ليس جديداً غياب السينما العربية وحضور السينما الإسرائيلية في أعمال مهرجان تريبيكا الذي انطلقت دورته الجديدة في 19 من هذا الشهر وتستمر حتى الـ30 منه. ولا يبدو أن هذه المسألة ذات أهمية تذكر لدى صانعي الأفلام العربية الذين يفضلون عادة التوجه إلى مهرجانات أخرى في أميركا الشمالية هي مهرجان «واشنطن دي سي للسينما العربية» ومهرجان «صندانس» في ولاية يوتا ومهرجان بالم سبرينغز في كاليفورنيا ومهرجان تورنتو الكندي.
وبعد زخم ملحوظ للسينما العربية في المهرجانات المذكورة خلال السنوات القليلة الماضية (آخرها ضمن مهرجان برلين السينمائي في فبراير/ شباط الماضي)، ومع خلو مهرجان «كان» المقبل من حضور السينما العربية على نحو يوازي حضور العام الماضي، فإن هذه السينما تبدو اليوم كما لو أنّها بلورت سياساتها حيال المهرجانات: الأولوية الأوروبية لمهرجاني برلين وفينيسيا والأميركية لتورنتو. لا يعني ذلك أن السينمائيين العرب، في شتى ميادين الصناعة، لا يتدفقون على مهرجان «كان»، بل إن سقف الاختيارات يبدو دائماً أعلى مما توفره معظم الأفلام التي تُرسل إلى هناك.
* ريغان وترمب
يضم مهرجان تريبيكا الذي ارتبط لعامين بمهرجان الدوحة السينمائي عندما انطلق لأول مرّة قبل نحو 10 سنوات، 98 فيلماً موزعا على المسابقة وأقسام «منتصف الليل» و«عروض خاصة» و«سبوتلايت» و«فيوبوينتس». والعدد هذا أقل من الذي حوته الدورة السابقة بنسبة 20 في المائة.
تنقسم المسابقة إلى ثلاثة أقسام: مسابقة الأفلام الروائية الأميركية ومسابقة الأفلام الروائية العالمية ومسابقة الأفلام التسجيلية العالمية.
قد يكون المرء على حق إذا ما توقع أن تشغل قضايا وحروب الشرق الأوسط حيزاً كبيراً من الأفلام التسجيلية (على الأقل)، لكن النظرة الأولى لما هو معروض في مسابقة الأفلام التسجيلية لا تظهر ذلك. فالأفلام الـ12 في هذا القسم تحيط بمواضيع مختلفة، كثير منها أميركي يحاول الاقتراب من فهم الحاضر السياسي في هذه المرحلة.
«هوندروس» هو أحد عناوين هذه الأفلام، يتحدث عن حياة وموت كريس هوندروس المصوّر والصحافي، في ليبيا لدى تغطيته أحداث الحرب. كان هوندروس قد نال جوائز عدّة في مجال اختصاصه قبل أن يسقط قتيلاً عام 2011. واللافت اهتمام الممثلين جايك جيلنهال منتج الفيلم وجايمي لي كورتيس المنتجة المنفذة.
بعد سنوات من متابعة الأفلام عن صراعات الشرق الأوسط، أكثر ما بات يستأثر اهتمام المشاهد الأميركي، الأفلام البيئية والسياسية المحلية.
فيلم «مهدور: قصة طعام مهدور» من إخراج ناري كاي وأنا تشاي ليدور، يتناول الحديث عن رحلة الأطعمة من المزارع إلى موائد الطعام، وتعرضها لسياسات التجارة ما يرفع من سعرها أو يهبط منه. أحد أهم المرافق هو إهدار المحاصيل أو اللحوم أو رمي حبوب القهوة في البحر لإبقاء الأسعار مرتفعة.
