الأسد يصعّد حملته على درعا... والأردن سيتعامل مع «أي مستجد» على حدوده

مستبقاً «المعركة الكبرى» بقصف أدى إلى مقتل المتحدث باسم «أحرار الشام»

صبي من دوما في الغوطة الشرقية لدمشق أمام جدار بدت عليه آثار الرصاص في البلدة التي تتعرض للحصار والقصف منذ سنوات (أ.ف.ب)
صبي من دوما في الغوطة الشرقية لدمشق أمام جدار بدت عليه آثار الرصاص في البلدة التي تتعرض للحصار والقصف منذ سنوات (أ.ف.ب)
TT

الأسد يصعّد حملته على درعا... والأردن سيتعامل مع «أي مستجد» على حدوده

صبي من دوما في الغوطة الشرقية لدمشق أمام جدار بدت عليه آثار الرصاص في البلدة التي تتعرض للحصار والقصف منذ سنوات (أ.ف.ب)
صبي من دوما في الغوطة الشرقية لدمشق أمام جدار بدت عليه آثار الرصاص في البلدة التي تتعرض للحصار والقصف منذ سنوات (أ.ف.ب)

على وقع الحديث عن معركة مرتقبة على الحدود الأردنية السورية سُجّل تصعيد لافت من قبل النظام عبر تكثيف القصف الجوي من قبل النظام على درعا في الجنوب السوري، في اليومين الماضيين. وكانت المعارضة قد أعلنت بدء العمل على خطة بالتعاون مع التحالف الدولي لتحريك الجبهة الجنوبية وقتال «داعش»، في موازاة المعركة المستمرة في المنطقة من قبل فصائل معارضة عدة.
وتستمر الاشتباكات بين النظام والمعارضة في معركة «الموت ولا المذلة» ضد النظام التي تهدف إلى السيطرة على مدينة درعا بوتيرة متفاوتة، وقد أعلنت الفصائل أنها نجحت لغاية الآن في كسر خطوط الدفاع الأمامية في المدينة، في حين «سجّل شبه هدوء على الجبهة المقابلة في الجنوب وتحديدا في معركة (سرجنا الجياد لتطهير الحماد) في القلمون الشرقي والبادية الشامية ضد (داعش)، لتدعيم الصفوف قبل عودة المعارك بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المنطقة قبل أيام قليلة، وحاول النظام الهجوم مستغلا انشغال المعارضة»، بحسب ما قال سعد الحاج، مسؤول المكتب الإعلامي لـ«جيش أسود الشرقية» في الجبهة الجنوبية.
وفي حين رأى مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تشديد الحملة على درعا، قد يكون في إطار التحضير لمعركة المدينة الكبرى، أوضح الخبير العسكري، أحمد أبا زيد، أن «معركة مدينة درعا بدأت قبل شهرين تحت اسم (الموت ولا المذلة) بهدف تحرير حي المنشية، وحصل تقدم كبير للثوار داخل الحي، واستطاعوا السيطرة على المساحة الكبرى منه منذ بدء المعركة مع تراجع مستمر للنظام وخسائر كبيرة رغم التغطية الجوية الروسية». مع العلم، أن معركة «الموت ولا المذلة» التي تقودها فصائل معارضة في درعا، تهدف إلى السيطرة على حي المنشية بالدرجة الأولى والتقدم إلى «حي سجنة» المجاور، وبالتالي السيطرة الكاملة على منطقة درعا البلد؛ ما يعني الاقتراب من السيطرة على المدينة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، يوم أمس: إن الطائرات المروحية قصفت بنحو 10 براميل متفجرة، بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، مناطق في بلدة نصيب بريف درعا؛ ما أدى إلى مقتل الناطق الرسمي لـ«حركة أحرار الشام الإسلامية» في الجنوب السوري، مع عدد من أفراد عائلته، هم زوجته واثنان من أبنائه، في حين أصيب آخرون بجراح، جراء القصف الجوي، وأشار كذلك، إلى سقوط غارات عدة على درعا البلد بعد منتصف الليل بعدما كانت الطائرات الحربية قصفت أول من أمس مناطق في مدينة درعا بأكثر من 35 برميلا متفجرا، وما لا يقل عن 26 غارة، وبنحو 20 صاروخا من نوع أرض – أرض، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وحول المعركة المرتقبة على الحدود مع الأردن، قال أبا زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الأخبار عن معركة برية قريبة تدعمها الأردن وأميركا في درعا هي أخبار تتعلق بالجبهة الغربية من المحافظة، حيث سيطرة (جيش خالد بن الوليد) التابع - بشكل غير رسمي - لتنظيم داعش»، لافتا إلى أنه يبدو أن «هناك اهتماما دوليا واضحا ومتزايدا بجبهة الجنوب، إنما تبقى الأولية تتعلق بقتال تنظيم داعش، حيث نشطت معارك إخراجه من البادية والقلمون الشرقي أخيرا». وأشار إلى «أن (جيش خالد) استغل انشغال الفصائل بمعركة مدينة درعا للتوسع على مناطقها في ريف درعا الغربي، فهو كان عامل ضغط على (الجيش الحر)، ولا شك أنه إن حصلت معركة من جهة الحدود فالقوات المشاركة بمعظمها ستكون من فصائل (الجيش الحر) نفسها في درعا». وأكد أن «القوات المشاركة في معركة مدينة درعا معظمها من أبناء المدينة، وهؤلاء لن يتركوا معركتهم، لكن هناك فصائل تمركزها في الريف يمكن أن تشارك إذا حصلت معركة الحدود».
وكان مصدر مخابرات غربي قد أعلن أن «قوات خاصة أميركية وبريطانية توسع قاعدة التنف لاستخدامها نقطة انطلاق رئيسية لعمليات في الأشهر المقبلة لطرد المتشددين من البوكمال»، ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن هناك خططا قيد الإعداد لشن ضربات جديدة للتحالف على «داعش» في الجنوب بما يشمل منطقة غربي مدينة درعا في الجنوب. وذكرت مصادر في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»، أنه وبعد الزيارة التي قام بها ملك الأردن عبد الله الثاني قبل أسابيع إلى الولايات المتحدة، تم الاتفاق على إنشاء قوة بدعم خمس دول، وتزويد «فصائل الحر» في المنطقة بأسلحة ومعدات حديثة والاتجاه شرقا باتجاه دير الزور لتحريرها من «داعش».
وبعدما كانت معلومات قد أشارت إلى أن معركة الحدود يتم العمل عليها بالتنسيق بين الأردن وأميركا وبريطانيا، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، كما نقلت عنه، وكالة الأنباء الرسمية يوم أمس: «نحن مطمئنون بالنسبة للوضع على حدودنا الشمالية، ولدينا كامل القدرة وأدوات مختلفة للتعامل مع أي مستجد حسب أولوياتنا ومصالحنا». وأكد، أن بلاده مستمرة في سياستها الدفاعية في العمق السوري دون الحاجة إلى دور للجيش الأردني داخل سوريا، مضيفا: «لن نسمح للتطورات على الساحة السورية وجنوب سوريا بتهديد الأردن، وسنبقى مستمرين بسياستنا في الدفاع في العمق دون الحاجة إلى دور للجيش الأردني داخل سوريا»، مشددا «هذا موقف ثابت مستمرون فيه والهدف هو العصابات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.