لوبان تتبنى سياسة موسكو في سوريا ولا ترى بديلاً عن الأسد

قالت إن الحكومات الفرنسية ارتكبت أخطاء في محاربة الإرهاب

مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان تشارك أمس في تكريم الشرطي الفرنسي الذي قتل خلال «هجوم الشانزليزيه» الإرهابي (أ.ب)
مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان تشارك أمس في تكريم الشرطي الفرنسي الذي قتل خلال «هجوم الشانزليزيه» الإرهابي (أ.ب)
TT

لوبان تتبنى سياسة موسكو في سوريا ولا ترى بديلاً عن الأسد

مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان تشارك أمس في تكريم الشرطي الفرنسي الذي قتل خلال «هجوم الشانزليزيه» الإرهابي (أ.ب)
مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان تشارك أمس في تكريم الشرطي الفرنسي الذي قتل خلال «هجوم الشانزليزيه» الإرهابي (أ.ب)

يمثل التقارب مع روسيا أحد أهم أركان السياسة الخارجية التي تريد مرشحة اليمين المتطرف اتباعها في حال فازت في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في فرنسا التي ستجرى في السابع من مايو (أيار) المقبل. ورغم أنها لم تكن الوحيدة من بين المرشحين الذين يدفعون في هذا الاتجاه، فإنها الأكثر التصاقا بروسيا. وخلال زيارتها الأخيرة إلى موسكو، نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، كان لمارين لوبان شرف لقاء رسمي مع الرئيس فلاديمير بوتين في قصر الكرملين طيلة ساعة ونصف الساعة والتمتع بزيارة خاصة للاطلاع على كنوزه المادية والدينية.
تريد لوبان «تقاربا استراتيجيا» مع موسكو وتعتبر أنه «أكثر من ضروري من أجل محاربة (داعش) والإرهاب». وهي، من أجل ذلك، مستعدة لدفع الثمن من خلال التعبير عن مواقف تقترب وتدعم السياسة الروسية. فهي من جهة، تؤيد سياسة الكرملين إزاء أوكرانيا لا بل إنها تعتبر أن ضم شبه جزيرة القرم «ليس عملا غير شرعي أو غير قانوني لأنه حصل بنتيجة استفتاء شعبي». كذلك، فإنها تنتقد بشدة العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية على موسكو بسبب ضمها لها في عام 2014 وترى أنه «ليس لها ما يبررها». وتشدد لوبان على أنها لا ترى جدوى من «دبلوماسية التهديد والتهويل والعقوبات» وأن نظرتها لملف شبه جزيرة القرم التي «لم تكن أبدا أوكرانية تتطابق تماماً مع نظرة روسيا».
تقول المرشحة التي نجحت في التأهل للجولة الثانية من الانتخابات إنها تناضل من أجل أن تستعيد فرنسا سيادتها وحريتها وإن ما تريده هو أن تكون لبلادها سياسة خارجية «منسجمة تستوحي الاستراتيجيات التي دافع عنها الجنرال ديغول» مضيفة أنها هذه «معركتها واستراتيجيتها».
انطلاقا من هذا المعطى، يمكن فهم مقاربة لوبان لملفي سوريا والإرهاب وانتقاداتها الحادة للسياسة الفرنسية التي «ترتكب أخطاء وراء أخطاء» وتأييدها التام لما تقوم به روسيا إزاء هذين الملفين. وبينما يشكو مرشح الوسط إيمانويل ماكرون من سعي روسي للتأثير على الحملة الانتخابية، فإن لوبان تعد «الحصان» الذي يراهن عليه الكرملين. وبحسب محللين سياسيين واستراتيجيين، فإن انتخاب لوبان رئيسة للجمهورية سيشكل «نجاحا استثنائيا» للكرملين ليس فقط من الزاوية الفرنسية بل أيضا وخصوصا من الزاوية الأوروبية بالنظر لموقع فرنسا وحجم تأثيرها في شؤون الاتحاد.
