معركة ريف حماة وإفراغ الفوعة وكفريا يحضران للهجوم على إدلب

إذا استعاد النظام مورك لن يكون دخوله إلى خان شيخون صعباً

متطوعون من «الخوذ البيضاء» للدفاع المدني يزيلون ركام الحجارة المتراكم بفعل غارات الطيران على مستشفى مؤقت في عابدين بريف إدلب (رويترز)
متطوعون من «الخوذ البيضاء» للدفاع المدني يزيلون ركام الحجارة المتراكم بفعل غارات الطيران على مستشفى مؤقت في عابدين بريف إدلب (رويترز)
TT

معركة ريف حماة وإفراغ الفوعة وكفريا يحضران للهجوم على إدلب

متطوعون من «الخوذ البيضاء» للدفاع المدني يزيلون ركام الحجارة المتراكم بفعل غارات الطيران على مستشفى مؤقت في عابدين بريف إدلب (رويترز)
متطوعون من «الخوذ البيضاء» للدفاع المدني يزيلون ركام الحجارة المتراكم بفعل غارات الطيران على مستشفى مؤقت في عابدين بريف إدلب (رويترز)

استكملت قوات النظام تقدمها في ريف حماة الشمالي بالسيطرة على بلدة حلفايا، في وقت حذّرت فيه المعارضة مما يحضّر للهجوم على إدلب من قبل النظام وحلفائه، ولا سيما بعد إفراغ الفوعة وكفريا، اللتين كانتا تعتبران ورقة ضغط في يد الفصائل في هذه المنطقة.
ويوم أمس، أعلن عن استعادة النظام بلدة حلفايا وانسحاب المعارضة من عدد من المناطق التي كان قد سيطرت عليها في الأسابيع الماضية، وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط» «هدف النظام هو السيطرة على كامل ريف حماة الشمالي، والتقدم نحو خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، ومن ثم التوسع إلى مناطق في إدلب، وهذه الخطة يبدو أنها تسير كما يريدون لها، ولا سيما أن موسكو نفذت خلال أيام مئات الضربات الجوية وتساهم بشكل كبير في تحقيق هذا التقدم، وبالتالي فإن النظام وحلفاءه قد يتمكنون في أي لحظة من استعادة مورك بريف حماة، وعندها لن يكون الدخول إلى خان شيخون صعبا».
في هذا الإطار، قال مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم: «روسيا وإيران يعدان العدة لدخول إدلب بدعم دولي». وطالب الجولاني، زعيم «جبهة النصرة»، أن يسلّم المنطقة لأهلها و«جيشها الحر»، في حين اعتبر العميد في «الجيش الحر»، فاتح حسون، أن «الهجوم على إدلب من الناحية العسكرية بدأ بالهجوم الحالي على خان شيخون، وما يحدث اليوم هو عمليات حرق وتدمير كامل للبشر والحجر من قبل الروس والإيرانيين، ومن تبقى من قوات النظام»، مؤكدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الواقع سيؤدي إلى تصعيد المواجهات وعمل مضاد من قبل الفصائل العسكرية بما يتناسب مع الأوضاع الميدانية».
من جهته، اعتبر المتحدث باسم الهيئة العليا التفاوضية، رياض نعسان آغا، أن «المعارك في إدلب مستمرة ولم تتوقف، إنما يمكن القول إنه لغاية الآن القرار الأميركي فيما يتعلق بإدلب لم يحسم بعد». ويلفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إفراغ الفوعة وكفريا كان الهدف منه سحب ورقة الضغط من يد المعارضة، لتصبح المنطقة بأكملها مباحة أمامه للقصف والهجوم العسكري؛ وهو الأمر الذي قد يمهّد اليوم لبدء الهجوم البري على إدلب».
وفي حين استبعد مصدر في «الجيش الحر» في إدلب، أن ينجح النظام في الاستمرار بمعركته وصولا إلى خان شيخون؛ نظرا إلى طبيعة الأرض والمناطق التي تختلف عن تلك التي نجح في السيطرة عليها في الأيام الماضية، قال لـ«الشرق الأوسط» «إفراغ كفريا والفوعة اللتين كانتا تشكلان صمام الأمام بالنسبة إلى المعارضة في المنطقة، كان هدف النظام الأساسي للهجوم على إدلب، أما وقد تحقق هذا الأمر فهو بدأ في العمل لتحقيق هذا المخطط، وما ساعده في ذلك عدم توحّد الفصائل المعارضة في مواجهة هذا الهجوم»، موضحا، أن «تعنّت (هيئة تحرير الشام) برفضها مشاركة (أحرار الشام) وفصائل أخرى المشاركة في المعركة ساهم في هذه الخسارة»، وأضاف: «لكن لا أعتقد أن الوضع سيبقى كذلك؛ فالمناطق التي يسعى النظام للوصول إليها، مثل مورك وخان شيخون مأهولة بالسكان، ولا بد للمعارضة أن تتوحد في القتال على وقع الضغط الشعبي»، مذكرا بما حصل بين عامي 2014 و2015 «وتحديدا في مورك التي كانت مقبرة للدبابات النظام».
من جهته، ينفي العميد فاتح حسون وجود انقسامات بين الفصائل في إدلب، قائلا: «الأمور العسكرية على ما يرام بالنسبة إلينا، وفي العمل العسكري لا يوجد أي انقسام، والكل يشارك بحسب القدرات المتوافرة، ومما لا شك فيه أن المدنيين يبقون الحلقة الأضعف، ونحن نبذل جهدنا وهمنا الأهم هو حمايتهم».
ويوم أمس، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية تمكنت من استعادة السيطرة على كامل بلدة حلفايا بريف حماة الشمالي إضافة إلى تلة الناصرية ومزارع سنسحر والويبدة وقرية بطيش وحاجز الترابيع بالريف ذاته، عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل المعارضة و«هيئة تحرير الشام» في تلة الناصرية وعلى وقع صاروخي مكثف، لتنسحب الفصائل على إثرها من حلفايا وباقي المناطق؛ نظراً لأهمية تلة الناصرية في رصد هذه المناطق. وأشار كذلك إلى تمكن قوات النظام من خلال تقدمها يوم أمس، من السيطرة نارياً على قرى منطقة الزوار في الريف الشمالي لحماة، بعد يومين على سيطرتها على بلدة طيبة الإمام، لتكون بذلك استعادت السيطرة على كامل المناطق التي خسرتها في هجوم الفصائل الأخير في الـ21 مارس (آذار) الماضي.
وبحسب «شبكة شام» المعارضة: «تعرضت مدينة حلفايا ومحيطها خلال الأيام الثلاثة الماضية لنحو 400 غارة جوية من قبل سلاح الجو الروسي، الذي أغار بجميع أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، بالقنابل الفراغية والعنقودية والارتجاجية والنابالم الحارق والمظلية وأيضا البراميل المتفجرة، إضافة إلى استهداف المدينة بما يزيد على ألف قذيفة خلال اليومين الماضين من مرابض المدفعية في جبل زين العابدين ودير محردة ورحبة خطاب».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.