في ميونيخ... سوق عقارية تفرض نفسها بين كبريات المدن العالمية

إقبال أوروبي واسع وأعداد الصينيين في تزايد ملحوظ

مستوى المعيشة بمدينة ميونيخ أصبح عالمياً بكل المقاييس وأسعار عقاراتها صارت تضاهي أكبر المدن (نيويورك تايمز)
مستوى المعيشة بمدينة ميونيخ أصبح عالمياً بكل المقاييس وأسعار عقاراتها صارت تضاهي أكبر المدن (نيويورك تايمز)
TT

في ميونيخ... سوق عقارية تفرض نفسها بين كبريات المدن العالمية

مستوى المعيشة بمدينة ميونيخ أصبح عالمياً بكل المقاييس وأسعار عقاراتها صارت تضاهي أكبر المدن (نيويورك تايمز)
مستوى المعيشة بمدينة ميونيخ أصبح عالمياً بكل المقاييس وأسعار عقاراتها صارت تضاهي أكبر المدن (نيويورك تايمز)

تتكون الشقة التي تقع بالطابق العلوي في عقار بقلب مدينة ميونيخ الألمانية من 3 غرفة نوم، وحمامين، وطرقتين وشرفة واحدة. وتقع الشقة التي تبلغ مساحتها 2906 أقدام مربعة في حي أولد كورت، وهي منطقة كان يشغلها في السابق أول مقر للحكومة الإمبراطورية في ألمانيا في القرن الرابع عشر في عهد الملك لدويغ الرابع.
ووفق أروزو أرغول، الوسيط العقاري المسؤول عن تسويق الشقة بشركة «أنجل فوركرز ميونيخ»، فإن الشقة تحتل الطابق العلوي في عمارة سكنية بنيت عام 2006 وتتكون من 12 شقة، وبها مصعد واحد، وتطل على مشاهد بانورامية «ساحرة». وأضاف أنه «برغم وقوع الشقة في قلب المدينة، فإنك لا تسمع أي ضوضاء، فالمكان هادئ جداً ومثالي».
الشقة هي في الأساس شقتان مدمجتان، ولذلك لها 4 مداخل، اثنان في كل مستوى. المدخل الرئيسي يفضي إلى غرفة النوم بها أريكة طويلة عليها بعض الوسائد، وثريا ماركة بوشي تتدلى من السقف... وهي معروضة للبيع بسعر يبلغ 4.995 مليون يورو (5.4 مليون دولار)؛ والسعر يشمل الأثاث.
والأرضيات في الشقة من «الباركيه» المصنوع من البلوط، وتفضي غرفة المعيشة إلى ردهة معدّة للجلوس، وهناك حجرتان للنوم إلى يمين المدخل الرئيسي بحمام مشترك وغرفة خدمات بها ثلاجة للمشروبات. وخلف غرفة النوم تقع منطقة المعيشة ومطبخ ماركة «بلثاب» مفصل خصيصاً حسب مقاسات المكان به مناضد من الفولاذ المقاوم للصدأ «ستينليس ستيل» وبعض المشتملات الأخرى من إنتاج «غاغانو»، وميلي، ونوفي، بالإضافة إلى شواية للمطبخ.
وغرفة الطعام مصنوعة من الألمنيوم المطلي باللون الأسود، وبه منضدة مطلية بالشمع وثريا ذهبية اللون ماركة «ستاتشو مون». تفضي غرفة المعيشة إلى ردهة لتناول الطعام وبها سلالم تنتهي عند غرفة للجلوس بها طاولة من إنتاج شركة «إيهام» الألمانية.
ويؤدي السلم في غرفة المعيشة إلى صالة تفضي إلى غرفة النوم الرئيسية وحمام. وغرفة النوم التي تطل على كاتدرائية «فرانكريتش»، وبها جهاز تلفزيون ماركة «بانغ أولفسن» مزود بنظام تكبير للصوت من إنتاج الشركة نفسها، بالإضافة إلى خزانة فخمة بها أدراج من إنتاج شركة «إهام». والحمام، به شرفة، يشتمل على رشاش وحوض استحمام ونظام إضاءة من إنتاج شركة «فلوت».
بالشقة نظام تدفئة تحت الأرض، وتدفئة لامركزية، بالإضافة إلى نظام للتحكم في الإضاءة وغيرها من العناصر، بعضها يعمل عن بعد والبعض الآخر يعمل أوتوماتيكياً. وللشقة مساحة لانتظار سيارتين بالمرأب، والأرض المقام عليها المبني مستأجرة والإيجار مسدد حتى نهاية العقد عام 2070. وأفادت السيدة أرغل، بأن «مالك الشقة سوف يتسلم نسبة 100 في المائة من قيمة الشقة من بلدية بفاريا المالكة للعقار».
ويقع العقار على مسافة قريبة من منطقة «ماينزبلاتز» التي تعد مركز مدينة ميونيخ. وبالقرب من المكان أيضاً هناك سوق «فيكتلم ماركت» الكبيرة للطعام، وأوبرا بفاريا، بالإضافة إلى عدد من محلات ومطاعم «ماكسيمليان ستراس»، أحد أكبر المراكز التجارية بمدينة ميونيخ.
وبمنطقة «ماينزبلاتز» محطة مواصلات عامة، ولا تحتاج سوى إلى 30 دقيقة كل تنتقل إلى المطار الدولي سواء بالقطار أو السيارة، وفق أرغول.