سعت لوبان دوما لتحسين صورتها وإبراز أنها تحظى بتقدير واحترام العالم الخارجي وتستقبل على أنها مرشحة «جدية» لتسلم مقدرات فرنسا. وقبل أن تذهب إلى موسكو، زارت نيويورك أواسط شهر يناير (كانون الثاني) لكنها لم تحظ بلقاء الرئيس المنتخب دونالد ترمب. وبعدها ذهبت إلى بيروت في 20 فبراير (شباط) حيث كان الرئيس اللبناني ميشال عون أول رئيس دولة تحظى بلقائه. وبطبيعة الحال، طرحت مواضيع الأمن والهجرة والحرب في سوريا. وقالت لوبان، عقب لقائها رئيس الوزراء سعد الحريري، إن «الخيارات في سوريا محصورة بين بشار الأسد و(داعش)» وإنها تختار الأول «لأنه الأقل سوءا». تشرح لوبان موقفها كالتالي: «ليس لي أي علاقة مع بشار الأسد ولم التق به أبدا كما أنني لا أكن له تقديرا خاصا. ولكن السؤال هو: هل هناك حل في سوريا قابل للاستمرار ويتمتع بالصدقية من أجل استبدال الأسد من غير أن تنهار الدولة السورية».
واضح أن مواقف لوبان لا تفترق عن مواقف موسكو التي قالت دوما إنها «غير متزوجة الأسد ولكن لا بديل عنه». كذلك تبنت لوبان الموقف الروسي من الضربة الصاروخية التي وجهتها البحرية الأميركية ضد قاعدة الشعيرات عقب الهجوم الكيماوي على خان شيخون، واعتبرت أنه كان يتعين القيام بتحقيق محايد قبل الانتقال إلى العمل العسكري. وذهبت لوبان إلى حد وصفه بأنه «اعتداء سافر وتدخل في شؤون بلد آخر» مع تأكيدها على أن الهجوم الكيماوي «أمر مخيف ويتعين العثور على المذنبين». كذلك أثنت على استخدام روسيا لحق النقض لإجهاض مشروع قرار في مجلس الأمن الذي قدمته فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لأن مشروع القرار المقدم «يعين المذنب (أي الأسد) قبل حصول التحقيق». ورغم إعجابها بالرئيس ترمب، لأنه مثلها يستخدم لغة شعبوية ويريد محاربة «التطرف الإسلامي» والقضاء على «داعش» كما أنه يدافع عن «أميركا أولا» كما أنها تدافع هي عن «أحقية الفرنسيين قبل الأجانب»، إلا أن لجوءه إلى الضربة العسكرية أحبط آمالها كما أحبط آمال موسكو بتغير سريع للسياسة الأميركية إزاء روسيا وفي الشرق الأوسط.
ترى مرشحة اليمين المتطرف أن سياسة الحكومة المتراخية وفتح الحدود للتنقل الحر وفق اتفاقية شينغن والأخطاء التي ارتكبت في سوريا والتساهل مع الراديكاليين الإسلاميين عوامل أسهمت كلها في حصول الأعمال الإرهابية التي عانت منها فرنسا منذ عامين ونصف العام. وبعد العملية التي جرت ليل الخميس الماضي في جادة الشانزلزيه، اعتبرت لوبان أن الإرهاب «يشن حربا لا رحمة ولا هوادة فيها على فرنسا ويفهم الجميع أن حربا كهذه لا نستطيع أن نخسرها. والحال أن الحكومات المتعاقبة من اليمين واليسار تصرفت بشكل يجعلنا الخاسرين». وبرأيها، أنه يتعين «استهداف جذور الشر أي الأصولية الإسلامية التي تسلح الإرهابيين» منددة بما تقوم به جمعية اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا والمساجد الراديكالية والجمعيات التي تروج لهذه الإيديولوجيات. وخلاصة لوبان أن الحكومات «لم تحرك ساكنا ليس منذ خمس سنوات بل منذ عشر سنوات» أي حكومات اليمين واليسار على السواء في العقد الأخير.
ولا تكتفي لوبان بذلك، بل تريد أن تعيد باريس علاقاتها بعدد من الدول الخارجية، ومنها الخليجية وتركيا. وفي منظورها فإن باريس تغض الطرف عن التدخلات الخارجية في الشؤون الفرنسية وفي موضوع الضواحي وتمويل المساجد وإرسال الأئمة وهي تتعهد بأن تتبع سياسة صارمة تسير بالتوازي مع سياستها لجهة وقف الهجرات غير الشرعية والحد من لم الشمل العائلي وطرد كل أجنبي تثبت عليه شبهة العلاقة بتنظيمات إرهابية والتعامل بقسوة أكبر مع الأشخاص الذين يشكلون تهديدا أمنيا وطردهم... ولا شك أن الأيام المتبقية قبل الدورة الثانية من الرئاسيات ستشهد مزيدا من التركيز على مواضيع الهجرة والإرهاب والإسلام وأن لوبان ترى فيها الرافعة التي يمكن أن توصلها، إلى جانب التنديد بأوروبا والعولمة وبمرشح المال والأعمال «إيمانويل ماكرون» إلى قصر الإليزيه.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.