روائع الفن الإسلامي تتألق في مزاد بونهامز بلندن

يضم 304 قطع نادرة من مخطوطات قرآنية وتحف مملوكية و«برونزيات خراسان» وخزف تيموري

عارضة في مزاد بونهامز تتطلع إلى مخطوطة بالخط الكوفي داخل صالة الفنون الإسلامية أمس (تصوير: جيمس حنا)
عارضة في مزاد بونهامز تتطلع إلى مخطوطة بالخط الكوفي داخل صالة الفنون الإسلامية أمس (تصوير: جيمس حنا)
TT

روائع الفن الإسلامي تتألق في مزاد بونهامز بلندن

عارضة في مزاد بونهامز تتطلع إلى مخطوطة بالخط الكوفي داخل صالة الفنون الإسلامية أمس (تصوير: جيمس حنا)
عارضة في مزاد بونهامز تتطلع إلى مخطوطة بالخط الكوفي داخل صالة الفنون الإسلامية أمس (تصوير: جيمس حنا)

يلتقي عشاق الفن الإسلامي والمقتنيات الفنية والتراثية النادرة الثلاثاء المقبل، في صالة مزادات «بونهامز» بالعاصمة البريطانية بوسط لندن للاستمتاع والاطلاع واقتناء روائع ما صنعه الفنانون والخطاطون المسلمون على مدى عقود من الزمان. وسيعرض في المزاد العالمي 304 قطع فنية من فنون العالمين الإسلامي والهندي النادرة، الذي يتوقع أن تضرب بعض معروضاته الرقم القياسي في الأسعار، نظرا لجودتها وجمالها وندرتها، بالإضافة إلى بعض من صفحات المصحف الكريم النادرة جدا والمكتوبة بالخط الكوفي القديم والنسخ وعلى جلد الغزال، وصفحات ومخطوطات أخرى من العصر العثماني وموقعة بأسماء خطاطيها.
وتضمن المزاد بيع رداء من الحرير، يرجع تاريخه إلى القرن الـ14، واحتوى هذا الرداء على مصطلحات فنية تمزج بين المفردات الزخرفية الإسلامية. وهي القطعة رقم 112 في المزاد، وهي رداء من الحرير الخيلاني من آسيا الوسطى، القرن الثالث عشر أو القرن الرابع عشر، ومعروضة للبيع في حدود ما بين 50 ألفا و70 ألف جنيه إسترليني، وهي رداء يسر الناظرين، عبارة عن رداء من الأكمام الطويلة والرقبة المستديرة، والجزء السفلي من الرداء مجموع مع الطيات إلى الأعلى، ومنسوج من اللون الكريمي والحرير البني إلى الظهر، والأكمام والتنورة مع تصاميم متكررة من الديوك المصغرة في الواجهة مع الزخارف المورقة مع الأوراق المعقودة على أرضية من الزهور المزخرفة، والأكتاف موشاة بمجموعة من الرسومات الهندسية المتشابكة على أرضية من أوراق الكروم، ومساحة القطعة 153 × 148 سنتيمترا.
أما القطعة رقم 108 فهي عبارة عن دعامة خيمة ملكية برونزية ضخمة تعود صناعتها إلى آسيا الوسطى، أواخر القرن الثاني عشر، ذات شكل أسطواني، مفتوحة من الجانبين، مصبوبة من قطعة واحدة، مع أربع حلقات بارزة ومتباعدة، مع حفريات على القسمين العلوي والسفلي بنقوش متكررة بخط الثلث على الدوائر الثلاث المتناوبة. والجزء الأوسط منها يعكس إفريزا أنيقا يصور أسودا تركض على أرضية ثابتة، وهي معروضة للبيع ما بين مائة ألف إسترليني و150 ألف إسترليني. 53 × 40 سنتيمترا.
وتعتبر هذه القطعة البرونزية الضخمة شاهدة على مهارة الفنون الإسلامية في النحت المعدني خلال العصور الوسطى. كما أنها قطعة فنية مطابقة وربما قريبة للغاية من إحدى القطع التي سوف تباع في المزاد نفسه. وهي من الإضافات المهمة للمجموعة المعروفة باسم «برونزيات خراسان» المحفورة. ووصف أناتولي إيفانوف من متحف الأرميتاج الوطني في سان بطرسبرغ أهمية هذه القطعة، ويمكن رؤية قطع مماثلة لها في اللوحات المصغرة من العصر التيموري والصفوي والعثماني.
أما القطعة رقم 139 فهي لوحة معدنية بكتابات ونقوش إسلامية من الطراز المغربي المطرز بالخيوط المعدنية تعود إلى المغرب، نحو القرن الثامن عشر، ومعروضة للبيع ما بين 60 و80 ألف إسترليني، مكونة من شكل متعدد الأضلاع، مع أرضية من القطن الأسود المطرز بالخيوط المعدنية المذهبة مع قوس يحتوي على مجموعة من النقوش ذات المشبكيات النباتية المتداخلة، وفي القوس توجد كتابات داخل محيط نجمي، وفي الأسفل هناك ميدالية كبيرة الحجم تحتوي على بعض النقوش، وكل ذلك على أرضية من النباتات المتشابكة، والجزء العلوي من القوس مدبب مع نوعين من النقوش، والحدود العليا تتميز بالعصابات المتشابكة، والجوانب من الكروم المتموج، مساحتها تقدر بـ183 × 111 سنتيمترا.
وفي مزاد بونهامز أيضا صندوق خشبي نادر من عهد بنو نصر، غرناطة (إسبانيا) للقرن الخامس عشر، والغطاء من وقت لاحق على ما يبدو، وسعرها المطروح في المزاد ما بين 20 ألفا و30 ألف جنيه إسترليني أي نحو 25 ألفا إلى 37 ألف دولار أميركي، وهي القطعة رقم 117. هي عبارة عن صندوق مستطيل الشكل مع غطاء مفصلي، مزخرف بشكل كبير في الدعائم من خشب الأبنوس والبطانة من لوحات مستطيلة الشكل على كل جانب من العصابات المتحدة والمطعمة بمربعات صغيرة من الخشب والعظام من الألوان الطبيعية ومصبوغة باللونين الأزرق والأخضر، وإلى الأعلى والأسفل عصابات من الزخارف المشكلة من شرائط العظام والأبنوس. والغطاء المصنوع في وقت لاحق يحمل نجمة ثمانية الشكل كبيرة الحجم مدببة الأطراف ومحاطة بأربعة نجوم مصغرة ثمانية الشكل ومدببة الحواف هي الأخرى ومثبتة على أرضية من نجوم سداسية الحواف مشكلة من المثلثات المطعمة بقطع صغيرة من العظام. وحواف الغطاء مكونة من عصابات مثلثية مجزأة واليد الحديدية المعلقة محاطة بمفصلين كبيرين من الحديد على شكل زخارف من النباتات المورقة. وكل طرف مقوى بدعائم حديدية عند الأعلى والأسفل ومنتهية بزخارف من أوراق النخيل. وهناك أيضا القطعة رقم 139 في مزاد بونهامز للفنون، وهي عبارة عن لوحة نادرة مطرزة بالخيوط المعدنية تعود إلى المغرب، نحو القرن الثامن عشر، مكونة من شكل متعدد الأضلاع، مع أرضية من القطن الأسود المطرز بالخيوط المعدنية المذهبة مع قوس يحتوي على مجموعة من النقوش ذات المشبكيات النباتية المتداخلة، وفي القوس توجد كتابات داخل محيط نجمي، وفي الأسفل هناك ميدالية كبيرة الحجم تحتوي على بعض النقوش، وكل ذلك على أرضية من النباتات المتشابكة، والجزء العلوي من القوس مدبب مع نوعين من النقوش، والحدود العليا تتميز بالعصابات المتشابكة، والجوانب من الكروم المتموج، ومساحتها 183 × 111 سنتيمترا.
كما يتضمن المزاد القطعة رقم 91 في شكل زجاجة مصبوبة من زخرفة تطبيقية، يرجع تاريخه إلى القرن الـ11. وطولها نحو 26.7 سم، وتقدر قيمه الزجاج من 12 إلى 19 ألف دولار. ومن بين المقتنيات الإسلامية، برونزية ضخمة على شكل أسطواني، يرجع تاريخها إلى أواخر القرن الـ12. وهذه البرونزية شهادة على مهارة المعادن الإسلامية في العصور الوسطى، وتقدر قيمة البرونزية ما بين 120 و190 ألف دولار.
ومن بين المخطوطات الإسلامية المبيعة في دار بونهامز، ورقة كبيرة من القرآن الكريم، من سورة النحل، يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الرابع عشر، فهذه المخطوطة العربية كتبت بالحبر الأسود، وقدرت قيمتها ما بين 5 إلى 7 آلاف دولار. وهناك أيضا المزاد رقم 3 وهي مخطوطة قرآنية بالخط الكوفي معروضة بسعر 15 إلى 20 ألف إسترليني تعود إلى شمال أفريقيا.
وبالنسبة للقطع الخزفية فهناك بلاطة مزدانة بالزخارف الكتابية من آسيا الوسطى من الخزف تعود للعصر التيموري للقرن الـ14 يقدر الخبراء والمثمنون سعرها ما بين 30 ألفا و40 ألف جنيه إسترليني، أي نحو 37 ألفا إلى 50 ألف دولار أميركي، وشكل البلاطة الخزفية سداسي، ومزينة بألوان الكوبالت الأزرق والفيروز واللون الأحمر على أرضية بيضاء مع خطوط خارجية سوداء مع خطوط كتابية ونقشية كبيرة بخط الثلث على أرضية من النباتات المعرشة، وزهرة لوتس وحيدة، والحافة السفلية بها شريط يحتوي على وريقات مزهرة وممدودة ومزخرفة بالزخارف الرباعية، وبقايا الحواف العلوية تحتوي على الجزء السفلي من النقوش بالخط الكوفي، مساحتها 45 × 38 سنتيمترا. إلى ذلك أيضا هناك مجموعة من العلب المعدنية، وهي مجموعة من العلب من النحاس المطعم بالفضة من العصر المملوكي من مصر تعود إلى القرن الرابع عشر، والعلب مستديرة الشكل مع شريط مركزي عند الوسط على قدم متباعدة مع حافة محفورة، والزخارف موشاة بكل براعة ومزخرفة بالفضة المرصعة مع إفريزين كبيرين من النقوش التي تتخللها الحلقات الدائرية حتى الحلقات السفلية، تحتوي على خمس من الوريدات الصغيرة على أرضية من النباتات المتداخلة والجزء العلوي يحتوي على حلقات دائرية مركزية تحتوي على أربعة طيور محاطة بالشرائط التي تحتوي على الكروم المتموجة. وفي الجانب السفلي من الحافة هناك اثنتان من الميداليات المحفورة، والشريط المركزي موشى بالكروم المزهرة، والعناصر المخروطية العلوية والسفلية هي في الأصل من دعامتين منفصلتين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».