أمازيغ المغرب يطالبون العثماني بتفعيل قانونهم

تصريحات رئيس الحكومة شجعت على المبادرة

العثماني في البرلمان الذي حيا نوابه بالأمازيغية (رويترز)
العثماني في البرلمان الذي حيا نوابه بالأمازيغية (رويترز)
TT

أمازيغ المغرب يطالبون العثماني بتفعيل قانونهم

العثماني في البرلمان الذي حيا نوابه بالأمازيغية (رويترز)
العثماني في البرلمان الذي حيا نوابه بالأمازيغية (رويترز)

شرع أمازيغ المغرب في التحرك لمطالبة الحكومة، التي يرأسها سعد الدين العثماني، المنتمي لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، وهو أمازيغي من منطقة سوس، بتعديل القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، التي كانت حكومة عبد الإله ابن كيران قد أعدته في السنة الأخيرة من ولايتها، وأحالته إلى البرلمان.
وقد تفاءل الأمازيغ بوجود أمازيغي، مدافع عن هذه اللغة، على رأس الحكومة، حيث حرص العثماني مباشرة بعد تعيينه على إعطاء تصريح بالأمازيغية، اعتبر إشارة إيجابية، كما حيا نواب البرلمان بالأمازيغية عند تقديم برنامجه الحكومي أمام مجلسي البرلمان، الأربعاء الماضي، الأمر الذي فتح شهية بعض النواب الأمازيغ لتقديم مداخلاتهم بالأمازيغية عند مناقشة البرنامج الحكومي، مساء أول من أمس، بمجلس النواب.
ويحتفي أمازيغ المغرب بمواقف العثماني السابقة من الأمازيغية، عندما كان وزيراً للخارجية، وذلك عندما طلب في اجتماعين لوزراء خارجية الدول المغاربية تغيير تسمية اتحاد المغرب العربي إلى «المغرب الكبير»، نظراً لوجود غالبية أمازيغية في شمال أفريقيا، لكن وزراء خارجية الدول المغاربية، خصوصاً تونس وليبيا، رفضوا اقتراحه، وفقاً لما أورده موقع «العالم الأمازيغي».
كما يرى العثماني أن «الدولة ملزمة بالتدخل لإعطاء الأمازيغية المكانة اللائقة بها في المدرسة والإعلام والإدارة وغيرها»، وقد سبق له أن حذر عام 2015 من أن اللغة الأمازيغية مهددة بالانقراض بعد 40 عاماً فقط، إذا استمرت الشروط الحالية نفسها للتعامل مع هذه اللغة.
وفي هذا السياق، قدم «تحالف المبادرة المدنية من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية»، الذي يضم عشرات الجمعيات الأمازيغية والحقوقية، أمس، خلال لقاء صحافي، مذكرة تشمل أبرز التعديلات التي يطالب بإدخالها على مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية، من المقرر توجيهها إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين ورؤساء الفرق البرلمانية.
وقد نص دستور 2011، للمرة الأولى، على أن «العربية تظل اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها، وتعد الأمازيغية أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة من دون استثناء، ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلاً بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية».
وأوضح التحالف أن المذكرة هي بمثابة صيغة بديلة للنصوص التي لا ترقى، من وجهة نظرهم، إلى مستوى الوضع الرسمي للأمازيغية، الذي نص عليه الفصل الخامس من الدستور.
ويطالب التحالف باعتبار الأمازيغية لغة تتوفر على كل مقومات اللغة الحديثة، من معاجم وقواعد صرف وإعراب، وليس «مجرد لهجات مشتتة»، إذ يعرفها القانون التنظيمي على أنها «مختلف التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في مختلف المناطق». كما يطالب التحالف بمساواة الأمازيغية باللغة العربية.
ونص مشروع قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي أعدته الحكومة، على اعتماد مبدأ التدرج في تفعيلها، من خلال 3 آماد زمنية: مدى قريب يناهز 5 سنوات، ومدى متوسط 10 سنوات، ومدى آخر بعيد يمتد على 15 سنة. كما ينص على إدماج الأمازيغية في مجال التعليم، وبث الخطب والرسائل الملكية والتصريحات الرسمية للمسؤولين على القنوات التلفزيونية والإذاعات العمومية الأمازيغية، مصحوبة بترجمتها الشفهية أو الكتابية إلى اللغة الأمازيغية، والأمر نفسه بالنسبة للبيانات الموجهة لعموم المواطنين.
كما يقترح مشروع القانون التنظيمي أيضاً أن تُكتب باللغة الأمازيغية البيانات المضمنة في الوثائق الرسمية، ومنها بطاقة التعريف الوطنية (بطاقة الهوية)، وجوازات السفر، ورخص السياقة بمختلف أنواعها، وبطاقات الإقامة المخصصة للأجانب المقيمين بالمغرب، ومختلف البطاقات الشخصية والوثائق المسلمة من قبل الإدارة. كما ينص القانون على إمكانية استعمال الأمازيغية في التقاضي أمام المحاكم لمن يرغب في ذلك، وإجراءات أخرى. بيد أن الأمازيغ رأوا أن القانون لا يرقى إلى مستوى تطلعاتهم، وطالبوا بتدقيق بعض المفاهيم والمصطلحات «الفضفاضة» في القانون، لا سيما أن مشروع تعميم تدريس الأمازيغية في المراحل التعليمية الأولى، الذي شرع في تطبيقه قبل سنوات، آل إلى الفشل، ولم يحقق نتائجه المرجوة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.