إسرائيل تحرض على البرغوثي: كان يجب أن يُعدم

رئيس هيئة شؤون الأسرى يدعو الأمم المتحدة إلى حماية المضربين

إسرائيل تحرض على البرغوثي: كان يجب أن يُعدم
TT

إسرائيل تحرض على البرغوثي: كان يجب أن يُعدم

إسرائيل تحرض على البرغوثي: كان يجب أن يُعدم

مع دخول إضراب الأسرى الفلسطينيين يومه الثاني، هاجم مسؤولون إسرائيليون بشدة قائد الإضراب الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وقالوا إنه كان على إسرائيل إعدامه، وليس اعتقاله، وذلك ضمن ردود غاضبة على تزعمه الإضراب، ونشره مقالاً تفصيلياً حوله في صحيفة «نيويورك تايمز» التي طالها كذلك كثير من الانتقادات الإسرائيلية.
وانتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة صحيفة «نيويورك تايمز»، وذلك «لامتناعها عن ذكر النشاطات الإرهابية لمروان البرغوثي»، وعد نتنياهو «أن وصف قاتل مثل البرغوثي بزعيم سياسي يشابه وصف قاتل، مثل الرئيس السوري بشار الأسد، بطبيب».
ونشرت «نيويورك تايمز» توضيحاً يتعلق بمقال البرغوثي، قالت فيه إنها نشرت معطيات تفيد بأنه يقضي حكما بالسجن دون التطرق لطبيعة التهم التي وجهت له، موضحة أنه تمت إدانته بخمسة ملفات قتل في إسرائيل، وله علاقة مع تنظيم إرهابي، وأن السيد مروان البرغوثي «لم يقبل بتوكيل محام للدفاع عنه، ولم يعترف بالمحكمة الإسرائيلية».
وكانت «نيويورك تايمز» قد وصفت البرغوثي، حين نشر المقال، بأنه قائد فلسطيني، وعضو في البرلمان الفلسطيني قابع في السجن الإسرائيلي. ورداً على ذلك، قال نتنياهو إن هذا التوضيح جاء بعد أن تم توبيخ الصحيفة.
وكان مسؤولون إسرائيليون آخرون قد هاجموا بدورهم الصحيفة الأميركية بشدة، وقالوا إنها تنشر مقالات لقتلة، ولا توضح لقرائها من يكونون. ومن جهتها، عدت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية نشر المقال تجاوزاً للقوانين، إذ لم يأخذ البرغوثي الإذن بذلك. وقد عزلت الإدارة البرغوثي، إلى جانب كريم يونس وماهر يونس ومحمود أبو سرور، ووضعتهم في سجن انفرادي بسجن «الجلمة»، شمال إسرائيل، بعدما كانوا في سجن «هداريم» الذي يبعد عن تل أبيب نحو 20 كيلومتراً.
ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان، اعتبار البرغوثي ورفاقه، وأي مضرب، بـ«السجناء السياسيين»، مشيرة إلى أنهم «قتلة ومخربين، تمت محاكمتهم، ومن ثم إدانتهم، وفقاً للقانون».
لكن وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس ذهب في التحريض على البرغوثي إلى مدى أبعد، حينما قال إنه «حينما يخوض قاتل، مثل مروان البرغوثي، إضراباً من أجل تحسين ظروفه في السجن، في حين يتذكر أقارب الضحايا أعزاءهم بألم، فالحل الوحيد يجب أن يكون هو عقوبة الإعدام للمخربين»، مشدداً: «نعم، البرغوثي يجب أن يعدم، بدلاً من أن يطالب بتحسين ظروفه».
وأثارت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين كثيراً من الغضب في رام الله، حيث وصف عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير، تصريحات الوزراء الإسرائيليين بحق البرغوثي، والمطالبة بإعدامه، والتحريض على الأسرى، بأنها تصريحات «بهيمية» تشبه «تصريحات القادة النازيين، وتفوح منها رائحة الكراهية والعنصرية والفساد»، مبرزاً «أن هذه التصريحات التي صاحبها إجراءات تعسفية وقمعية بحق المضربين، بعزل قادتهم عزلاً انفرادياً، وفتح أقسام عزل جماعي، ومصادرة مقتنياتهم الشخصية، وعزلهم عن العالم، ووضعهم في ظروف صحية خطيرة، تشير إلى قرار سياسي رسمي إسرائيلي بقمع الإضراب، وكسر إدارة المضربين، مما سيؤدي إلى انفجار الأوضاع وتصاعدها داخل وخارج السجون».
وحمل قراقع الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات الإضراب، والنتائج التي قد تترتب عليه، واصفاً ما تقوم به إسرائيل من تحريض بحق الأسرى بأنه «يذكرنا بألمانيا عام 1933، وأن السلطة القائمة في إسرائيل أصبحت تشكل خطراً على الأمن والسلم في المنطقة، وذلك بفتحها جبهة ثالثة على الأسرى العزل، وعلى مطالبهم الإنسانية المشروعة». كما اتهم قراقع نتنياهو بالهروب من محاكمات الفساد التي تلاحقه باتجاه فتح حرب وعدوان على الأسرى في السجون.
وكان نحو 1300 أسير فلسطيني قد بدأوا، أول من أمس، داخل السجون الإسرائيلية، إضراباً مفتوحاً عن الطعام، معلنين بدء معركة صعبة وطويلة لتحقيق عدد من مطالبهم المتعلقة بتحسين ظروف الاعتقال، وسط استنفار رسمي وشعبي ودعوات لمساندة الإضراب بكل الطرق الممكنة. وأطلق الأسرى على الإضراب الجماعي الذي يقوده البرغوثي «إضراب الحرية والكرامة»، وهو الإضراب الأكبر منذ إضراب 2012 الذي خاضه مئات الأسرى، وحقق إنجازات لها علاقة بإنهاء العزل الانفرادي، والسماح لذوي المعتقلين من غزة بزيارتهم.
