الجامعات التركية نقطة جذب للدارسين العرب

التقارب الجغرافي والثقافي وانخفاض التكلفة أهم المزايا

الجامعات التركية نقطة جذب للدارسين العرب
TT

الجامعات التركية نقطة جذب للدارسين العرب

الجامعات التركية نقطة جذب للدارسين العرب

توسعت تركيا في السنوات الأخيرة في إتاحة الفرصة للطلاب من الدول العربية لمواصلة دراستهم في جامعاتها الحكومية والخاصة، إضافة إلى تقديم المنح الدراسية المجانية في الجامعات الحكومية.
وباتت الجامعات التركية وجهة مفضلة للطلاب العرب بحكم التقارب الجغرافي والتقارب في العادات والتقاليد، فضلا عن المستوى التعليمي الجيد ووجود أقسام للدراسة باللغتين العربية والإنجليزية، فضلا عن التسهيلات الممنوحة للطلاب الأجانب في مصروفات الدراسة والانخفاض النسبي في تكاليف المعيشة.
وتتيح الجامعات التركية الدراسة في كثير من التخصصات باللغة الإنجليزية دون اشتراط الحصول على درجات معينة في اللغة للقبول بها كما هي الحال في الجامعات الأوروبية.
ويقول بولنت يلديز، الأستاذ في جامعة جيليشم الخاصة في إسطنبول، إن الجامعات التركية تشارك في كثير من برامج التبادل الطلابي بين دول العالم مثل برنامج «إيراسموس» الذي يتيح للطلاب دراسة سنة أو فصل في أي جامعة من دول الاتحاد الأوروبي، بجانب برنامج «فارابي» الخاص بتركيا وكثير من دول العالم مثل كندا وأميركا وأستراليا.
وتشير تقارير ودراسات دولية صادرة حديثا إلى أن تركيا باتت تعد من الأماكن المثالية للحصول على تعليم ذي جودة عالية يتناسب مع نوعية حياة جيدة نسبيا للدارسين رغم انخفاض التكاليف، مما يجعل الدراسة في تركيا تحتل مرتبة متقدمة عالميا قياسا بالدول المتطورة، إذا ما جرت مقارنة الجودة العلمية وتكاليف الرسوم الدراسية فيها ونفقات المعيشة مع البلدان الأخرى، فضلا عن وجود عدد من الجامعات التركية تأتي ضمن تصنيف أفضل 200 وأفضل 400 جامعة في العالم.
وتصل مصروفات الدراسة السنوية للطالب في الجامعات الخاصة في تركيا إلى ما يتراوح ما بين 4 آلاف و20 ألف دولار، كما ينفق الطالب الأجنبي بشكل تقديري في تركيا ما يقارب 400 إلى 600 دولار للإعاشة ما بين إقامة وطعام وتنقلات واتصالات. بينما لا تتجاوز قيمة الرسوم الإدارية مع الكتب 300 دولار أميركي في أقصى الحالات خلال السنة الدراسية الواحدة للجامعات الحكومية.
وتتفاوت قيمة الإنفاق تبعا لأماكن الإقامة وأنماط الحياة المعيشة ونوع المؤسسات التعليمية الرئيسية التي يلتحق بها الطالب للدراسة.
وتختلف تكاليف الدراسة في تركيا بين جامعة وأخرى، حكومية أو خاصة، وكذلك حسب ميزاتها، والاختصاصات المرغوبة، والسنوات الدراسية المختارة، إضافة إلى موقعها والولاية التي تتبع لها الجامعة.
ففي الجامعات الحكومية لا تتجاوز الأقساط السنوية 300 دولار، بينما في الجامعات الخاصة تتجاوز الأقساط هذا الرقم ليصل إلى الآلاف، وبإمكان أي طالب الاستفسار حول تكاليفها ببساطة من خلال الشبكة العنكبوتية أو الاتصال المباشر بإدارة الجامعة المطلوبة.
وتقوم الحكومة التركية من خلال المجلس الأعلى للجامعات في بداية كل عام دراسي بتحديد الرسوم الدراسية لبرامج الدراسة الجامعية البكالوريوس والدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه).
ويقول الطالب العراقي بجامعة بهتشه شهير التركية، إنه بالنسبة للطلاب العرب فإن تركيا تتميز بتقارب ثقافتها مع الثقافة العربية ومن ثم لا نشعر بالغربة، بالإضافة إلى الاهتمام بالشعائر والمناسبات الإسلامية واللغة العربية بشكل ملحوظ.
ويتركز الطلاب العرب في الغالب في جامعتي إسطنبول وأنقرة الحكوميتين بالنسبة للمنح الدراسية التي تعلن عنها تركيا في شهر فبراير (شباط) من كل عام للمنح الدراسية لطلاب الثانوية العامة، كما تتوزع منح الدراسات العليا في كثير من الجامعات في مختلف محافظات تركيا، حيث يبلغ عدد الجامعات في تركيا حاليا 181 جامعة حكومية وخاصة.
