شراكة بين الحكومة السودانية والقطاع الخاص لتوفير إسكان للمغتربين

تسهيلات جديدة لتمليك العقارات وفتح الباب أمام التمويل والتحويلات

عقارات على ضفتي نيل الخرطوم (أ.ف.ب)
عقارات على ضفتي نيل الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

شراكة بين الحكومة السودانية والقطاع الخاص لتوفير إسكان للمغتربين

عقارات على ضفتي نيل الخرطوم (أ.ف.ب)
عقارات على ضفتي نيل الخرطوم (أ.ف.ب)

في إطار اهتمام الحكومة السودانية بالمغتربين السودانيين، الذين يبلغ عددهم نحو 5 ملايين شخص، وفتح الباب أمامهم لتملك العقارات عبر تسهيلات مصرفية، فازت شركة عقارية بعقد بناء وتأسيس مساكن وعقارات للمغتربين، وذلك في ضواحي الخرطوم وبعض العواصم في ولايات السودان الأخرى.
ووقعت شركة سارية العقارية في الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي على مذكرة تفاهم مع جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج والصندوق القومي للإسكان والتعمير، وذلك للتعاون المشترك بين الأطراف الثلاثة للإسهام في توفير سكن لشريحة المغتربين.
ونظمت الشركة عقب توقيع مذكرة التفاهم، مؤتمرا صحافيا في الخرطوم استعرضت من خلاله تجربتها في الإسكان في المرحلة الأولى، والمشروع الذي سيقدم للمغتربين في مرحلته الثانية، بجانب التوقيع على مذكرة التفاهم مع الصندوق القومي للإسكان وجهاز تنظيم السودانيين العاملين بالخارج.
وقال الدكتور غلام الدين عثمان، الأمين العام الصندوق القومي للإسكان والتعمير، إن الهدف العام للصندوق يتمثل في توفير المأوى لمن لا مأوى له، مشيرا إلى أن مساعي الصندوق لإبرام اتفاق للتعاون مع جهاز المغتربين يجيء في هذا الإطار وتنفيذا لتوجيهات اللجنة العليا للإسكان والتعمير ومجلس إدارة الصندوق الرامية لتوفير المأوى للمغتربين وأسرهم.
من جهة ثانية، أعلن المهندس علي عبد الرحمن، وزير التخطيط العمراني بالولاية الشمالية، عن اعتزام الولاية تنفيذ خطة لإسكان المغتربين والسكن الريفي المنتج، بجانب استمرار جهودهم في مجالات السكن الاقتصادي.
وأشار عبد الرحمن في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن وزارته وعبر صندوق الإسكان والتعمير بالشمالية وضعت خطة لمشروع للسكن الريفي الذي يستهدف بناء خمسة آلاف وحدة سكنية بعدد من محليات الولاية، مشيراً إلى اكتمال الدراسات وأن المشروع يستهدف الحد من الهجرة من الريف إلى المدن وتشجيع استقرار المنتجين بمواقع الإنتاج دعما للإنتاج والإنتاجية، إنفاذا للشعار الذي ترفعه الدولة وتسعى لإنفاذه على مختلف الأصعدة دعما للاقتصاد الوطني.
وأوضح الوزير أن مشروعات السكن الريفي المخطط لها تقع بالقرب من مشاريع زراعية، وأن الأمين العام للصندوق القومي للإسكان والتعمير أكد على تبنيه للمشروع بالتعاون مع الولاية، ووجه بوضع الترتيبات لإنشاء محفظة للتمويل المصرفي للشروع في تنفيذ هذه المشروعات.
وحول إسكان المغتربين، قال الوزير إن الولاية لديها خطة طموحة متمثلة في مشروع مدينتين للمغتربين، مبينا أن هذا المشروع يعتبر من المشروعات النموذجية للتطوير العقاري بالولاية، ويستهدف كمرحلة أولى تنفيذ ألف وحدة سكنية بالقولد، وأعلن عن تجهيز الأراضي والفراغ من إعداد التصميمات الهندسية للمشروع.
وكان بنك السودان المركزي قد وافق رسميا الشهر الماضي على السماح بالتمويل المصرفي العقاري للمغتربين وللإسكان الفئوي الذي يشمل المهنيين بمختلف تخصصاتهم. كما وافق بنك السودان المركزي في فبراير (شباط) الماضي، على هامش الاجتماعات السنوية للمجلس الأعلى للجاليات والخبراء بالخارج، على ضمان تسلم تحويلات المغتربين السودانيين بالعملات الحرة التي حولت بها المبالغ. وشدد بنك السودان على البنوك التجارية في البلاد بالالتزام بالقرار.
ويعتبر قرار رفع حظر تمويل الإسكان الفئوي عاملا مهما في المساعدة في تنفيذ مشروعات طموحة في مجال إسكان أساتذة الجامعات، مما يسهم في تشجيعهم على الاستقرار ويحد من هجرتهم، بجانب أن القرار سيساعد كذلك في توفير سكن لأسر المغتربين وتشجيعهم على دعم برنامج الدولة للعودة الطوعية للمغتربين.
يذكر أن المؤتمر العربي الرابع للاستثمار والعقارات، المزمع عقده بالخرطوم خلال أبريل (نيسان) الحالي بتنظيم من الاتحاد العربي للاستثمار العقاري بالتعاون مع اتحاد العقاريين السودانيين، سيناقش إنشاء مدن سكنية للمغتربين السودانيين بتمويل خارجي. كما يبحث الفرص الجاهزة في الإسكان والاستثمار العقاري في السودان، والتي اشترط الاتحاد أن تكون خالية من الموانع، بجانب بحث تأسيس آلية مشتركة بين الاتحاد العربي وقطاع الإسكان في السودان لتمويل مشروع مدينة سكنية للمغتربين من صناديق التمويل المصرفية العربية والعالمية، بجانب بحث مشاريع العقارات في السودان السكنية وبخاصة سكن ذوي الدخل المحدود.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».