لمحة عامة على السوق
أفاد قنسطنطين غراف، المدير الإداري بشركة «أنجل وفوركرز ميونيخ»، بأن مستوى المعيشة بمدينة ميونيخ أصبح عالمياً بكل المقاييس بعد تطور مستوى المعيشة بها، وأصبحت أسعار العقارات بها تضاهي أكبر المدن الألمانية. وخلال العقد الأخير، وفق غراف فون بريسنغ: «ارتفعت الأسعار بواقع 80 إلى 100 في المائة».
ففي السنة الأخيرة فقط زادت الأسعار بواقع ما بين 4 و10 في المائة في الكثير من مناطق ميونيخ، وفق دانيل ريتر، المدير التنفيذي لشركة «فون بول» العقارية. والعقارات الأكثر جذباً للمشترين الأجانب هي تلك الموجودة بوسط المدينة مثل مناطق «بوغنهوسن، وليهل، وهيدسون، وماكسفروستد أو شوبنغ».
وعلى الرغم من النمو السريع والجودة العالية في سوق العقارات التي تضم منازل مستقلة، ومنازل من طابقين، وأخرى ذات ردهات طويلة، فقد شهدت الأسواق حالة تباطؤ في الأسعار، ويتوقع المزيد من الارتفاع في أسعار الشقق الفاخرة.
وفي الأحياء الفاخرة، وفق ريتر، يتراوح سعر متر الأرض في الشقة الفارهة ما بين 6000 و17.000 يورو للمتر المربع، أو نحو 602 إلى 1706 دولارات للقدم المربع. وفي مناطق راقية أخرى يتراوح السعر بين 4500 و13.000 يورو للمتر المربع، أو ما بين 452 و1304 دولارات للقدم المربع، وفي المناطق المتوسطة، يتراوح سعر القدم المربع ما بين 401 دولار و702 دولار أميركي. «وقد تكون هناك بعض العقارات الفاخرة التي تتخطى قيمتها الأسعار المذكورة»، وفق دانيل ريتر.
وفي المتوسط، تباع الشقق في الأدوار العلوية بسعر يتراوح بين 11.000 و17.000 يورو للمتر المربع، أو 1104 إلى 1704 دولارات للقدم المربع، بحسب ريتر. غير أن الشقق العلوية بمنطقة أربت هوف تتميز بالعزلة، ولذلك يرتفع سعرها ليبلغ 18.500 يورو للمتر المربع أو 1856 للقدم المربع.

من يشتري في ميونيخ؟
غالباً ما يأتي المشترون الأجانب من دول مثل: بريطانيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، أو من الدول الإسكندنافية، بحسب سماسرة العقارات. لكن أحياناً ما يتعامل السماسرة أيضاً مع مشترين من أميركا الشمالية والجنوبية ومن روسيا، وكذلك من دول شرق أوسطية، لكن أعداد المشترين من الصين تبدو في تزايد، بحسب السماسرة.

قواعد الشراء
ليس هناك قيود على شراء العقارات في ألمانيا بالنسبة للمشترين الأجانب. وأفاد توبياس غاست، أستاذ الأعمال والعقارات بكلية الأعمال بجامعة رينسبرغ، بأن عمليات البيع ونقل الملكية تتم من خلال مكتب الشهر العقاري مقابل رسوم تعادل 1.75 في المائة من سعر بيع العقار، وتشمل الرسوم ضريبة القيمة المضافة.
ويجري اقتسام عمولة البيع بين البائع والمشتري، بحيث يسدد كل طرف نسبة 3 في المائة، وذلك في ولاية «بافاريا» الألمانية، بحسب مايكل كابل، المدير التنفيذي بمؤسسة «ميونيخ سوذبي إنترناشيونال رياليتي»، وعليه فإن التكلفة التي يتعين على المشتري سدادها مقابل عملية التحويل، التي تشمل مصروفات مكتب الشهر العقاري والعمولة، تتراوح بين 10 و12 في المائة من سعر البيع، بحسب البروفسور غاست.
ويسدد أغلب المشترين الثمن نقداً من خلال بنك في ألمانيا. وأفاد كابل بأن المشترين الأجانب يمكنهم الحصول على رهن عقاري من بنك في ألمانيا بحد أقصى 50 في المائة من سعر بيع العقار.
لكن القوانين الجديدة جعلت الأمر أكثر صعوبة أمام المشترين الراغبين في الحصول على الرهن والقادمين من دول لا تستخدم عملة اليورو. وأفاد البروفسور غاست أن «الكثير من البنوك الألمانية انسحبت من هذه السوق مؤخراً».

المواقع الإلكترونية

الموقع الإلكتروني لميونيخ muenchen.de
الموقع الإلكتروني لحكومة بافاريا bayern.de
الموقع الإلكتروني لهيئة السياحة البافارية: bavaria.by
موقع اتحاد العقارات الألمانية ivd.net

الضرائب والمصروفات
أفادت أرغل بأن الضريبة السنوية على هذا العقار تبلغ نحو 1500 يورو، أو ما يعادل 1620 دولاراً، بالإضافة إلى ضريبة صيانة شهرية تبلغ 1186 يورو، أو 1281 دولاراً.

* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»