السياسة الداخلية متوفرة أيضاً في الفيلم التسجيلي «ذا ريغان شو» (استعراض ريغان) الذي يلقي نظرة متعاطفة على الرئيس الراحل ودوره في محاولة إسقاط النظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي سابقاً. وهناك ظهور للرئيس الحالي، دونالد ترمب، في فيلم «أحضر لي روجر ستون» لدايلان بانك ودانيال ديمور. الفيلم ليس عن ترمب، لكن ترمب كان صديقاً للسياسي روجر ستون الذي يدور عنه الفيلم.
* هواء في علب
الأفلام العشرة المنضوية تحت لواء مسابقة الأفلام الأميركية الروائية، لا يداخلها أي اسم معروف من مخرجيها: برايان شوف (آردفاك)، كوين شيبرد (لوم)، جوستين بنسن (غير المنتهي)، راتشل إزرائيل (احتفظ بالباقي)، ليز غارسيا (أكثر رطوبة بمعدل 1 في المائة).
من أكثر الأفلام جذباً واهتماماً في الأفلام الإسرائيلية المعروضة بسباقات المهرجان، فيلم للمخرج الفلسطيني شادي سرور بعنوان «هواء مقدّس»، تدور أحداثه عن شاب مسيحي من الناصرة متزوج، وبانتظار أن تضع زوجته مولودهما قريباً، لكنه يواجه أوضاعاً صعبة، ووالده مريض، وبالتالي ليس بمقدوره حل مشكلاته المادية. فما كان منه سوى تعبئة هواء الناصرة في زجاجات وبيعها باعتبارها هواء مقدس.
يعرض هذا الفيلم في مجريات أحداثه مزيجاً من الملاحظات السياسية: هناك، وحسب وصف الفيلم ذاته، بيروقراطية يهودية ورأسمالية كاثوليكية وعصابات شوارع إسلامية وعلى بطله تجاوزها جميعاً في سبيل تحقيق ما يريد.
ومن بين الأسماء الكبيرة بين الممثلين يظهر آل باتشينو (76 سنة) الذي يقود مع الشابين الصومالي بركات عبدي والأميركي إيفان بيترز بطولة فيلم «دبكة» المتمحور حول صحافي استطاع التعرف، في أيام قرصنة البحار التي قام بها صوماليون خلال مطلع العقد الحالي، على الواقع الذي حرّك أولئك القراصنة وطريقة تفكيرهم وكيفية تنفيذهم لخططهم وممارساتهم الخطرة.
في تصريحات لرئيسي المهرجان، الممثل روبرت دينيرو والمديرة جين روزنثال، حديث عن أن نشأة هذا المهرجان على علاقة أساسية مع ما تعرضت له مدينة نيويورك سنة 2001، مما أدى إلى تنظيم هذا المهرجان السنوي منذ عام 2002. هذه العلاقة هي رغبة القائمين عليه، بالرد على الاعتداء برفع راية مقاومة ثقافية.
الأمر مفهوم ومبرر، لكن الدورات الـ14 التي توالت قد تنوّعت في خاماتها ومضامينها إلى حد أن العلاقة بين العملية الإرهابية والمهرجان باتت محصورة فيما يمكن للمهرجان عرضه من أفلام تعكس البيئة السياسية إجمالاً، في الوقت الذي تنهل الدورات ذاتها أهميتها من مستوى الأفلام المتوفرة.
6:38 دقيقة
مهرجان تريبيكا يبتعد عن قضايا الشرق الشائكة
https://aawsat.com/home/article/907021/%D9%85%D9%87%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D9%8A%D8%A8%D8%AA%D8%B9%D8%AF-%D8%B9%D9%86-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9
مهرجان تريبيكا يبتعد عن قضايا الشرق الشائكة
يعرض98 فيلما موزعة على 3 مسابقات ... والسينما العربية غائبة
- بالم سبرينغز: محمد رُضا
- بالم سبرينغز: محمد رُضا
مهرجان تريبيكا يبتعد عن قضايا الشرق الشائكة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة