الترميم... فن ذو أبعاد مستقبلية

ترميم القطع الفنية (بي بي سي)
ترميم القطع الفنية (بي بي سي)
TT

الترميم... فن ذو أبعاد مستقبلية

ترميم القطع الفنية (بي بي سي)
ترميم القطع الفنية (بي بي سي)

عندما ترى فريدريكا ستيكلينج تتعامل مع أدواتها، تعتقد أنها طبيبة أسنان، الملاقط وأنابيب الشفط تشبه تلك التي يستخدمها أطباء الأسنان لسحب اللعاب.
إلا أن مريضها لا يعاني من أي تسوس بالأسنان، أو تراكمات جيرية، إنه في الواقع عمل للفنان الأميركي الراحل آندي وارهول، الذي ارتبط اسمه بحركة فن البوب.
وعلى الطاولة أمام ستيكلينج توجد صورة لا تقدر بثمن بالأبيض والأسود بتقنية الشاشة الحريرية للفنان الألماني جوزيف بويز صنعها وارهول.
وتعود ملكية الصورة إلى مؤسسة «بيلر»، ومقرها ريهن بالقرب من بازل، والتي تعمل بها ستيكلينج كمرممة صور.
خلال أحد الفحوص الروتينية، اكتشفت كمية غير عادية من الغبار على اللوحة.
تقول: «في الضوء يمكن أن تراها، كما لو أن بها لحية»، مشيرة بضوء من بطارية إلى اللوحة من الجانب حتى يمكن رؤية ألياف الغبار في النهاية.
تضيف: «إنها تجعل الأسود يبدو رماديا تماما»، ثم استخدمت فرشاة ناعمة للتخلص منها، بحرص، لكون وارهول كان يستخدم غبار الزجاج لصنع تأثير براق وهو ما يتعين الحفاظ عليه.
ولكن كيف يمكن الحفاظ على أصالة العمل الفني؟ ما هو مدى التغير المقبول الذي يحدث عبر الزمن على سطح العمل الفني؟ ما الذي يتعين إزالته وما الذي لا يتعين؟ أسئلة صعبة على الفنانين والجهات المالكة للأعمال الفنية والمتاحف، وأيضاً على المرممين.
عام 2012، أثارت متقاعدة إسبانية حالة من الجدل عندما حاولت ترميم تصوير جصي للمسيح بإحدى الكنائس عمره مائة عام، وجعلته يبدو كقرد يكسوه الشعر.
لقد كانت هاوية، ولكن في عام 2015 يبدو أن محترفين عملوا على استعادة فسيفساء رومانية قيمة في متحف الآثار بولاية هاتاي التركية، وكانت النتيجة أن بعضها بدا وكأنه رسوم كاريكاتيرية.
وتم ترميم سقف كنيسة سيستين بالفاتيكان. وعندما تم كشف النقاب، بعد سنوات من العمل، عن ألوانه الزاهية مجددا عام 1994، لم يستطع كثيرون تصديق أن هذا ما كان يقصده الفنان مايكل أنجلو، فقد اعتادوا على ما خلفه مرور 400 عام عليها من غبار جعلها تبدو وكأن الفنان الذي رسمها كان يفضل الألوان القاتمة.
ووفقاً لستيكلينج، فإن النقد في هذه الحالة لم يكن مبرَّرا، فمايكل أنجلو بلا شك استخدم ألوانا زاهية. ففي القرن السادس عشر لم تكن هناك ألوان اصطناعية لتسليط الضوء على الأعمال الفنية.
ومهنة المرمم ليست من المهن التي يُحظر إطلاقها دون شهادات معتمدة، ما يعني أن أي شخص يمكن أن يقول إنه مرمم. وذلك رغم أن هناك دورات تعليمية ودبلومات تتضمن دراسة لكل من التاريخ والكيمياء والفيزياء وعلم الأحياء الدقيقة للإعداد لهذا العمل.
وتتضمن مدونة السلوك في معهد الترميم في لندن تذكير أعضائها بالتالي؛ عليك أن تدرك وتقر بمحدودية فهمك وقدرتك.
بحسب رئيس أعمال الترميم في مؤسسة «بيلر»، ماركوس غروس: «جيل المرممين حاليا يدرك جيدا أن الكثير من الأخطاء وقعت في الماضي».
يضيف: «إننا في غاية الحذر: وثلاثة أرباع عملنا هو التحليل والبحث والتشاور مع الخبراء. نسأل دائما أنفسنا: هل هناك ضرورة لأي تدخل؟ هدفنا هو إبراز ما أبدعه الفنان من أجل المستقبل».
ومن وجهة نظر المتخصصين في الحفاظ على الأعمال الفنية، فإنه يقول إنه دائما من الأفضل عرض اللوحات من وراء زجاج.
يتعين على المرممين تنفيذ الكثير من أعمال التحري. والمصباح الذي يوضع على الجبهة بعدسة مكبرة، هو قطعة رئيسية من معدات المرمم لفحص حالة القطعة الفنية. ما هو نوع المكونات الكيميائية التي تحتويها الألوان، وكيف كان شكل القطعة عندما تم صنعها؟
وفي كثير من الأحيان، يجرون تجارب للوصول إلى طريقة تنظيف جديدة كلياً من أجل التعامل مع قطعة فنية ما.
ففي حالة صورة بويز على سبيل المثال، هناك سؤال يتعلق بالمكان الذي أتى منه الغبار وما طبيعته.
تتساءل ستيكلينج ضاحكة: «هل كان يرتدي معطفا صوفيا؟ أم أن مالكا سابقا للقطعة الفنية كان لديه قطة فارسية».
عندما يفكر المرممون في جميع المشكلات المحتملة يستطيعون عندها البدء في العمل، مليمتر بمليمتر. والأمر يمكن أن يستغرق عدة أشهر.
توضح ستيكلينج: «وارهول كان سيضحك بشدة إذا ما فكر في أننا عملنا لعام على لوحته. وقد تم وضع قضبان بلاستيكية على طاولة العمل مع اللوحة حتى لا تلمسها أثناء العمل».
وعندما غادرت الورشة في الليل، تركت علامة على الطاولة مكتوب عليها «احترسوا: قطعة فنية»، حتى يبدي عمال النظافة المزيد من الحرص عند الاقتراب منها.
وقد يبدو هذا غريبا، ولكن هناك الكثير من الحالات التي تسبب فيها عمال نظافة كادحون، في تحطيم قطع فنية.
وعام 1973، قامت عاملتا نظافة بتنظيف مغطس كان بويز قد ملأه بالشحوم والضمادات في متحف مدينة ليفركوزن حتى يتمكنا من تنظيف زجاجات بيرة.
وبلغت الخسائر عشرات الآلاف من الدولارات.