وانضم أمس 7 من الأسرى المرضى القابعين في سجن «عسقلان» إلى الإضراب المفتوح عن الطعام. وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير أن هؤلاء الأسرى أبلغوا محامي الهيئة أنهم قرروا الانضمام إلى الإضراب.
وأكد المحامي «أن سلسلة من العقوبات طالت الأسرى المرضى الذين التحقوا بالإضراب، تمثلت في مصادرة الأجهزة الكهربائية والملابس والأغطية، وإطلاق التهديدات بفرض عقوبات إضافية».
وترفض إسرائيل حتى الآن أي مفاوضات معهم، إذ قال وزير الأمن جلعاد أردان «إنهم قتلة، ولن نتفاوض معهم»، فيما اقترح وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان تبني سياسة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر في التعامل مع الأسرى المضربين عن الطعام، في إشارة إلى رفض تاتشر التفاوض مع إضراب مسؤولي الجيش الجمهوري الآيرلندي عن الطعام عام 1981، مما أدى إلى وفاة 10 منهم.
وعلى الفور، رد قراقع بدعوة للأمين العام للأمم المتحدة بعقد اجتماع طارئ وعاجل للجمعية العامة لمناقشة الأوضاع المتصاعدة والخطيرة في سجون الاحتلال، في ظل إضراب الأسرى عن الطعام، وسياسة القمع الإسرائيلية بحقهم، والتحريض السافر على قتلهم من قبل حكومة الاحتلال. وقال قراقع، في بيان: «إن الوضع في السجون أصبح خطيراً في ظل سلطة احتلال عنصرية وعدائية، تستهدف حقوق الأسرى والمساس بكرامتهم، وتتصرف كدولة بلطجية مع الأسرى، مما يتطلب تدخلاً سريعاً من قبل الأمم المتحدة لتوفير الحماية لهم، والتحرك بهدف إنقاذهم، وإلزام إسرائيل باحترام حقوقهم، وفق قرارات الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف والمعاهدات الدولية والإنسانية».
وفي إسرائيل، قالت مصادر في مكتب الصحافة الحكومي في القدس الغربية، إن عشرات من وسائل الإعلام العالمية أرسلت مندوبين عنها لتغطية الحدث، فيما انتقدت منظمة العفو الدولية الممارسات الإسرائيلية التي تتبعها تجاه الأسرى الفلسطينيين، وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية المشروعة، إذ قالت المنظمة إن «سياسة إسرائيل التي مضى عليها عقود طويلة، الخاصة باحتجاز الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة في سجون إسرائيل، وحرمانهم من الزيارات العائلية الاعتيادية، لا تعد سياسة قاسية فحسب، بل تعد أيضاً انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. وتلقي شهادات جمعتها المنظمة، وفق بيان أصدرته أمس، من أفراد عائلات، ومن أسرى فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية، الضوء على المعاناة التي تكابدها عائلات حرمت في بعض الحالات من رؤية أقاربهم المحتجزين لسنين كثيرة. وفي هذا السياق، قالت ماجدولينا مغربي، نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن «سياسة إسرائيل عديمة الرحمة في احتجاز الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا في الأراضي الفلسطينية المحتلة في سجون داخل إسرائيل، وهي انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف الرابعة. إنه أمر غير قانوني وقاس، وقد تكون عواقب ذلك وخيمة على الأسرى وأحبائهم، الذين غالباً ما يُحرمون من رؤيتهم لأشهر، وفي بعض الأحيان لسنوات دون نهاية».
وأضافت مغربي أنه «بدلا من نقل الأسرى الفلسطينيين غير المشروع خارج الأراضي المحتلة، يجب على إسرائيل أن تضمن إبقاء جميع الفلسطينيين الذين اعتقلوا هناك في السجون ومراكز الاحتجاز في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحتى ذلك الحين، يجب على السلطات الإسرائيلية أن تتوقف عن فرض قيود مفرطة على حقوق الزيارة كوسيلة لعقاب الأسرى وذويهم، وأن تضمن توافق ظروف الاحتجاز مع المعايير الدولية».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن أعضاء الكنيست العرب من فلسطينيي 48 يسعون لتجنيد نواب يهود من الأحزاب الصهيونية لإجراء بحث خاص في الكنيست حول إضراب الأسرى. وطلبت النائبة عايدة توما سليمان من وزير الأمن الداخلي ومصلحة السجون السماح لها بمقابلة مروان البرغوثي، الذي تمت معاقبته على دوره في الإضراب بنقله إلى زنزانة في معتقل الجلمة (قرب الناصرة). كما قررت مصلحة السجون إلغاء زيارات الأهل تماماً للأسرى، وواصلت تشتيت قيادة الإضراب، وعزل كل فرد من أفرادها في زنزانة في سجن مختلف.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.