أنقرة عن غارات سنجار وقرة جوخ: أبلغنا واشنطن وموسكو

المدفعية التركية تقصف مناطق للأكراد في عفرين وأخرى تابعة للنظام

مقاتلون من «وحدات حماية الشعب» الكردية يحملون صورة مقاتلة خلال مظاهرة في مدينة القامشلي أمس ضد القصف التركي (أ.ف.ب)
مقاتلون من «وحدات حماية الشعب» الكردية يحملون صورة مقاتلة خلال مظاهرة في مدينة القامشلي أمس ضد القصف التركي (أ.ف.ب)
TT

أنقرة عن غارات سنجار وقرة جوخ: أبلغنا واشنطن وموسكو

مقاتلون من «وحدات حماية الشعب» الكردية يحملون صورة مقاتلة خلال مظاهرة في مدينة القامشلي أمس ضد القصف التركي (أ.ف.ب)
مقاتلون من «وحدات حماية الشعب» الكردية يحملون صورة مقاتلة خلال مظاهرة في مدينة القامشلي أمس ضد القصف التركي (أ.ف.ب)

أعلنت أنقرة أنها أبلغت واشنطن وموسكو مسبقا باستهدافها مواقع لحزب العمال الكردستاني و«وحدات حماية الشعب» الكردية في جبل سنجار في شمال العراق وقرة جوخ في شمال شرقي سوريا، منتقدة قيام عسكريين أميركيين بزيارة مواقع تم قصفها، ما يعكس توترا بين البلدين الحليفين في «الناتو» اللذين يتخذان موقفين متناقضين من الأكراد، فيما تصاعدت حدة التوتر على الحدود التركية - السورية في مناطق سيطرة الأكراد في عفرين وأخرى تابعة للنظام السوري.
وقال بيان لرئاسة هيئة الأركان التركية، إن قذيفة «هاون» أُطلقت صباح أمس من مدينة عفرين بمحافظة حلب الخاضعة لسيطرة «الاتحاد الديمقراطي» وأصابت مخفراً حدودياً تركياً في ولاية هطاي جنوب البلاد. وأضاف البيان أن قذيفة أخرى أطلقت من مناطق سيطرة تابعة النظام (لم يحددها) وأصابت مخفرا حدوديا آخر بالولاية نفسها، وأن القذيفتين ألحقتا أضراراً مادية ببعض أجزاء المخفرين دون وقوع خسائر في الأرواح أو إصابات. وفور تعرض المخفرين لاعتداء بقذائف الهاون، قامت المدفعية التركية المتمركزة في المناطق الحدودية، بقصف مواقع النظام السوري وحزب الاتحاد الديمقراطي، بحسب البيان.
بالمقابل، أعلنت «وحدات حماية الشعب» أمس عن مهاجمة قوات تركية بالمدفعية والأسلحة الثقيلة قرية فرفرك في منطقة راجو التابعة لمقاطعة عفرين في أقصى الشمال الغربي لسوريا، لافتة إلى أن «وحدات حماية الشعب والمرأة» ترد على مصادر النيران. وقالت وكالة «آرا نيوز» إن اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة، نشبت الأربعاء بين الجيش التركي وفصائل المعارضة المدعومة من قبله من جهة، و«وحدات حماية الشعب» من جهة أخرى، بريف عفرين، لافتة إلى أنه وبالتزامن تستمر المواجهات بين «جيش الثوار» المنضوي في «قوات سوريا الديمقراطية»، وفصائل المعارضة المدعومة تركياً في أكثر من محور في ريف أعزاز.
وعلى صعيد متصل، قالت رئاسة الأركان التركية، إن غارات نفذتها مقاتلات تابعة لها، على منطقة زاب شمال العراق أمس، أسفرت عن تحييد 6 من عناصر «العمال الكردستاني» حيث استهدفت 3 مواقع تابعة له تم تحديدها بناء على معلومات استخباراتية آنية. وأفاد البيان أن الغارات أسفرت عن تحييد 6 من عناصر المنظمة كانوا يحضرون لهجوم إرهابي. وأوضح البيان أن المقاتلات المشاركة في الغارات عادت إلى قواعدها بسلام.
وقالت مصادر محلية إن قياديا من «العمال الكردستاني» قتل بغارة تركية على منطقة متينا شمال العراق في 22 أبريل (نيسان) الحالي. وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، بحسب وكالة الأناضول، أن «سعيد تانيت» الملقب بـ«بدران جودي» والمسجل على اللائحة الرمادية لقائمة الإرهابيين لدى وزارة الداخلية التركية، واثنين آخرين، قتلا خلال الغارة التي نفذها سلاح الجو التركي.
وتصنف وزارة الداخلية التركية الإرهابيين المطلوبين ضمن 5 قوائم؛ أخطرها: الحمراء، تليها الزرقاء، ثم الخضراء، فالبرتقالية، وأخيراً القائمة الرمادية.
وأدى القصف الجوي التركي على مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني في جبل سنجار بشمال العراق وأخرى تابعة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري) في شمال شرقي سوريا الثلاثاء الماضي، إلى توتر بين أنقرة وواشنطن التي تدعم «الوحدات» الكردية، وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، أن بلاده أبلغت الولايات المتحدة وروسيا باستهداف هذه المواقع بالعراق وسوريا.
