لقاءات مكثفة بين قيادات {حماس} و{فتح} في غزة من دون اتفاق

اعتذار لعباس عن إساءات... وميلادينوف يلمح إلى فساد في «كهرباء» القطاع

لقاءات مكثفة بين قيادات {حماس} و{فتح} في غزة من دون اتفاق
TT

لقاءات مكثفة بين قيادات {حماس} و{فتح} في غزة من دون اتفاق

لقاءات مكثفة بين قيادات {حماس} و{فتح} في غزة من دون اتفاق

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن لقاء تقاربيا عقد بين مسؤولين من حركتي فتح وحماس في قطاع غزة في وقت متأخر أول من أمس، لم يخرج بأي نتائج، وإن الجانبين تسلما مطالب كل طرف، من أجل إنجاح أي حوار مستقبلي يضع حدا للأزمات التي تعصف بقطاع غزة.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء بين قيادتي فتح وحماس استمر ما يزيد على ساعتين، ولم تكن هناك نتائج واضحة، واتفقا على مواصلة اللقاءات لمحاولة التوصل لأي تفاهمات جديدة، قبل وصول وفد من اللجنة المركزية لحركة فتح إلى قطاع غزة يحمل مبادرة لإنهاء الانقسام. وتعد هذه الحوارات بالنسبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس الفرصة الأخيرة لحماس قبل اتخاذ إجراءات أخرى ضد الحركة في قطاع غزة. وكان عباس أمر باقتطاع جزء من رواتب الموظفين في غزة ووقف الإعفاءات الضريبية عن شركة الكهرباء، وهدد بإجراءات أخرى. وأبلغ عباس أعضاء «مركزية فتح» أن على حماس أن تحل اللجنة الإدارية التي شكلتها في غزة وتسمح للحكومة ببسط سيطرتها على القطاع وتقبل بانتخابات عامة خلال 3 أشهر، أو أنه سيأخذ قرارات حاسمة.
وقال صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحماس، إن لقاء حركته الذي ضمه والقيادي في حماس خليل الحية، بعضوي «مركزية فتح» من غزة، أحمد حلس وروحي فتوح، كان إيجابيا وتشاوريا وحمل طابعا وديا طرح خلاله كثير من القضايا المهمة على رأسها تهيئة الأجواء لاستئناف المصالحة الفلسطينية عبر تمكين حكومة التوافق من أداء مهامها في قطاع غزة، وخطورة المرحلة وما يواجه السلطة من ضغوط ومخاطر تهدد بتصفية القضية الفلسطينية. وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام تابعة لحماس في غزة: «توافقنا مع وفد فتح على قيام حكومة التوافق بأداء مهامها في قطاع غزة، وأن تتنحى اللجنة الإدارية التي صادق عليها المجلس التشريعي لإدارة الأوضاع في غزة حال تسلم الحكومة مهامها بشكل كامل».
وتابع: «عبرنا لوفد فتح عن رغبتنا بخطوات تمهد لتسلم حكومة التوافق مهامها، بينها وقف ضريبة مفروضة على (كهرباء غزة) وإعادة التيار الكهربائي لوضعه الطبيعي بغزة، كما توافقنا على ضرورة إعادة رواتب الموظفين في غزة التي تم استقطاعها مؤخرا». وأشار البردويل إلى أن حركة فتح لم تحدد موعداً معيناً لقدوم وفدها بعد، ولا ماهية الأجندة التي سيطرحها الوفد، مشيرا إلى أنه تم التوافق مع وفد فتح على تواصل الحوار بين الجانبين خلال الساعات والأيام المقبلة. وفيما تشترط حماس بسط الحكومة سيطرتها على غزة لحل اللجنة الإدارية، تشترط الحكومة حل اللجنة الإدارية أولا وتسليمها الوزارات والمعابر.
وكان من المفترض أن تعلن حماس عن حل اللجنة الإدارية لقطاع غزة تمهيدا لوصول وفد اللجنة المركزية، إلا أنه لأسباب لم تعرف - كما تقول مصادر الشرق الأوسط - أجلت هذه الخطوة، وحملت حركة فتح المسؤولية عن تدهور الأوضاع بغزة. وبعد أيام من هجوم حركة حماس على الرئيس الفلسطيني محمود عباس واتهامه بخلق أزمات في قطاع غزة، اضطرت الحركة للاعتذار لعباس بعدما ذهب مناصروها إلى إحراق صوره في الشوارع، واستخدامها بشكل غير مقبول. وقال الناطق باسم حماس، فوزي برهوم، إنه يقدم اعتذارا للرئيس عباس، واصفا ما جرى من قبل مناصري الحركة، بتجاوز حدود اللباقة والقيم والمبادئ رغم الاختلافات، وبأنه ناجم عن عمل فردي.
وفي تطور لاحق، أيد مبعوث الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» نيكولاي ميلادينوف، رواية السلطة حول أزمة الكهرباء. وقال: «لا بد من إصلاح شركة الكهرباء وتحسين تحصيل الإيرادات المالية بشفافية بما يتماشي مع المعايير الدولية». ملمحا لوجود فساد مالي داخل شركة الكهرباء التي تديرها حماس. وأكد ميلادينوف في بيان على ضرورة أن تضمن السلطات (حماس) في غزة تحسين معدلات التحصيل وإرجاع العائدات التي يتم جمعها في غزة للسلطة في رام الله من أجل الحفاظ على تدفق الوقود والكهرباء. وتدعم أقوال ميلادينوف رؤية السلطة الفلسطينية وموقفها تجاه قضية الكهرباء.
وتقول حكومة التوافق إن أزمة الكهرباء بغزة سببها رفض حماس تحويل الأموال التي تجبيها من المواطنين لشراء الوقود. وتقول حركة حماس إن حكومة التوافق تصر على شراء الوقود من قبل «طاقة غزة» بالضرائب المفروضة عليه، ما يضاعف من سعره، مطالبة برفع جميع الضرائب عن الوقود بشكل تام وحل الأزمات الأخرى المتعلقة بالحياة اليومية في غزة. وأعرب ميلادينوف عن قلقه الشديد من الوضع المتوتر في غزة، بخاصة أزمة الكهرباء، مضيفا: «ليس بإمكان المجتمع الدولي فعل ذلك وحده، بل يجب وضع يدنا بيد الحكومة الفلسطينية التي تسهل عملية شراء الوقود لمحطة كهرباء غزة تحت شروط من شأنها التخفيف من حدة أو تقليل ضرائب الوقود مؤقتا».
وقال ميلادينوف إنه على الجميع في غزة المشاركة في عبء دفع الفواتير، موضحا أن «أفقر الفلسطينيين في غزة هم الذين يدفعون ثمن الاستثناءات والميزات إلى يتمتع بها الآخرون».
وقال ميلادينوف إن إسرائيل أيضا تتحمل مسؤولية كبيرة في المساعدة في تسهيل دخول المواد الخام لإصلاح وترميم الشبكة ومحطة الكهرباء، مشيرا إلى حاجة الخطوط المصرية لغزة للترميم.
وأردف: «يجب عدم الاستخفاف بالعواقب الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية لأزمة الكهرباء الوشيكة هذه. لا يمكن أن يتم احتجاز الفلسطينيين الغزيين، الذين يعيشون في ظل أزمة إنسانية طال أمدها، كرهائن من قبل الخلافات، والانقسامات والحصارات».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.