محمد بن سلمان: حقبة ما بعد 1979 ولّى زمانها... وطموحاتنا لا يحدها إلا السماء

الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (واس)
الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (واس)
TT

محمد بن سلمان: حقبة ما بعد 1979 ولّى زمانها... وطموحاتنا لا يحدها إلا السماء

الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (واس)
الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (واس)

أكد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي، أن السعودية تعمل بثقة للدفع نحو إصلاحات اقتصادية واجتماعية وتنمية قطاع الترفيه.
وقال الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة أجراها الصحافي ديفيد أغناتيوس، عبر صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إن السماء هي الحد لطموحات السعوديين.
وعبر محمد بن سلمان عن تفاؤله بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكداً أنه سيعيد الولايات المتحدة إلى مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن ترمب استعاد جميع تحالفات واشنطن.‎
وأوضح محمد بن سلمان خططه في لقاءٍ بمكتبه استمر لمدة 90 دقيقة، مساء يوم (الثلاثاء) الماضي، وقد قال مساعدوه إن هذه كانت هي المقابلة الأولى المطوّلة له منذ أشهر.
وتحدث الأمير محمد بن سلمان بشكلٍ تفصيلي حول موضوعات كثيرة، مثل السياسة الخارجية، وخطط خصخصة الشركة العملاقة في مجال النفط (أرامكو السعودية) واستراتيجية الاستثمار في الصناعة المحلية، وتنمية قطاع الترفيه على الرغم من معارضة البعض.
وقال الأمير محمد بن سلمان: «إن الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير». مضيفاً: «الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إذا كان الشعب السعودي غير مقتنع، وفي حال كان الشعب السعودي مُقتنعاً، فالسماء هي الحد الأقصى للطموحات».
ويبدو أن هناك رغبة كبيرة بالتغيير في هذا البلد الشاب والدؤوب: «فقد قال لي رئيس مركزٍ لقياس الرأي العام، هو عبد الله الحقيل، إن استطلاع الرأي الذي أجراه المركز مؤخراً أظهر أن نسبة 85 في المائة من المواطنين، متى ما أُرغموا على الاختيار، سيفضلون الحكومة على غيرها من السلطات المختلفة. وأضاف أن هناك نحو 77 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون خطة الإصلاح (رؤية 2030) التي تقوم بها الحكومة، وأن هناك 82 في المائة ممن يفضلون العروض الترفيهية في التجمعات العامة. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام غير مؤكدة بشكلٍ مستقل، فإنها تشير إلى توجهات المشاعر الشعبية، التي يقول عنها السعوديون إنها مدعومة بالأدلة»، حسب الصحافي ديفيد أغناتيوس.
وقال ولي ولي العهد، إنه كان «متفائلاً جداً» بالرئيس ترمب. ووصف ترمب بأنه «الرئيس الذي سيعيد الولايات المتحدة إلى مسارها الصحيح» بعد باراك أوباما، الذي لا يثق فيه المسؤولون السعوديون.
واستطرد محمد بن سلمان قائلاً: «على الرغم من أن ترمب لم يُتمم بعد 100 يوم في كرسي الرئاسة، فإنه استعاد جميع تحالفات الولايات المتحدة مع حلفائها التقليديين».
وكانت الزيارة التي قام بها وزير الدفاع جيمس ماتيس للسعودية هذا الأسبوع، إشارة إلى ترحيب المملكة بإدارة ترمب. وفي حين أن إدارة أوباما قامت بانتقاد الحرب السعودية في اليمن، ناقش ماتيس إمكانية تقديم دعم أميركي إضافي للسعودية إذا لم يوافق الحوثيون على تسوية من قبل الأمم المتحدة.
وكان الأمير محمد بن سلمان يتكلم بشكل دبلوماسي عن روسيا والولايات المتحدة، وقد طرح تفسيراً مثيراً عن هدف السعودية بهذه الدبلوماسية. قائلاً: «الهدف الرئيسي من هذا هو ألا تضع روسيا جميع أوراقها خلف إيران في المنطقة». ومن أجل إقناع روسيا بأن المملكة تُعد رهاناً أفضل من طهران في المنطقة، مضيفاً: «نحن قمنا مؤخراً بتنسيق سياساتنا النفطية مع موسكو، وهذه قد تكون أهم صفقة لروسيا في العصر الحديث».
وبدت خطط الإصلاح على أنها تتقدم بثبات وإن كانت بطيئة. وقال الأمير محمد بن سلمان: «إن العجز في الميزانية قد انخفض، وإن الإيرادات غير النفطية قد ارتفعت بنسبة 46 في المائة من عام 2014 إلى عام 2016، ومن المتوقع أن تنمو بنسبة 12 في المائة إضافية هذا العام». واستطرد قائلاً: «إن البطالة والإسكان لا يزالان يُمثلان مشكلة، وإن من المرجو حدوث تحسن في هذين الجانبين بحلول فترة 2019 - 2021».
وأوضح أن أكبر تغيير اقتصادي هي خطة لخصخصة 5 في المائة من شركة «أرامكو السعودية»، قائلا: «إنها خطوة سوف تتم في العام المقبل».