وأكثر الجامعات الخاصة جذبا للطلاب من المنطقة العربية تتركز غالبيتها في إسطنبول، ومنها جامعة بهتشه شهير التي تأسست عام 1998، وتسعى لأن تصبح ضمن قائمة أفضل 500 جامعة عالميا بحلول عام 2023، رافعة شعار «جامعة العالم في قلب إسطنبول»، ويقع مقرها في حي بشكتاش التاريخي ومبانيها الأخرى في حي شيشلي، وتتيح الفرصة لطلابها في الساحات العلمية العالمية بما لديها من مدارس واتفاقيات تعليمية في كثير من أنحاء العالم.
وللجامعة فرع في واشنطن وترتبط بكثير من اتفاقيات التبادل مع جامعات أوروبية وأميركية.
وتقول الطالبة المصرية ندى أحمد التي تدرس بجامعة بهتشه شهير، إن الجامعة كانت صاحبة السبق في تركيا في تطبيق مشروع «CO - OP» القائم على التعاون بين الجامعة وسوق العمل، حيث يقدم المشروع للطلاب فرصة معايشة تجربة حياة عملية حقيقية، خلال سنوات الدراسة، وهذا المشروع الذي انطلق من مفهوم «حرم جامعتي هو مكان عملي» لديه اتفاقات تعاون مع 800 مصنع داخل تركيا وخارجها، كما توفر هذه الاتفاقية إمكانية التدريب وخبرة العمل لطلاب الجامعة في المؤسسات والهيئات ذات التعاون مع الجامعة.
كما استحدثت الجامعة مفهوم «المقرر الدراسي ذي الماركة» انبثاقا من نموذج التعليم في مشروع «CO - OP»، حيث تقدم المصانع في نهاية هذه المقررات الدراسية دروسا بواسطة مديريها، من أجل تأهيل قوة عاملة متميزة في مجال هذه المصانع ومنتجاتها وخدماتها وتطبيقاتها.
كما تركز الجامعة على الجانب التطبيقي للحياة العملية، وتوفر للطلاب في جميع الأقسام العلمية إمكانية اختيار مواد التطوير الذاتي، بهدف رفع الثقة بالنفس لدى الطلاب، وتطوير علاقاتهم الشخصية ومهارات التواصل، والإرشاد إلى كيفية توظيف المعلومات، ويحصل طلاب جامعة بهتشه شهير بعد النجاح في هذا المقرر الدراسي على شهادة موقَعة من الهيئة المعنية. وتبلغ تكاليف الدراسة بالجامعة للطالب الأجنبي 8 آلاف دولار، مع إمكانية الحصول على منحة تصل إلى 30 في المائة.
وهناك جامعة أيدن، التي تأسست عام 2007، وتعد من الجامعات المميزة في إسطنبول وتتميز بشهادتها المعترَف بها في دول الاتحاد الأوروبي، وتضمن الوظائف لجميع خريجيها ولها 7 أفرع في أنحاء مختلفة من إسطنبول ويدرس بها 24 ألف طالب، و8 كليات تحوي تخصصات مختلفة لكل من البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وتتعاون مع 450 جامعة دولية.
أما جامعة بايكنت فهي جامعة وقفية، أي لا تهدف إلى الربح، أسسها وقف آدم تشيلك بايكنت التعليمي عام 1997 وهدفها الأساسي تقديم جودة تعليم عالية وإعداد جيل قادر على تحقيق إنجازات، وتوجد لها ثلاثة فروع في إسطنبول، ويدرس بها ما يزيد على 15 ألف طالب في 8 كليات تضم 67 تخصصاً، ومعهدين للدراسات العليا، و3 مراكز بحثية ومركز للتعليم عن بعد ومتوسط الرسوم الدراسية فيها للعام الجامعي نحو 4 آلاف دولار.
كما تحظى جامعة بيلجي التي تأسست في إسطنبول عام 1996، وهي واحدة من 88 جامعة ومعهدا فنيا تتبع مجموعة جامعات لوريت الدولية المنتشرة في 28 دولة حول العالم.
وتضم الجامعة 6 كليات بها 150 برنامجا دراسيا، إضافة إلى 21 مركزا بحثيا، ولدى الجامعة خبرة كبيرة في مجال التعليم على مدى 20 عاما، حيث تخرج فيها أكثر من 24 ألف خريج حتى الآن.
وترفع الجامعة شعار «التعلم للحياة»، وهي عضو مركز التطوير الوظيفي، وتؤهل طلابها لاكتساب مزيد من الخبرات العملية وتؤهله لسوق العمل وتوفر فرص عمل لخريجيها في كثير من المؤسسات، وتتيح للطلاب الجمع بين تخصصين في آن واحد، وتهتم باللغة الإنجليزية، وحصلت على اعتراف الاتحاد الأوروبي منذ 16 عاماً.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».