متحف ديكنز يحكي قصة حياة مؤلف رحل وبقيت أعماله

متحف ديكنز يحكي قصة حياة مؤلف رحل وبقيت أعماله
TT

متحف ديكنز يحكي قصة حياة مؤلف رحل وبقيت أعماله

متحف ديكنز يحكي قصة حياة مؤلف رحل وبقيت أعماله

يعتبر تشارلز ديكنز (1812 - 1870) واحدا من أشهر المؤلفين وأفضلهم في بريطانيا. ومن الواضح أن أعماله ومؤلفاته لم تتوقف طباعتها على الإطلاق حتى الآن.
ومتحف ديكنز في لندن هو المتحف الرئيسي في إنجلترا المخصص لتلاوة قصة حياة المؤلف العظيم. ويقع المتحف في المنزل الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن عشر، والذي عاش فيه ديكنز في الفترة بين عامي 1837 و1839، في بدايات حياته المهنية مؤلفا وكاتبا. ويوجد هذا المنزل المتحف في وسط مدينة لندن، حيث يقع بين محطات مترو الأنفاق «كينغز كروس»، و«فارينغدون»، و«هولبورن».
أوجد ديكنز بعضا من الشخصيات الخيالية الأكثر شهرة في العالم، ويعتبره الكثيرون أنه أكبر الروائيين في العصر الفيكتوري. ولقد حازت أعماله شهرة وشعبية لم يسبق لهما مثيل خلال فترة حياته، وبحلول القرن العشرين كان النقاد والعلماء والأدباء قد اعترفوا له بقيمته وعبقريته الأدبية. كما أنه كان من أكبر المدافعين عن حقوق الأطفال والتعليم، وغير ذلك من الإصلاحات الاجتماعية الأخرى. وتحمل الكثير من قصص ومؤلفات ديكنز رسائل أخلاقية تناسب الوقت الحاضر. ومن أحد الأقوال المقتبسة من كتابه الذي يحمل عنوان «ديفيد كوبرفيلد»، الذي يعرفه أطفال المداس معرفة جيدة:
«الدخل السنوي عشرون جنيها، والإنفاق السنوي تسعة عشر فاصل ستة، والنتيجة هي السعادة. الدخل السنوي عشرون جنيها، والإنفاق السنوي عشرون جنيها فاصل ستة، والحاصل هو البؤس».
وأحد أشهر قصص ديكنز هي بعنوان «ترنيمة عيد الميلاد». وتدور أحداثها حول صاحب عمل متذمر وشحيح، والذي قبيل أعياد الميلاد، يرى حلما يتنبأ له بأن حياته ستكون أكثر بؤسا مما هي عليه إن هو واصل واستمر على البخل والشح. وفي الليلة التالية يرى حلما آخر يتنبأ له فيه بأن حياته ستتحسن إذا ما غير أفكاره ليصبح صاحب عمل أكثر نفعا وإحسانا. وتعكس القصة القصيرة الكثير من الخبرات والتجارب التي عاينها ديكنز في حياته، وربما تعتبر تلك هي أفضل قصصه المعروفة.
ولد تشارلز ديكنز في عام 1812، وكان أحد سبعة أطفال لوالده جون ديكنز، الموظف في مكتب المدفوعات بالبحرية الملكية في بورتسموث. وانتقلت العائلة للعيش في بلدة تشاتام، في مقاطعة كنت، ثم انتقلت مرة أخرى إلى العاصمة لندن. وكان من العسير للغاية على والد تشارلز أن يعول أسرة من سبعة أطفال بأجره الزهيد، ومن ثم تعرض للسجن في عام 1824 نتيجة للديون التي تراكمت عليه. وكان تشارلز يبلغ من العمر اثني عشر عاما في ذلك الوقت، وكان لزاما عليه أن يتخلى عن تعليمه من أجل العمل في أحد المصانع، حيث كانت وظيفته هي إلصاق العلامات على الآنية، وذلك من أجل كسب المال لمساعدة أسرته. وكانت الظروف المعيشية القاسية والعمل الشاق هي مصادر الإلهام الثرية في قصصه ومؤلفاته القادمة. ولقد أفرج عن والده بعد مرور ثلاثة أشهر عليه في السجن؛ وذلك نتيجة لإرث بمبلغ 450 جنيها إسترلينيا إثر وفاة والدته، ولقد كان يعتبر مبلغا كبيرا من المال بحسابات ذلك الوقت.