ومن المرجح أن يجني هذا الطرح الأولي المئات من مليارات الدولارات، وقد يكون أكبر عملية بيع في التاريخ المالي. حيث قال أغناتيوس: «لقد أخبرني الأمير محمد بن سلمان بأن الحجم الدقيق لمثل هذا الطرح سوف يعتمد على طلب سوق المال، وتوفر الخيارات الجيدة لاستثمار الإيرادات التي يتم جنيها، والفكرة الأساسية خلف بيع حصة من هذا الكنز النفطي للمملكة العربية السعودية، هو جني الأموال لتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على الطاقة، وسوف تكون إحدى الأولويات هي قطاع التعدين، الذي يمتلك ثروة معدنية محتملة تقدر قيمتها بـ1.3 تريليون دولار أميركي».
وذكر محمد بن سلمان أهدافاً استثمارية أخرى، وهي: إنشاء صناعة محلية لتصنيع السلاح وتقليل ما قدره 60 - 80 مليار دولار أميركي، مما تنفقه المملكة العربية السعودية على شراء الأسلحة من الخارج، وإنتاج مركبات القيادة في السعودية لكي تحل محل ما تنفقه الحكومة سنوياً على المركبات المستوردة والتي تقدر قيمتها تقريباً بـ14 مليار دولار أميركي، وإنشاء قطاعات محلية للترفيه السياحي، وذلك للحصول على جزءٍ مما ينفقه السعوديون سنوياً، حينما يسافرون للخارج، حيث تُقدر تلك الأموال بـ22 مليار دولار أميركي.
وعن قطاع الترفيه، قال الأمير محمد بن سلمان، إنه ليس إلا واجهة أمامية للغزٍ أكبر، وهو كيفية فتح الاقتصاد السعودي. وقد بدأت التغييرات تجري فعلاً، إذ أحيت فرقة أوركسترا يابانية حفلاً أُقيم هنا في الشهر الحالي، وذلك أمام جمهور من العوائل، علاوة على ذلك، فهناك فعالية لـ«كوميك كون» أُقيمت في جدة مُؤخراً، حيث ارتدى فيها الحضور أزياء شخصيات مسلسلات تلفزيونية، مثل مسلسل «سوبر ناتشورال» وغيرها من مسلسلاتهم المفضلة، كما تحتوي النوادي الكوميدية على ممثلي الاسكتشات الكوميديين.
واستضاف استاد الملك فهد الدولي في الرياض الشهر الماضي حدثاً خاصاً بـ«مونستر جام» محتوياً على الشاحنات ذات المحركات القوية والكبيرة. كما أن هناك خططاً لإنشاء مدينة «Six Flags» في جنوب الرياض.
وقالت السيدة مي العذل في لقاء لها - وهي إحدى عشرات الشبان الذين يعدون الخطط في الهيئة العامة للترفيه - إنها تريد أن تجلب «متحف المثلجات» إلى المملكة العربية السعودية، شبيهاً بالمتحف الذي زارته في مدينة نيويورك.
من جهة أخرى، قال مصرفي الاستثمار السابق أحمد الخطيب، الذي يترأس الآن هيئة الترفيه: «نحن نريد تحسين ثقافة الترفيه»، وهو يهدف لإنشاء 6 خيارات ترفيهية عامة في كل نهاية عطلة أسبوع من أجل السعوديين، ولكن الهدف الأكبر بحسب حديثه هو «نشر السعادة».
و‏‎القوة المحركة خلف محاولة إعادة تصوير شكل المملكة هو ولي ولي العهد، البالغ من العمر 31 عاماً، إذ إنه بسلوكه المفعم بالطاقة والحيوية، يناقض تماماً التحفظ الصحراوي التقليدي الذي يتسم به معظم المسؤولين السعوديين. وعلى خلاف كثير من الأمراء السعوديين، فهو لم يتلق تعليمه في العالم الغربي، مما مكنه من الحفاظ على طاقته القتالية التي تعد سبباً لجاذبيته لدى الشريحة السعودية الشابة.
والمهمة التي أمام محمد بن سلمان، هي الحفاظ على علاقة التحالف مع الولايات المتحدة، من دون أن يقبل أن يكون دُمية في يد الولايات المتحدة، حيث قال الأمير محمد بن سلمان: «لقد تأثرنا كثيراً من الولايات المتحدة، وذلك ليس بسبب ممارسة أحدهم الضغط علينا، فلو قام أحدهم بممارسة الضغط علينا لسلكنا الاتجاه المعاكس تماماً، ولكن لو وضعت فيلماً في دار السينما وشاهدته، فقد أقتنع بما شاهدت»، كما قال أيضاً: «من دون التنوع الثقافي سينتهي بنا المطاف مثل كوريا الشمالية، ومع استمرار الولايات المتحدة في أن تكون حليفة للمملكة العربية السعودية، فمن دون شك سوف نندمج بشكل أكبر مع المتغيرات العالمية».
ويتعامل الأمير محمد بن سلمان مع السلطات الدينية كحلفاء موثوقين له ضد التطرف، ولا يعاملهم كخصوم. ويكرر الأمير محمد بن سلمان حجة مفادها أن النهج الديني المتطرف في المملكة العربية السعودية هو ظاهرة حديثة نسبياً، نتيجة للثورة الإيرانية التي وقعت في عام 1979، واحتلال المسجد الحرام في مكة من قبل متطرفين في العام ذاته كردة فعل للتطرف الشيعي.
و‏‎قال الأمير محمد بن سلمان: «أنا شاب، وسبعون في المائة من مواطنينا هم من الشباب. نحن لا نريد أن نُضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا فيها طوال الـ30 سنة الماضية بسبب الثورة الخمينية، والتي سببت التطرف والإرهاب، نحن نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن، نحن نريد - كما يريد الشعب السعودي - الاستمتاع بالأيام القادمة، والتركيز على تطوير مجتمعنا، وتطوير أنفسنا كأفراد وأسر، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ديننا وتقاليدنا، نحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد عام 1979». واختتم حديثه قائلاً: «لقد ولى زمان تلك الحقبة».