وقال جاويش أوغلو عقب وصوله إلى أوزبكستان أمس: «أخبرنا حليفتنا أميركا عن استعدادنا في الآونة الأخيرة للقيام بعمليات في هذه المنطقة وأبلغناها بسحب جنودها إلى خط معين، أي 20 - 30 كلم جنوب الحدود. أطلعنا أميركا وروسيا على معلومات حول العملية قبل ساعتين من تنفيذها، وذلك بموجب اتفاق بيننا».
وقالت وزارة الخارجية التركية أمس إن رئيس الأركان التركي خلوصي أكار تحدث مع رئيسي أركان الجيشين الأميركي والروسي دون توضيح موعد الاتصال. وقالت مصادر تركية إن المباحثات تركزت حول العملية الجوية التي نفذها الجيش التركي الثلاثاء الماضي في سنجار شمال العراق وقرة جوخ شمال شرقي سوريا.
في السياق، انتقد الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي عمر تشيلك موقف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، الذي عبر عن «قلق عميق» إزاء القصف التركي، من دون تنسيق مناسب سواء مع الولايات المتحدة أو التحالف الدولي الأوسع لهزيمة «داعش»». ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عنه قوله: «ما ينبغي أن نقلق بشأنه هو زيارة قائد أميركي لمعسكر إرهابي»، طاله القصف الذي تم فجر الثلاثاء. وإذ دعا إلى ضرورة التحقيق في خلفيات زيارة القائد، شدّد تشيلك على أن «التعاون بين القوات الأميركية والعناصر الكردية في سوريا، أمر غير مقبول بالنسبة لتركيا، ومن شأنه تعكير صفو العلاقات القائمة بين أنقرة وواشنطن».
وفي الوقت الذي رجّح فيه خبراء أن يتطور الموقف التركي ضد التنظيمات الكردية إلى دخول قوات تركية إلى شمال سوريا وسنجار في العراق، عد رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – انيجما» رياض قهوجي أن الضربات التي نفذتها أنقرة على مواقع الأكراد في سوريا والعراق والتصعيد المستمر من قبلها بوجههم «رسالة تركية قوية للأميركيين مفادها بأن الوضع لم يعد يُطاق بالنسبة إليهم، بإشارة إلى تمدد النفوذ الكردي»، لافتا إلى أنه «سيكون علينا ترقب رد فعل الطرف الأميركي الذي يُشكل الداعم الأساسي لأكراد سوريا، فكل تسليحهم وتدريبهم يتم على يد القوات الأميركية التي تقوم بعمليات مشتركة معهم ضد (داعش)، كما أنّها منعت في الأشهر الماضية الأتراك من مهاجمتهم في منبج». وأشار قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المشروع الأميركي لا يزال غير واضح تماما، وبالتحديد حول ما إذا كان داعما لقيام دولة كردية في المنطقة، أم إنه يستغل (الوحدات) الكردية فقط لحاجته لقوات برية يتم الاعتماد عليها بقتال (داعش) من دون أن تكون هناك أي حاجة لإرسال جنود أميركيين لخوض المواجهات».
ويضيف: «إذا عدنا إلى تاريخ العلاقة القوية بين الأميركيين والأكراد في العراق، يتبين أن هناك نوعا من سياسة أميركية تؤيد وجود كيان مستقل أو شبه مستقل للأكراد في المنطقة، وهو أمر تعارضه تركيا بشدة لأنه يهدد أمنها القومي، لذلك نرى اشتباكا سياسيا مستمرا بين أنقرة وواشنطن على خلفية الملف الكردي».
وتم التداول أمس بمعلومات عن إمكانية إيقاف «وحدات حماية الشعب» عملياتها في الرقة والطبقة بانتظار أن تقوم الولايات المتحدة بالتصرف مع «الاعتداءات التركية»، واكتفت مصادر قيادية في «وحدات الحماية» بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الساعة، عملياتنا مستمرة في الطبقة كما في ريف الرقة، ولكن لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور في الأيام المقبلة».
وعد خلف داهود، القيادي في هيئة التنسيق الوطنية، أن «فشل تركيا بالتدخل إلى جانب قوات التحالف لتحرير مدينة الرقة من (داعش)، والتفضيل الأميركي للقوات الكردية عليها، هو ما دفع أنقرة للقيام بالعدوان الأخير على مواقع (وحدات الحماية)، بخاصة في ظل وجود تفاهم أميركي - روسي ضمني على وضع حد للطموحات التركية في سوريا والمنطقة».
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بارتفاع حصيلة القتلى جراء القصف التركي على مقر لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال شرقي سوريا إلى 28 شخصا من المقاتلين والعاملين في مركز إعلامي، فيما قال الجيش التركي في بيان إنه «رد بالمثل على قذائف (مورتر) انطلقت من منطقة خاضعة لسيطرة الحكومة السورية أصابت موقعا عسكريا في إقليم هطاي» بجنوب شرقي البلاد.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.