بين ماكرون ولوبان يتساءل العرب أيهما أفضل؟

ايمانويل ماكرون ومنافسته مارين لوبان (أ.ف.ب - «الشرق الأوسط أونلاين»)
ايمانويل ماكرون ومنافسته مارين لوبان (أ.ف.ب - «الشرق الأوسط أونلاين»)
TT

بين ماكرون ولوبان يتساءل العرب أيهما أفضل؟

ايمانويل ماكرون ومنافسته مارين لوبان (أ.ف.ب - «الشرق الأوسط أونلاين»)
ايمانويل ماكرون ومنافسته مارين لوبان (أ.ف.ب - «الشرق الأوسط أونلاين»)

بين تهنئة العالم لمرشح الرئاسة الفرنسية ايمانويل ماكرون ومنافسته مارين لوبان وحيادية البعض بعد اعلان نتائج الدورة الأولى من الانتخابات بتصدر ماكرون... يلوح استفسار كبير عن مدى انعكاس تولي أحد المرشحين للرئاسة الفرنسية على سياسة البلاد بالنسبة للعرب، خاصة وان المرشحين على طرفي نقيض في المتبنيات والأفكار والتوجهات.
فقد هنأ الاتحاد الأوروبي وألمانيا على لسان وزير خارجيتها والمتحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المرشح المستقل للرئاسة في فرنسا إيمانويل ماكرون بعد أن تصدر الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وانتقل مع مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى الدورة الثانية، وذلك في أول ردود الفعل الدولية على هذه النتائج، فيما اكتفت الولايات المتحدة بالحياد ولم تعلق على ترشح لوبان وماكرون. أما روسيا فأعلنت أنها تحترم خيار الفرنسيين وتؤيد إقامة علاقات جيدة مع باريس.
بدوره، أكد ماكرون عقب إعلان النتائج وأمام مؤيديه أنه سيحمل "صوت الأمل" لفرنسا و"لأوروبا". قائلا وسط هتافات مناصريه "باسمكم سأحمل... صوت الأمل لبلادنا ولأوروبا"، مؤكدا أنه يريد أن يكون "رئيس الوطنيين في مواجهة تهديد القوميين"، على حد قوله، وكما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتصدر إيمانويل ماكرون البالغ من العمر 39 عاما والذي يحدد موقعه بأنه "لا من اليمين ولا من اليسار"، الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية يوم أمس (الأحد)، حاصدا 23.86 % من الأصوات، فيما حلت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان (48 عاما) في المرتبة الثانية بحصولها على 21.43% من الأصوات.
فلوبان التي اشتهرت بموقفها ضد المهاجرين، ودعوتها إلى ترحيل الذين يقيمون في فرنسا بصفة غير قانونية فورا، وإمهال الأجانب الذين لا يجدون عملا ثلاثة أشهر لإيجاد وظيفة أو الرحيل، حتى إن كانوا مقيمين بطريقة شرعية.
ودعمها لبقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة، وإنها ترى أن الأسد "يشكل اليوم حلا يدعو إلى الاطمئنان أكثر بالنسبة إلى فرنسا"، مشيدة بما وصفته "سياسة الأسد الواقعية"، كسرت قاعدة كونها مرشحة مرفوضة من طيف هائل من الداخل الفرنسي بعد حصدها نسبة كبيرة من الأصوات.
ولا يختلف إيمانويل ماكرون المتصدر للجولة الاولى من الانتخابات والذي يوصف بكونه الأقرب الى قصر الإليزيه عن لوبان بمواقفه التي لا تخلو من نزعة قومية.
فماكرون الذى حصل على 23.7% من الأصوات مؤسس حزب "إلى الأمام- !En marche"، وهو حزب سياسي وسطي وليبرالي اجتماعي فرنسي. "وحش سياسي"، وأن "طموحه" لا حد له، كما وصفه كبار السياسيين في بلاده، توعد في حال فوزه، بانتهاج سياسة سلبية مع بعض دول الخليج العربي، وقد دعا فرنسا لدعم شركائها الأوروبيين في الأزمة مع تركيا.
وقبل أسبوعين من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، تظهر استطلاعات الرأي أن ماكرون (39 عاما) ومرشحة "الجبهة الوطنية" مارين لوبان متعادلان، إلا أنها تبيّن أن المرشح الأول سيكتسح منافسته بفارق كبير في دورة الانتخابات الثانية التي تجرى بعد أسبوعين من الدورة الأولى.
إن المؤشرات الحالية كلها تتجه الى رجحان كفة ماكرون على منافسته لوبان. فهل يا ترى ستكون سياسة ماكرون تجاه الدول العربية سياسة سلبية حقا حسب تصريحاته التي أدلى بها خلال حملته الانتخابية في حال فوزه بالرئاسة، أم هي مجرد شعارات استخدمها لزيادة عدد أصواته.
ويرى محللون أن التشابه في القلق مع لوبان هو نفسه ما حدث من قلق مبالغ فيه تجاه تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبيل توليه الرئاسة. لوبان لديها مواقف واضحة وصريحة ضد المهاجرين، وقد تبدأ – في حال فوزها – أيضاً إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وبين لوبان المشهورة بمواقفها ضد المهاجرين ودعمها للأسد، وبين ماكرون، يتساءل العرب أيهما أفضل؟



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».