عودة التوتر بين الخرطوم والقاهرة بعد طرد صحافيين سودانيين من مصر

اتحاد الصحافيين يطالب بطرد ممثلي الإعلام المصري من البلاد

عودة التوتر بين الخرطوم والقاهرة بعد طرد صحافيين سودانيين من مصر
TT

عودة التوتر بين الخرطوم والقاهرة بعد طرد صحافيين سودانيين من مصر

عودة التوتر بين الخرطوم والقاهرة بعد طرد صحافيين سودانيين من مصر

ارتفعت حدة التوتر بين الإعلام المصري والسوداني، إثر إبعاد السلطات المصرية لصحافيين وإعادتهما إلى بلديهما، ما أدى إلى مطالبة اتحاد الصحافيين السودانيين بطرد ممثلي المؤسسات الصحافية المصرية بالبلاد، وأعلن رفضه توقيع أي ميثاق شرف مع الإعلام المصري؛ وذلك على خلفية حظر وإبعاد صحافيين سودانيين من دخول مصر، ووقف سفر الصحافيين للقاهرة، وحظر المحتوى المصري في أجهزة الإعلام السودانية.
واحتجزت سلطات الأمن المصرية بمطار القاهرة، ليلة أول من أمس، إيمان كمال الدين، الصحافية في جريدة «السوداني» المستقلة وأعادتها لبلدها، وذلك في غضون يوم واحد من اتخاذ إجراء مماثل ضد الكاتب بصحيفة «الانتباهة»، وإعادته لبلدها عبر الخطوط الإثيوبية تحت حراسة مشددة.
وقال اتحاد الصحافيين السودانيين في بيان أمس، إن على الحكومة السودانية إعمال مبدأ «التعامل بالمثل»، وطرد جميع الممثليات الإعلامية والصحافية المصرية في البلاد، ومنع دخول المطبوعات المصرية، وحظر بث وسائل الإعلام السودانية، المشاهدة والمسموعة والمقروءة، وبث أي محتوى مصري.
وتبرأ اتحاد الصحافيين السودانيين من التوقيع على أي ميثاق شرف مشترك مع الإعلام المصري: «قبل أن يستعيد الأخير رُشد التعامل مع الصحافيين السودانيين، الذين لا يرضون الضيم، والتقليل من قدراتهم في قيادة التنوير في دولة مستقلة وسيدة قرارها، وساعية بقوة لتحقيق مصلحة شعبها بعيداً عن التبعية العمياء».
وتزايدت الحملات الإعلامية السودانية التي انتقدت مصر على خلفية إبعاد الصحافيين، وذلك بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للبلاد، وإجرائه مباحثات وزارية مع رصيفه السوداني إبراهيم غندور، توصلا خلالها إلى تهدئة التوتر بين البلدين، وتوقيع ميثاق شرف إعلامي أخلاقي بين مجلسي الصحافة في البلدين.
وطلب بيان اتحاد الصحافيين من أعضائه جميعاً التوقف عن السفر إلى مصر، وأبدى استعداده لتوفير المساعدة لمنسوبيه في محوري العلاج والسياحة إلى وجهات أخرى «تحترم حملة الأقلام، لا إهانتهم وحبسهم وطردهم وتكبيدهم الخسائر المادية والنفسية».
وانتقد البيان بقوة ما أطلق عليه «استمرار المخابرات المصرية في احتجاز الصحافيين السودانيين بمخافرها في مطار القاهرة، ومنعهم من الدخول لمصر، وإبعادهم لبلادهم في ظروف بالغة السوء»، مضيفاً أن «هذا ما يعرّضهم وأسرهم للترويع والإهانة، والحط من الكرامة، وتقييد حرية التنقل التي كفلتها المواثيق الدولية».
واعتبر الاتحاد، أن احتجاز وطرد الصحافية السودانية إيمان كمال مساء أول من أمس، وإبعاد الكاتب ساتي، يعد استهدافاً للصحافيين السودانيين دون استثناء. وأضاف البيان موضحاً أن هذا التصرف يعد «استهدافاً واضحاً للصحافيين السودانيين بلا استثناء»،
واتهم الاتحاد آلية هدامة تستهدف نسف التقارب بين مصر والسودان، الذي يقوم على الندية والمصالح المتكافئة واحترام الآخر، بتصعيد التوتر بين البلدين، مبدياً في الوقت ذاته أمله في تدخل من أطلق عليهم «عقلاء مصر»، للحفاظ على العلاقة بين البلدين.
وأجرى السفير السوداني في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم اتصالا بمساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان، نقل له استياءه من الإجراءات التي طالت الصحافيين السودانيين.
وتدور ملاسنات طاحنة في الإعلام بين سودانيين ومصريين، ومثلها في منصات التواصل الاجتماعي، زادت عنفاً بعد زيارة الأميرة القطرية الشيخة موزا بنت ناصر للآثار السودانية في السودان، التي اعتبرها إعلاميون ونشطاء مصريون دعماً للسياحة السودانية على حساب المصرية، فأطلقوا سيلاً من السخرية من تاريخ السودان. فرد إعلاميون سودانيون بـ«أن السودان أصل الحضارة المصرية»، وبلغت الحملة ذروتها حد إطلاق سودانيين لـ«هاش تاغ» يطالب بعدم استقبال وزير الخارجية المصري، وكتب الطيب مصطفى، أحد المقربين من الحكومة السودانية، في صحيفته «الصيحة» سلسلة مقالات عنونها بـ«مصر يا عدو بلادي»، في مجاراة عكسية للأغنية الوطنية السودانية القديمة «مصر يا أخت بلادي يا شقيقة».
وكان متوقعاً هدوء الأحوال والحملات الإعلامية وسيل الاتهامات المتبادل، عقب عقد وزيري خارجية البلدين إبراهيم غندور وسامح شكري، لجولة مباحثات سياسية بالخرطوم السبت الماضي، وأعلنا خلالها عن اتفاقهما على توقيع «ميثاق شرف أخلاقي»، بين مجلسي الصحافة في البلدين، يلتزم به الإعلاميون، وتتوقف تبعاً له حملات الإساءة والتهاتر بين البلدين، لكن إبعاد ساتي وإيمان، وحرمان الصحافي هيثم عثمان من تأشيرة الخروج، صبت الزيت على النار مجدداً.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».