قياديون في حزب صالح ينضمون إلى الشرعية

غادروا إلى دول عربية لضمان سلامتهم... ويبحثون عزل رأس {المؤتمر الشعبي}

قياديون في حزب صالح ينضمون إلى الشرعية
TT

قياديون في حزب صالح ينضمون إلى الشرعية

قياديون في حزب صالح ينضمون إلى الشرعية

كشفت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» اليمني أن أكثر من 20 قيادياً بارزاً في الحزب انشقوا عن الرئيس السابق علي عبد الله صالح في الآونة الأخيرة بسبب رفضهم لتوجهاته، وانضموا إلى الشرعية.
وقال عصام شريم، رئيس حزب المؤتمر في مدينة الحديدة، وأحد المنشقين، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من خارج اليمن، إن هذه القيادات التي أعلنت انضمامها للحكومة الشرعية، برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، نجحت في الخروج من اليمن، وتوجهت إلى دول عربية لضمان سلامتها، بعد أن تلقت تهديدات مباشرة من الموالين لصالح، ومن الميليشيات التي استولت على ممتلكاتهم، موضحاً أن الميليشيات استولت على منزله وسيارته، وأنه تلقى تهديدات مباشرة وغير مباشرة في حال إعلان انضمامه للشرعية.
وأشار شريم إلى أن التواصل يجري مع عدد من قيادات المؤتمر داخل اليمن، خصوصاً مع المحيطين بعلي صالح، وهم في هذه المرحلة يرغبون في ترتيب أوضاعهم قبل المغادرة، كما أن هناك تواصلاً مع بعض القيادات التي تمكنت من الخروج من اليمن، للتشاور في نقاط عدة، في مقدمتها لقاء الرئيس هادي لطرح النقاط كافة، خصوصاً بعد لقاء عقد مع رئيس الوزراء بن دغر في العاصمة المؤقتة عدن، وجرى خلاله التوصل إلى ضرورة إعادة تشكيل القيادة.
وعن إسقاط صالح من رئاسة المؤتمر، قال شريم إن ذلك يسير وفق أطر قانونية، منها الجانب الإجرائي من خلال المؤتمر العام، وهذا صعب في الوقت الراهن، أو من خلال الجانب النظري المتمثل في خيانة رئيس المؤتمر للمبادئ الفكرية للحزب، المبنية على الميثاق الوطني والوحدة الوطنية، وهو ما أقدم عليه صالح بانتمائه لطائفة، بدلاً عن انتمائه لليمن والمؤتمر الشعبي العام، وهذا سبب جوهري لإسقاطه.
ولفت رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام في الحديدة إلى أن آلية تنفيذ هذا الإجراء تكون عبر اللجنة التنظيمية للمسألة، وهو أمر يتطلب من الرئيس هادي تفعيلها، للبث في قرار فصل صالح من المؤتمر لأنه أخل بمبدأ فكري أساسي يؤدي إلى تنحيته من المؤتمر الشعبي.
وشدد شريم على أن هذه الانشقاق لا يعني انفصالاً عن المؤتمر الذي يعد من أكبر أحزاب اليمن، ويتمتع بقاعدة عريضة، وتابع: «نحن نعمل على وجود المؤتمر في ظل التجربة الديمقراطية، ومواصلة المسيرة خلف عبد ربه منصور هادي، ونعمل على إعادة المؤتمر إلى طريقه بعد أن أخرجه علي صالح عن أهدافه وعن الميثاق الوطني ومبادئه الذي على أساسه أنشئ الحزب».
وتطرق شريم إلى أن ما يحدث هدفه تصحيح المسار للمؤتمر الذي تنحاز إليه الجماهير، وإلى الخيارات الوطنية، وليس إلى فئة ضالة وطائفية تعمل على تقسيم البلاد إلى فئات، وتسير عكس الأسس الفكرية والنظرية التي أسس عليها المؤتمر الشعبي العام، وتوضيح ذلك للمجتمع اليمني، لافتاً إلى أن جلاء الصورة لما آل إليه المؤتمر بتصرفات علي صالح سيؤدي إلى انشقاق غالبية الأعضاء، والانضمام إلى الشرعية.
ودعا شريم الحكومة الشرعية إلى احتضان القيادات الراغبة في الانضمام إليها، وعدم النظر فيما كانوا عليه، مع أهمية ترتيب الحالة التي هم عليها، وذلك لأن الحزب كبير وجماهيره تشكل قاعدة كبيرة في اليمن، خصوصاً مع قرب تحرير الحديدة التي لا تتبع علي صالح، وإنما تتبع المؤتمر الشعبي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.