البقرة في السياسة الهندية والنسيج المجتمعي الطائفي

استغلت أكثر بعد وصول حكومة مودي اليميني إلى السلطة

مجموعات شباب هندوسية تنصب نفسها فوق القانون (رويترز)
مجموعات شباب هندوسية تنصب نفسها فوق القانون (رويترز)
TT

البقرة في السياسة الهندية والنسيج المجتمعي الطائفي

مجموعات شباب هندوسية تنصب نفسها فوق القانون (رويترز)
مجموعات شباب هندوسية تنصب نفسها فوق القانون (رويترز)

شهد العامان الماضيان تبجيلا جنونياً للبقر في الهند. وتعد قضية ذبح الأبقار من القضايا الساخنة الشائكة، حيث يمكن أن تشعل شائعات عن نقل الأبقار بين الولايات المختلفة أعمال شغب دينية، وتؤدي إلى جرائم قتل بدافع الانتقام. ومن المعروف أن فرق «حماية البقر» تتجول على الطرق السريعة لتفتيش حافلات نقل الماشية لرصد أي أثر لنقل البقر، تؤدي أحيانا إلى اندلاع لأعمال عنف جماعية باسم حماية البقر. وفي واقعة بشعة، تم سحل بيهلو خان، مزارع منتجات ألبان مسلم، حتى الموت عقاباً له على نقل أبقار، كان قد اشتراها من سوق ماشية محلية في مدينة جايبور في ولاية راجستان الواقعة غرب الهند، إلى ولاية هاريانا حيث يقيم. واعتاد خان القيام برحلات عمل مثل تلك الرحلات ولديه إيصالات تثبت أنه لم يكن يهرب أبقارا من أجل ذبحها. مع ذلك انهالت عليه مجموعة من «حراس البقر» ضرباً بالعصي وقضبان الحديد بسبب تهريبه المزعوم للأبقار ومات متأثراً بجراحه في المستشفى بعد يومين. وقد تم منع المقطع المصور، الذي تم نشره على موقع الـ«فيسبوك» ويظهر به الهجوم الذي تعرض له الرجل، إلى أن نشرته مجموعة من وسائل الإعلام المستقلة. وتعد الواقعة واحدة من الهجمات التي لا تعد ولا تحصى على تجار اللحوم في جميع أنحاء الهند.
وتساءلت الصحافية باركا دوت «لماذا يتم إعادة تشكيل الهند على هذا النحو الطائفي القائم على وضع الأبقار، واستغلاله سياسيا يوماً تلو الآخر؟ لماذا يتم التهاون مع جرائم القتل باسم حماية الأبقار؟ هل أصبح نظام الحكم في الهند (نظاماً ثيوقراطياً)؟ هل أصبح من يأكل البقر اليوم كافرا؟»، مضيفة أن عنف محبي البقر من الجوانب المميزة للهند المعاصرة، مشيرة إلى أن حراس البقر ليسوا سوى زوائد لثعبان متعدد الرؤوس وهو روح العصر المتمثلة في التعصب للقومية الهندوسية التي تنظر إلى أي شخص ليس نباتياً باعتباره مجرماً محتملا.
وتثير قضية المزارع عدة تساؤلات بشأن الحق في الحياة، والحرية، والاجتماع، والعمل، والمساواة أمام القانون. الأسوأ من ذلك فقد تجرأ مختار عباس ناقفي، وزير في حكومة مودي المركزية، على القول في البرلمان الهندي: «لم تحدث أي واقعة على النحو الذي أشارت إليه المعارضة في البلاد». وقد أثار ذلك التصريح موجة من الاحتجاجات الغاضبة من جانب أحزاب المعارضة في البرلمان. تم سؤال الناجي في جريمة قتل بيهلو خان، وهو شقيقه، عما إذا كان يريد من رئيس الوزراء الهندي مودي إدانة الحادث، فأجاب قائلا: «نحن أناس لا حول لنا ولا قوة. نريد منهم أن يتحدثوا لنصغي. ما الذي يمكن أن نقوم به سوى الإصغاء؟».
ويعد هذا الهجوم هو العاشر من نوعه على مدى عامين على مسلمين وهندوس (منبوذين) في جميع أنحاء الهند بذريعة حماية البقر، أو تطبيق منع تداول لحم الأبقار. ومن المفارقات التي حدثت في عام 2015 تم سحل مسلم يدعى محمد أخلاق بسبب «الاشتباه» في تناوله للحم البقري. وقد اتهم نشطاء هندوس صناعة اللحوم، التي يهيمن عليها المسلمون، بالتغطية على ذبح الأبقار، والتجارة في لحومها كأنها لحم جاموس، حيث لا يحظى الجاموس بأي قداسة أو تبجيل.
وتعد الأبقار مقدسة لدى الأغلبية الهندية من الهندوس، ويعد ذبحها غير قانوني في أكثر الولايات، لكن ازدادت الهجمات على من يخالف القانون فقط بعد وصول حكومة فيدرالية برئاسة حزب بهاراتيا جاناتا اليميني إلى السلطة عام 2014، وقد أقرّت ولاية غوجارات، مسقط رأس رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، مؤخراً بأن ذبح الأبقار جريمة لا يمكن إطلاق سراح مرتكبها بكفالة، وتصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة. كذلك سنّت ولاية تشاتيسغار، التي يحكمها أيضاً حزب بهاراتيا جاناتا، قانوناً يقضي بشنق من يقتل بقرة؛ مع العلم بأن عقوبة جرائم القتل والاعتداء الجنسي لا تصل إلى شنق مرتكبيها. كذلك تنظر ولاية ماديا براديش، وهي ولاية أخرى تخضع لحكم حزب بهاراتيا جاناتا، في إقرار قوانين مماثلة.
