مؤتمر بريطاني ـ خليجي لبحث سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية

وزير الصناعة البحريني لـ «الشرق الأوسط» : تذبذب الجنيه مؤقت ونسعى لزيادة الاستثمارات

وزير التجارة البريطاني ليام فوكس أثناء المؤتمر في لندن أمس - جانب من مؤتمر «الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ خطط التحول الوطني» في لندن أمس (تصوير: جيمس حنا)
وزير التجارة البريطاني ليام فوكس أثناء المؤتمر في لندن أمس - جانب من مؤتمر «الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ خطط التحول الوطني» في لندن أمس (تصوير: جيمس حنا)
TT

مؤتمر بريطاني ـ خليجي لبحث سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية

وزير التجارة البريطاني ليام فوكس أثناء المؤتمر في لندن أمس - جانب من مؤتمر «الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ خطط التحول الوطني» في لندن أمس (تصوير: جيمس حنا)
وزير التجارة البريطاني ليام فوكس أثناء المؤتمر في لندن أمس - جانب من مؤتمر «الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ خطط التحول الوطني» في لندن أمس (تصوير: جيمس حنا)

عقد مجلس التعاون لدول الخليج والمملكة المتحدة، أمس في لندن، مؤتمر «الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ خطط التحول الوطني».
ويهدف المؤتمر، الأول من نوعه، إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين، من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتبادل الخبرات بينهما، وخلق الوظائف ذات المحتوى المعرفي.
وأجمع كل من وزير التجارة البريطاني ليام فوكس، والأمين العام لمجلس تعاون دول الخليج عبد اللطيف بن راشد الزياني، ووزير الصناعة والتجارة والسياحة بمملكة البحرين زايد بن راشد الزياني، ووزير التجارة والصناعة في سلطنة عمان علي بن مسعود السنيدي، على ضرورة استغلال العلاقات التجارية الراسخة بين الجانبين لتعزيز الاستثمار المتبادل، واستغلال الفرص التي تتيحها برامج الإصلاحات في الخليج الهادفة إلى تنويع الاقتصاد من جهة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لتقوية علاقاتها التجارية الثنائية من جهة أخرى.
ويعد المؤتمر أول المخرجات الاقتصادية الرئيسية التي أسفرت عنها القمة الخليجية البريطانية والتي عقدت في المنامة ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ويمهد للاجتماع المرتقب لمجموعة العمل حول التجارة والاستثمار الذي سيعقد في يوليو (تموز) المقبل بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومؤتمر قطاع الأعمال الخليجي - البريطاني.
واجتمع تحت مظلة المؤتمر، أمس، وزراء وكبار المسؤولين وسفراء دول مجلس التعاون، وممثلون من القطاع الخاص من الجانبين؛ لاستكشاف فرص الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وقال وزير الصناعة البحريني، زايد بن راشد الزياني، لـ«الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر: «نعيش مرحلتين انتقاليتين في منطقة الخليج وفي بريطانيا. الخليج الآن اعتمد توجها صريحا وواضحا لتنويع مصادر الدخل، ولدينا تحديات كبيرة، أبرزها نزول سعر النفط، وخلق فرص عمل للمواطنين. من جهتها، تمر بريطانيا بمرحلة مصيرية، بعد قرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي وتوجهها للعالم مباشرة كدولة وليس ضمن مجموعة دول». وتابع: «لدينا علاقة متميزة مع المملكة المتحدة، وعلاقة تجارية قديمة تعود بالنسبة للبحرين إلى أكثر من 400 سنة. ونحن نستثمر معرفتنا المتبادلة للاستفادة أكثر من بعضنا بعضا، ونواجه التحديات ونخلق منها فرصا لتطوير الاقتصادات».