بعد ترك المدرسة، عمل تشارلز ديكنز موظفا في مكتب لأحد المحامين، ولكنه شرع في كتابة القصص في وقت فراغه. وفي أوائل العشرينات من عمره، كان قد بدأ يحقق بعض النجاحات ثم تزوج من كاثرين هوغارث عندما بلغ 24 عاما من عمره. ثم انتقل للعيش في 48 شارع دوتي في العام التالي على زواجه، وأنجب ثلاثة أطفال خلال الأعوام الثلاثة التي عاشها هناك.
وعلى الرغم من أن السنوات الأولى من حياته الزوجية كانت سعيدة للغاية، توفيت شقيقة زوجته ماري هوغارث، التي كانت تقيم معهما، على نحو مفاجئ في سن السابعة عشرة من عمرها. ولقد كان لوفاتها آثار سيئة على نفسية ديكنز؛ إذ لم يستطع الكتابة لأسابيع عدة. ولقد عانى كثيرا لكي يتحمل وفاة إنسانة عزيزة للغاية على نفسه، وكان يعتبرها مثال البراءة، والنقاء، والخير في حياته. ولأنه عانى كثيرا من فقدان الإنسانة القريبة للغاية من قلبه، بدأ ديكنز في العطف على ذكر الموت في أعماله الأدبية، مع مشاعر مرهفة وتعاطف كبير إزاء الأبرياء والصغار؛ مما كان له أبلغ الأثر وأعظمه لدى قرائه.
تم شراء المنزل في شارع 48 شارع دوتي والمنزل المجاور له في عام 1925 بواسطة صندوق زمالة ديكنز، ثم تحول إلى متحف تكريما لذكرى تشارلز ديكنز. وبقي المنزل على الطريقة التي كان يستخدمه بها ديكنز برفقة عائلته؛ إذ يضم الطابق السفلي غرفة الطعام وغرفة المعيشة التي كانت تستخدمها زوجة ديكنز. وكان مكتب ديكنز يوجد في الطابق الأول، حيث كان يعمل، إضافة إلى غرفة الاستقبال، حيث كان يتم الترحيب بالزائرين. وتقع غرفة النوم الرئيسية في الطابق الثاني، وغرفة النوم الثانية، حيث كانت تستخدمها ماري هوغارث شقيقة زوجة ديكنز. وكانت الغرف العليا مخصصة للأطفال والعاملين في المنزل. وينبغي زيارة قبو المنزل لمشاهدة مرافق الطبخ والغسيل البدائية. وبعض من الأثاث المتبقي في المنزل هو الأثاث نفسه الذي كان يملكه تشارلز ديكنز، وقطع الأثاث المتبقية إما أنها نسخ مقلدة أو قطع للأثاث من الفترة الزمنية نفسها، وتطابق ما كان موجودا في المنزل في زمن تشارلز ديكنز.
وعاش ديكنز في الكثير من المنازل الأخرى في لندن بعد رحيله عن منزله في 48 شارع دوتي، وانتقل للمرة الأخيرة إلى منزل بالقرب من مدينة روشيستر، في مقاطعة كنت، حيث عاش هناك لمدة 14 عاما كاملة حتى وافته المنية في عام 1870. ولقد ووري جثمانه الثرى في مقابر دير ويستمنستر.
المتحف مفتوح للزوار ستة أيام من كل أسبوع (وهو مغلق يوم الثلاثاء فقط)، ورسوم الزيارة تبلغ 9 جنيهات إسترلينية للبالغين. وهناك مناخ خاص للغاية داخل ذلك المنزل، كما لو أن العائلة قد غادرته لتوها للتنزه. وهو يستحق الزيارة إن كنت قريبا من تلك المنطقة.



«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.