على الجانب الآخر، هناك حملة تنكيل واسعة النطاق تقوم بها حكومة بهاراتيا جاناتا الجديدة في ولاية أوتار براديش، المكتظة بالسكان، ضد الأماكن المخصصة للذبح مستهدفة كل المنشآت غير القانونية، لكنها في الواقع تحاول إيذاء المسلمين الذين يهيمنون على تجارة اللحوم. ويتضح الموقف المزدوج لحزب بهاراتيا جاناتا، الذي يستغل فيه لحم البقر لأغراض سياسية، من خلال التأكيد على أنه لا يمكن فرض حظر على لحوم الأبقار في ثلاث ولايات تقع في شمال شرقي البلاد، حيث سيتم إجراء انتخابات في تلك الولايات العام المقبل. وتستهلك الأكثرية المسيحية في ولايات ميغالايا، وميزورام، وناغالاند اللحم البقري بكثرة. مع ذلك صرح فيزازولي لونغو، رئيس حزب بهاراتيا جاناتا، في ولاية ناغالاند لصحيفة «هندوستان تايمز» قائلا: «لن يتم تطبيق منع ذبح الأبقار المعمول به في الولايات الأخرى، التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، في ولاية ناغالاند إذا وصل الحزب إلى السلطة العام المقبل. الوضع هنا مختلف للغاية، ويدرك القادة المركزيون للحزب ذلك جيداً».
وفي تحول جديد للأحداث، عرض سوبرامانيان سوامي، عضو برلمان ممثل لحزب بهاراتيا جاناتا، على البرلمان مشروع قانون بـ«عقوبة رادعة» تشمل الإعدام على ذبح البقر، وأمور ترتبط بذلك. ويستحضر مشروع قانون حماية البقر لعام 2017 روح المهاتما غاندي بالقول إن الأب المؤسس للأمة كان «يتمنى» ذلك.
وتساءلت المحكمة العليا عن سبب عدم فرض القانون على مجموعات حراس البقر التي تهاجم مسلمين وهندوسا منبوذين في ست ولايات، أكثرها تحت حكم حزب بهاراتيا جاناتا.
وتتولى فرق من حماة البقر تطبيق الحظر المفروض على ذبح البقر، ومنع نقلها بين الولايات، ويحرمون المزارع من الحصول على ثمن بيعه للماشية.
يذكر أن البقر يعد من أرخص مصادر البروتين في الهند، ويأكل ملايين الأشخاص من الأقليات الكثيرة في الهند، ومن بينهم المسلمون، والمسيحيون، والهندوس المنبوذون، اللحم البقري رغم أنه غير متوفر بشكل كبير. وذكر روشان كيشور، وإيشان أناند في مقال نشر في «هندوستان تايمز» في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 يستند إلى تحليل تفصيلي لعينة من البيانات: «يتناول نحو 80 مليون هندي، 12.5 مليون منهم من الهندوس، لحم الأبقار أو الجاموس».
رئيس الوزراء مودي انتقد مراراً وتكراراً حراس البقر هؤلاء بقوله: «يثير الأفراد الذين لا عمل لهم سوى (حماية البقر) غضبي. لقد رأيت بعض الأشخاص، الذين يقومون بأنشطة مناهضة للمجتمع ليلا، ويرتدون زي حماة البقر نهاراً. ينبغي أن تعد الولايات ملفات خاصة بهؤلاء الأفراد؛ وسنجد أن ما يتراوح بين 70 و80 في المائة منهم يشاركون في أنشطة مناهضة للمجتمع، ويحاولون إخفاء جرائمهم بالتظاهر بأنهم يحمون البقر». مع ذلك يبدو أن تلك النصيحة لم تلق آذاناً صاغية بين حكام الولايات المختلفة الذين يصدرون بطاقات رسمية لحراس البقر سعياً وراء جمع الأصوات.
كتب أبور فاناندا، أستاذ جامعي في دلهي: «نظراً لعدم تحلي أي من الأحزاب السياسية في الهند، ولا حتى تلك التي تقسم بالعلمانية، بالشجاعة لإطلاق المسمى الحقيقي على القتلة، أعتقد أنه سيكون على المسلمين الدفاع عن حقهم، والتأكيد على أنهم لن يمنحوا حق تقرير مصيرهم إلى آخرين. كذلك عليهم إخبار الهندوس أنهم حين كان يتم مهاجمتهم بذريعة أو بأخرى، فإنهم كانوا ينتظرون منهم مدّ أياديهم تعبيراً عن الدعم والتضامن لا أن يديروا ظهورهم إليهم».
المثير للاهتمام هو دعم بعض الجماعات المسلمة لمنع تناول لحم الأبقار أو ذبحها احتراما للطوائف الأخرى. وإدراكاً للضغوط المتزايدة، والمشكلات التي سيواجهها المسلمون على مدى السنوات المقبلة، قال مسلم بارز في أجمير بولاية راجستان، إنه على المسلمين الذين يمتنعون عن تناول لحم الخنزير الامتناع عن تناول لحم البقر «احتراماً للشعور الديني لدى الأشقاء الهندوس».



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.