لبنان: مشاورات قانون الانتخاب تراوح مكانها

الراعي: «الستين» أفضل من الفراغ أو التمديد المطلق

لبنان: مشاورات قانون الانتخاب تراوح مكانها
TT

لبنان: مشاورات قانون الانتخاب تراوح مكانها

لبنان: مشاورات قانون الانتخاب تراوح مكانها

عاد البطريرك الماروني بشارة الراعي للمرة الثانية خلال أيام، ودعا إلى اعتماد قانون الانتخابات النافذ المعروف بـ«قانون الستين» في حال عدم التوافق على قانون جديد، في وقت أقرّ فيه أكثر من مصدر بأنه لا جديد في الطروحات الانتخابية التي كان آخرها ما قدّمه «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يجمع بين «النسبي» و«الأكثري».
وأكّد مصدر وزاري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات في قانون الانتخابات تراوح مكانها، مستبعدا التوصل إلى اتفاق على الرغم من أجواء التفاؤل التي يشيعها أكثر من سياسي، فيما أعلن النائب في «تيار المستقبل» عمار حوري أنه لم يتم تحقيق أي تقدم حتى الساعة في قانون الانتخاب، مؤكدا أنه لا يمكن فرض أي قانون على فريق معين، والمطلوب التوافق أو موافقة الغالبية الكبرى على صيغة معينة تحمل الغموض البناء ولا تفضح النتائج مسبقا.
من هنا، أوضح مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» أن طرح البطريرك الراعي باعتماد «قانون الستين» ينطلق من أن إجراء الانتخابات يبقى أفضل من الفراغ، مشيرا إلى أن «هذا القانون يأتي بعدد لا يستهان به من النواب المسيحيين المحسوبين على التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، والسؤال: لماذا الإصرار على رفضه، والفراغ يداهم المجلس النيابي؟».
من جهته، يقول الوزير السابق رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن لـ«الشرق الأوسط»: «البطريرك حريص على كل الاستحقاقات الدستورية بأن تكون في موعدها، وهو ضنين على قانون انتخابي يرضي جميع اللبنانيين، وعلى كل ما يؤدي إلى تمتين وحدة الصف الإسلامي المسيحي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان والمنطقة، وأنه يتشاور مع كل القوى السياسية، ولديه الثقة بالرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، من خلال حرصهم على الوحدة الوطنية».
ويوم أمس، اعتبر الراعي أنه ليس عيباً الإقرار بالفشل إذا لم يتم التوصل إلى قانون جديد للانتخابات النيابية، والذهاب إلى انتخابات وفق القانون الساري، مع ما يلزم من تمديد تقني للمجلس النيابي، مشددا في عظة الأحد على أن «العيب يكون بالذهاب إلى التمديد المطلق أو الفراغ الذي يدمر المؤسسات الدستورية».
وبانتظار ردود الفعل على الطرح الاشتراكي الأخير، والذي أشار حوري إلى أن «تيار المستقبل» يقوم بدراسته، معتبرا أنه رسم توازنا معقولا بين الأكثري والنسبي، يقول مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، رامي الريس: «حتّى اللحظة لا يبدو أن هناك صيغة تنال أكبر قدر ممكن من التفاهم بين الأطراف، ومن وجهة نظرنا أن المسألة ليست في القدرة على إنتاج مشروعات قوانين جديدة؛ لأن كل طرف وكل حزب يستطيع أن ينتج عشرات القوانين، لكن العبرة في القدرة على إنتاج القانون الذي يحافظ على صيغة التعددية والتنوع في لبنان، ويحمي هذه الصيغة المتميزة، وأن ينال أكبر قدر ممكن من التفاهم الوطني حوله».
وجاء أول تعليق على طرح «الاشتراكي» على لسان رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل، بقوله: «مجرد أن يبادر الحزب التقدمي الاشتراكي في قانون الانتخاب ويقدّم اقتراحاً أو أفكاراً، بمعزل عن رأينا بها، فهذا شيء إيجابي ويشكل خطوة إلى الأمام».
وحول رفض «اللقاء الديمقراطي» الصيغة التأهيلية التي سبق أن طرحها باسيل، قال الريس لـ«الشرق الأوسط»: «الاقتراح التأهيلي على المستوى الطائفي يعتبر بمثابة الطرح الأرثوذوكسي مقنّعاً، ونحن بالأساس رفضنا الاقتراح الأرثوذكسي»، معتبراً أن «الخطأ الفادح الذي ارتكب في النقاش الانتخابي في لبنان هو ربط سلامة التمثيل بمبدأ انتخاب كل طائفة نوابها، وهو ما أدى إلى تدمير كل النقاشات الانتخابية على أسس منطقية وسياسية ووطنية، وجعلها تدور في الفلك المذهبي والطائفي، وهذه المسألة مدمّرة لكل الحياة المشتركة بين اللبنانيين، ولصيغة الشراكة والتعددية والتنوع التي نتمسّك بها».
وشدّد الريس على «أن النسبية الكاملة مرفوضة تماماً من قبل عدد من الأطراف، كما أن النظام الأكثري بالمطلق مرفوض من قبل البعض، ومن هنا نقول إن صيغة القانون المختلط قد تكون الأقرب لمنطق التفاهم، مشيراً إلى أن هذا القانون يشكل نقطة تقاطع معيّن بين عدد من الأطراف السياسيين، ولكن هناك أطرافاً ما زالت تتمسّك بالنسبية الكاملة، فيما ترفضها أطراف أخرى بالمطلق أيضاً، وبالتالي فإن التوفيق بين هذه الرؤى المتناقضة ليس ممكناً حالياً».
أما عن الخطوات الدستورية التي يمكن أن تعتمد لاحقاً، فيقول الريس: «باستطاعة رئيس الجمهورية أن يردّ قانون التمديد في حال اتخذ القرار بإقراره في المجلس النيابي. وإذا أصرّ المجلس عليه مجدداً يستطيع رئيس الجمهورية أن يطعن فيه أمام المجلس الأعلى الدستوري، الذي يمكن ألا يلتئم بعدها بعدم اكتمال النصاب»، جازماً بأنه في حال وصلت الأمور إلى هذه المرحلة «سنكون أمام أزمة سياسية كبيرة وخطيرة جداً!».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.