وعن تأثير تذبذب الجنيه الإسترليني وعدم استقرار الأسواق على الاستثمارات الخليجية، قال الوزير إن «العملة لها تأثير على الاستثمار بكل تأكيد، لكننا نستثمر في بريطانيا على الأمد الطويل، وسيقل دور العملة نسبيا هنا». وأضاف أن هناك اعتقادا راسخا بأن الاقتصاد البريطاني اقتصاد قوي، وأن المرحلة الحالية التي تمر منها المملكة المتحدة هي مرحلة عدم استقرار «ستزول مع الوقت». وتابع: «أرى أن فرص الاستثمار في بريطانيا اليوم جيدة، لكن نطمح أن يستثمر البريطانيون في منطقتنا. فالتبادل التجاري عالٍ جدا، لكن ينبغي زيادة حجم الاستثمار».
أما عن القطاعات التي تشجع فيها البحرين الاستثمارات البريطانية، قال الزياني إن «(رؤية 2030) في البحرين تركز على قطاعات رئيسية، أبرزها التصنيع والخدمات المالية والمصارف، بما فيها التأمين، والتكنولوجيا، والسياحة. إلا أن ذلك لا يعني أننا نتجاهل القطاعات الأخرى؛ إذ إننا نعمل في أن يلعب القطاع الخاص دورا أكبر في قطاعات مثل التعليم، الإسكان، والصحة. وكمثال على ذلك، قبل عشرين سنة من اليوم، كانت هناك مدرستان أو ثلاث مدارس خاصة في البحرين. أما اليوم، فيصل عدد التلاميذ في المدارس الخاصة 84 ألف مقابل نحو 130 ألف طالب في المدارس الحكومية. ونتوقع أن يتخطى عدد الطلبة في القطاع الخاص، أمثالهم في القطاع العام خلال السنوات المقبلة».
بدوره، وفي خطابه الافتتاحي، قال وزير التجارة الدولية البريطاني ليام فوكس إن «المملكة المتحدة اكتسبت خبرة بصورة متسقة عن كيف يمكن للشراكة مع القطاع الخاص أن تؤدي إلى الابتكار في خدمات القطاع الخاص. إن مؤتمر اليوم ليس مجرد فرصة لدول مجلس التعاون كي تستفيد من معرفتنا وخبراتنا الواسعة في هذا المجال فحسب، بل يمثل منصة انطلاق لعلاقتنا التجارية المستقبلية». وتابع: «ترتبط المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون بعلاقة تجارية واستثمارية قوية متنامية، كما أن العلاقات التي تمت اليوم بين الحكومة وقطاع الأعمال ستساعد على رسم مستقبل أفضل لكل دولنا».
وأوضح فوكس، أن الشركات البريطانية تصدر سنويا لدول مجلس التعاون خدمات وسلعا تتجاوز قيمتها 30 مليار جنيه إسترليني، كما تعمل آلاف الشركات البريطانية في الخليج مما يخلق الوظائف ويساعد على توفير مشروعات عدة، من تنويع مصادر الطاقة إلى مساعدة قطر في الإعداد لاستضافة فعاليات كأس العالم 2022. كما تقدم وزارة التجارة الدولية البريطانية دعما عملياً لتوسيع العلاقة الخليجية البريطانية. ومن خلال تمويل الصادرات في المملكة المتحدة، فإن المملكة المتحدة مستعدة لتقديم نحو 30 مليار جنيه إسترليني لدعم الصادرات العالمية للشركات البريطانية، وللمستثمرين والمشترين في القطاعين العام والخاص.
علاوة على ذلك، ستوفر الوزارة دعم تمويل الصادرات البريطانية بكل عملات دول مجلس التعاون؛ مما يتيح للمشترين في المنطقة الوصول إلى التمويل بعملاتهم المحلية، وهذا بدوره سيزيد من تنافسية السلع والخدمات العالمية الرائدة للملكة المتحدة.
ولدى المملكة المتحدة خبرة جيدة في مجال الشراكات بين القطاعين العام والخاص؛ مما يمكّن القطاع الخاص من الوصول إلى النظام والمهارات والخبرات لدى القطاع الخاص، ولقد كانت المملكة المتحدة ومنذ سنوات عدة مركزا لإحدى أكبر الأسواق العالمية للشراكات بين القطاعين العام والخاص وأكثرها خبرة.
من جهته، دعا الأمين العام لمجلس التعاون، عبد اللطيف بن راشد الزياني، إلى إنشاء منصة للتعاون بين الجانبين، لتطوير الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، واستكشاف فرص الاستثمار المتبادل وتعزيز مشاريع التنويع الاقتصادي.
وتعد منطقة الخليج أكبر مستثمر في المملكة المتحدة، وثاني أكبر سوق للصادرات. وقدم المؤتمر برامج التحول الوطني وخطط التنويع الاقتصادي التي تبناها مجلس التعاون، وكذلك القوانين التي سنّتها دول مجلس التعاون لزيادة الفرص للمستثمرين الأجانب في قطاعات البنية التحتية، والصحة، والاتصالات، والطاقة، وتقنية المعلومات، وغيرها من القطاعات الأخرى، سعيا منها إلى تقوية اقتصاداتها وتنويع مواردها.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.