تشكيل «مجلس الرقة المدني» برئاسة مشتركة عربية ـ كردية

طائرات التحالف الدولي تقتل 23 مدنياً بدير الزور

الإعلان عن تشكيل «مجلس الرقة المدني» أمس في بلدة عين عيسى بريف الرقة (القيادة الأميركية الوسطى)
الإعلان عن تشكيل «مجلس الرقة المدني» أمس في بلدة عين عيسى بريف الرقة (القيادة الأميركية الوسطى)
TT

تشكيل «مجلس الرقة المدني» برئاسة مشتركة عربية ـ كردية

الإعلان عن تشكيل «مجلس الرقة المدني» أمس في بلدة عين عيسى بريف الرقة (القيادة الأميركية الوسطى)
الإعلان عن تشكيل «مجلس الرقة المدني» أمس في بلدة عين عيسى بريف الرقة (القيادة الأميركية الوسطى)

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أمس رسمياً، عن تشكيل مجلس الرقة المدني برئاسة مشتركة عربية – كردية لتولي شؤون المحافظة الواقعة شمال البلاد، بعد تحريرها بالكامل من تنظيم داعش. ولم تلاق المعارضة السورية هذه الخطوة بكثير من الحماسة، بحيث عبّر أكثر من مصدر فيها عن تخوفه من أن يكون المجلس الجديد يؤمن الغطاء العربي لوحدات حماية الشعب الكردية للسيطرة على المحافظة، والسعي لضمها للفيدرالية التي أعلنها الأكراد في وقت سابق في الشمال السوري، وهو ما نفاه أكثر من مرة صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وتحت شعار «أخوة الشعوب والتعايش ضمانة الأمة الديمقراطية» عقد في بلدة عين عيسى الواقعة على بعد 65 كيلومترا شمال مدينة الرقة، اجتماع حضره قياديون في «قوات سوريا الديمقراطية» وممثلو عشائر الرقة، أُعلن على أثره تأسيس المجلس وانتخاب رئاسة مشتركة وتشكيل 14 لجنة لتسيير شؤون المحافظة، على أن يبدأ هذا المجلس عمله في مناطق في ريف الرقة تم تحريرها حديثا من عناصر تنظيم داعش.
وأوضحت مصادر «قوات سوريا الديمقراطية» أنّه تم انتخاب ليلى مصطفى، وهي كردية من الرقة، رئيسة مشتركة للمجلس الذي يرأسه أيضا الشيخ محمود شواخ البرسان، وهو أحد وجهاء عشائر الرقة، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه يتم حاليا العمل على إنشاء «قوات أسايش» (أمن داخلي)، تكون بمثابة شرطة في المناطق المحررة في الرقة. وأضافت: «العمل جار على قدم وساق في هذا المجال بالتعاون والتنسيق مع التحالف الدولي».
وأشارت «قسد» إلى أن المجلس المدني هو نتاج عمل «لجنة تحضيرية مؤلفة من 9 أشخاص عقدوا اجتماعات ولقاءات طوال 6 أشهر، مع أهالي ووجهاء عشائر مدينة الرقة لمعرفة آرائهم حول كيفية إدارة المدينة». وتعهد الناطق باسم قوات سوريا الديمقراطية، العميد طلال سلو، الذي شارك في الاجتماع التأسيسي أمس، بتقديم «كل الدعم والمساندة» وقال إن القوات سلمت بالفعل بعض البلدات المحيطة بمدينة الرقة إلى المجلس بعدما طردت متشددي «داعش».
ولم ترحب المعارضة السورية بخطوة تشكيل المجلس المدني للرقة. وانتقد مصدر مسؤول في هذه المعارضة عبر وكالة الأنباء الألمانية «تشكيل مجلس يتحكم به الأكراد رغم عدم وجودهم في مدينة الرقة، وذلك من خلال 10 أعضاء يتألف منها المجلس بينهم اثنان أكراد»، معتبرا أنّه «في الحقيقة الاثنان هم من يتحكمون في المجلس، كما يحصل في باقي المجالس التي تم تشكيلها في مناطق سيطرة الأكراد».
ونبّه إبراهيم برو رئيس المجلس الوطني الكردي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «السياسة التي يتبعها الحزب الديمقراطي الكردي تزيد من عداوة مكونات الشعب السوري للأكراد»، مشددا على أن «الدعوة لتوحيد الجبهة لمحاربة (داعش) لا تعني إقحام الأكراد في المحاربة في الرقة ودير الزور وإدلب، وهي مناطق، سكانها أولى بتحريرها».
وأضاف برو: «تحول مقاتلو وحدات حماية الشعب لجنود تحت الطلب، كما أنّه يتم أخذ الشبان الأكراد عنوة للقتال خارج المناطق الكردية، وهذا أمر نرفضه بالمطلق».
ميدانيا، واصلت قوات «قسد» تقدمها داخل مدينة الطبقة، حيث تخوض مواجهات عنيفة بوجه عناصر تنظيم داعش.
وقال مصدر عسكري كردي لـ«الشرق الأوسط» إن قوات سوريا الديمقراطية «تتقدم ببطء وحذر بسبب وجود أعداد كبيرة من المدنيين داخل الطبقة إضافة لآلاف الألغام»، لافتا إلى أنها نجحت في الساعات الماضية في «تحرير شارع الإسكندرية وحي الإذاعة». وأضاف: «عناصر التنظيم باتوا محاصرين داخل الطبقة، لكنّهم يستميتون في الدفاع عنها لعلمهم أن سقوطها سيعني سقوط الرقة».
ووفق «وكالة الأنباء الألمانية»، شن تنظيم داعش فجر أمس، هجوما عنيفا من 3 محاور على قرية عايد كبير بمدخل مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي، مستخدما «انغماسيين يرتدون أحزمة ناسفة»، لافتة إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية تمكنت من قتل 3 منهم».
من جهتها، أكّدت «آرا نيوز» أنّه قد تم إحباط هجوم «داعش» على قرية عايد كبير بريف الطبقة، في وقت تواصل فيه قوات «قسد» التقدم داخل أحياء المدينة.
في هذا الوقت، واصل التحالف الدولي حملته العسكرية على تنظيم داعش في الشمال السوري، وقد أدت عملياته الجوية في الساعات الماضية إلى مقتل أكثر من 23 مدنيا، كما أكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان، لافتا إلى أن طائرات حربية يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي استهدفت ليل الاثنين مدينة البوكمال الواقعة على الحدود السورية – العراقية، بالريف الشرقي لدير الزور، حيث استهدفت منطقة قرب دوار المصرية بالمدينة، ما تسبب في وقوع مجزرة راح ضحيتها 13 مدنيا، بينهم مواطنات وأطفال، كما تسبب القصف في مقتل 3 من عناصر تنظيم داعش.
وأشار المرصد إلى أن ضربات جوية أخرى نفذها التحالف، أسفرت أيضا عن مقتل 7 مدنيين في قرية الحسينية شمالا على نهر الفرات.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.