خادم الحرمين يوجه بتمديد العمل بـ«حساب المواطن» والدعم الإضافي للمستفيدين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز
TT

خادم الحرمين يوجه بتمديد العمل بـ«حساب المواطن» والدعم الإضافي للمستفيدين

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز

وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبناءً على ما رفعه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بتمديد العمل ببرنامج «حساب المواطن» مع الاستمرار في تقديم الدعم الإضافي لمستفيدي برنامج «حساب المواطن» حتى نهاية عام 2025م، إلى جانب استمرار فتح التسجيل في البرنامج.

يأتي هذا القرار استمراراً للاهتمام والرعاية من القيادة السعودية لأبنائها المواطنين، كما يأتي تمديد الدعم لمستفيدي برنامج «حساب المواطن» امتداداً للتوجيه الكريم السابق الذي بدأ منذ شهر يوليو (تموز) 2022م.

وبدأ برنامج «حساب المواطن» بناءً على التوجيه الملكي، بتطبيق معايير إضافية للاستحقاق بهدف رفع كفاءة الدعم وضمان وصوله وتوجيهه إلى الفئات الأكثر استحقاقاً، واستناداً إلى ضوابط الدعم المعتمدة؛ ستُطَبَّق معايير القدرة المالية على جميع المستفيدين والمتقدمين الجدد.

يأتي هذا التطبيق استناداً إلى تعريف القدرة المالية، التي تُعرف بأنها الأموال والأصول المملوكة للمتقدم والتابع القابلة للتقويم، عدا ما تنص الضوابط على استثنائه حسب القدرة المالية للمتقدم وتابعيه.

ووفقاً للمادة 11 من ضوابط البرنامج، سيُحَدَّد الاستحقاق الفعلي لكل متقدم بناءً على عدة معايير، تشمل إجمالي الدخل الشهري والقدرة المالية للمتقدم وتابعيه، وذلك بهدف ضمان توجيه الدعم الحكومي إلى الفئات الأكثر استحقاقاً، حيث حُدِّد الحد المانع لإجمالي القدرة المالية لأسرة تتكون من 6 أشخاص بـ4 ملايين ريال، ويتناقص هذا الحد بناءً على حجم الأسرة.

وأما الحد المانع لإجمالي القدرة المالية للفرد المستقل فهو 1.371.200 مليون ريال، وتشمل معايير القدرة المالية القابلة للتقويم «الأصول العقارية، والمركبات، والأصول النقدية، والمحافظ الاستثمارية، إلى جانب مؤشر آخر للقدرة المالية كعدد العمالة المنزلية»، فلكل معيار من معايير القدرة المالية حد أعلى يؤدي تجاوزه إلى عدم الأهلية في البرنامج.

كما يبدأ برنامج «حساب المواطن» في تفعيل الزيارات الميدانية في سياق التأكد من استقلالية الفرد المستفيد، حيث يشترط على المتقدم بوصفه فرداً مستقلاً إثبات استقلالية السكن وتطابقها مع العنوان الوطني، وسيُنَسَّق مع المستفيدين المستقلين لتحديد موعد الزيارة الميدانية لضمان عدم تأثر أهليتهم، وتعد هذه الزيارات أداة إضافية لرصد المتطلبات اللازمة بما يضمن توجيه الدعم إلى مستحقيه.

وسيبدأ برنامج «حساب المواطن» في تطبيق معيار التحقق من القدرة المالية وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين اعتباراً من دورة شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، فيما يتيح البرنامج للمستفيدين تقديم أي مستندات إضافية تدعم أهليتهم، وتقديم اعتراضات على نتائج الأهلية خلال 90 يوماً من تاريخ صدورها من خلال البوابة الإلكترونية أو التطبيق الخاص بالبرنامج، ويمكن للمستفيدين الاستفسار والتواصل مع البرنامج عبر مركز الاتصال الموحد أو من خلال قنواته الرقمية المختلفة.