«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)
الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)
TT

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)
الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية»، التي تمنحها القناة التابعة للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، بالتعاون مع «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2024»، وذلك خلال حفل أُقيم بمنطقة «البلد» في جدة.

وتدور أحداث الفيلم حول 4 صحافيّين مكسيكيّين، يخاطرون بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» العنيفة في بلادهم. وتأتي الجائزة ضمن التزام القناة بدعم صناعة الأفلام، وتعزيز المواهب الناشئة في الوثائقيات، وتسليط الضوء على الجهود المستمرة لتوفير منصّة تفاعلية لعرض القصص.

وشهدت هذه النسخة مشاركة واسعة ومتنوعة شملت أفلام «يلّا باركور» للمخرجة عريب زعيتر (الأردن)، و«مركب فرسان: 128 كيلو عن بر الأمان» لموفق العبيد (السعودية)، و«ماي واي» لليزا أزويلوس وتيري تيستون (فرنسا - أميركا)، و«حالة من الصمت» لسانتياغو مازا (المكسيك)، و«لوميير السينما (تستمر المغامرة)» لتيري فريمو (فرنسا)، و«توليف وحكايات على ضفاف البوسفور» لزينة صفير (مصر - لبنان - تركيا)، و«عندما يشع الضوء» لريان البشري (السعودية) ، ضمن فئة الأفلام القصيرة.

محمد اليوسي يُتوّج المخرج سانتياغو مازا بالجائزة (الشرق الأوسط)

من جانبه، قال محمد اليوسي، المدير العام لقناتي «الشرق الوثائقية» و«الشرق ديسكفري»، إن الجائزة «تعكس التزامنا الراسخ بدعم المواهب، وتقديم محتوى أصلي وحصري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، مهنّئاً المخرج سانتياغو مازا على فيلمه الوثائقي المميز.

بدورها، ثمّنت شيفاني باندايا مالهوترا، المديرة الإدارية للمهرجان، الشراكة الاستراتيجية مع «الشرق الوثائقية» لتقديم جائزتها للعام الثاني على التوالي، مبيّنة أن هذه المبادرة «تجسّد التزامنا الراسخ بدعم صُنّاع الأفلام الموهوبين، وتوفير منصّة رائدة لعرض أعمالهم وإبداعاتهم للعالم أجمع».

وتقدم «الشرق الوثائقية» أفلاماً تتناول مواضيع عدة، تتنوّع بين السياسة والاقتصاد والأعمال والتاريخ، وتستعرض رؤًى فريدة وتحليلات ثاقبة حول آخر التوجهات والأحداث والشخصيات المؤثرة التي تشكل عالم اليوم.

وبفضل قدراتها الإنتاجية الداخلية، تبثّ القناة مجموعة برامج تتسلل إلى عمق الأخبار وعناوين الصحف، وتوفّر تحليلات جريئة وشاملة. ويُمكن مشاهدة محتواها من خلال البثّ التلفزيوني، والمباشر عبر الإنترنت، وخدمة الفيديو عند الطلب عبر «الشرق NOW»، وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.