تصبح قضية المواطنة» هي القضية الأولى التي يجب أن يتحدث فيها قادة الأديان، لأنها الرد العملي على هذه الأوهام التي تجد من الدعم المادي والأدبي ما خيل لهؤلاء المتوهمين (أي الجماعات الإرهابية)، أن العمل على تحقيق هذه الأوهام جهاد في سبيل الله، حسب تعبيره.
وأكد الطيب أنه ليس هناك شك في أن المواطنة تعد الضامن الأكبر لتحقيق المساواة المطلقة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين، ومن هذا المنظور فإن التحدي الأكثر حضورا في المجتمعات الغربية هو التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا، باعتبارها ظاهرة شديدة الخطر إذا لم تواجه بتبيان حقيقة الأديان وفلسفاتها، ومقاصدها في إسعاد الإنسان، والارتقاء به في مدارج الكمال الروحي والعقلي والخلقي، محذرا من أن تتطور ظاهرة «الإسلاموفوبيا» اليوم إلى ظاهرة «الدينوفوبيا» في الغد القريب.
كما شدد شيخ الأزهر على أن صراع الأديان السماوية اليوم لا يمكن أن يعالج إلا بإزالة ما بينها من توترات وموروثات تاريخية، موضحا أنه لا يصح أن نستدعيها في الوقت الذي نواجه فيه معركة طويلة مع أعداء الأديان، وطالب بالحذر من أكاذيب الإعلام التي تربط الإرهاب بالإسلام، و«تتهم المسلمين باضطهاد مواطنيهم من المسيحيين، وأن الإسلام - أو الأزهر في أحدث مسرحياتهم المفضوحة - وراء التفجيرين الإرهابيين الأخيرين، فمثل هذه الأكاذيب لم تعد تنطلي على عاقل يقرأ الأحداث وما وراءها قراءة صحيحة»، مبرزا أن الحقيقة التي يثبتها الواقع هي أن «الإرهاب يقتل المسلمين قبل المسيحيين، وستعلمون بعد ذلك أن الإرهاب لا دين له ولا وطن... وأنه لن يبالي في تعطشه للدماء لدم مسلم أم مسيحي، فالغاية عنده ضرب استقرار الأوطان، ولتأت الوسيلة من مسجد أو كنيسة أو سوق أو أي تجمع للبسطاء الآمنين».
وشهدت كنيستان في طنطا والإسكندرية تفجيرات إرهابية أسقطت قتلى ومصابين في بداية احتفالات المسيحيين بأعيادهم مطلع أبريل (نيسان) الحالي.
تجدر الإشارة إلى أن مُبادرة الحوار بين حكماء الشرق والغرب انطلقت في يونيو (حزيران) عام 2015 بمدينة فلورنسا الإيطالية، بهدف نشر التعايش والسلام، فيما احتضنت باريس الجولة الثانية من هذا الحوار، الذي انعقدت ثالث جولاته في مدينة جنيف بسويسرا مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما استضافت العاصمة الإماراتية أبوظبي الجولة الرابعة من الحوار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وفيما أكد مجلس الكنائس العالمي أن «الإسلام بطبيعته دين منفتح على الأديان والطوائف كافة، ويدعو للحوار مع الجميع من أجل تحقيق السلام»، قال القس أولاف فيكس تفانيت، أمين عام مجلس الكنائس العالمي، إن مجلس الكنائس حريص على الشراكة التي تربطه بمجلس حكماء المسلمين؛ لما له من جهود كبيرة في نشر السلام، ودعوة القادة الدينيين للحوار وتعزيز السلام العالمي، مشددا على أن «الإسلام والمسيحية هما أكبر ديانتين تدعوان للسلام في العالم، ولذلك يجب أن تتوحد جهود القادة من الديانتين من أجل السلام والخير لكل الإنسانية»، موضحا أن الحوار بين القادة الدينيين له تأثير في المجتمعات التي ينتمون إليها، وأن اللقاءات بين مجلس الكنائس العالمي ومجلس حكماء المسلمين هو مثال عملي على ما يقوم به قادة الأديان لحل النزاعات في مناطق مختلفة من العالم، ودعا في هذا السياق الدول الأوروبية ألا تفرق بين المسلمين والمسيحيين عند استقبالها للاجئين من مناطق النزاعات. وسبق أن زار وفد مجلس الكنائس العالمي مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (المقر البابوي بوسط القاهرة) الليلة قبل الماضية، وقال مصدر كنسي إن «قيادات الكنيسة المصرية أكدت للوفد أن مصر تسعى بكل مؤسستها للتصدي للإرهاب... وغالبية المسلمين لهم علاقات طيبة مع الأقباط... أما المتعصبون فيمثلون قلة».
في غضون ذلك، أعلنت سلطات الأمن بمطار القاهرة الدولي أمس حالة الاستنفار الأمني، وتشديد إجراءات التفتيش على المداخل والمخارج المؤدية لصالات السفر والوصول، تزامنا مع زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان التي تبدأ غدا، وتستمر حتى السبت.
وتتضمن الزيارة استقبالا رسميا في مطار القاهرة، ولقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإلقاء كلمة ختام «مؤتمر الأزهر العالمي للسلام» عقب زيارته الرسمية لمشيخة الأزهر.
ومن المقرر أن يناقش مؤتمر السلام أربعة محاور، منها معوقات السلام في العالم المعاصر، وإساءة التأويل للنصوص الدينية وأثره على السلم العالمي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.