القوات العراقية تغير خطتها وتحرر أكثر من 75 % من غرب الموصل

بارزاني: لن نسمح لأي جهة بأن تفرض نفسها على الإيزيديين وتقرر مصيرهم

امرأة وابنها يهربان من المعارك في حي التنك غرب الموصل أمس (أ.ب)
امرأة وابنها يهربان من المعارك في حي التنك غرب الموصل أمس (أ.ب)
TT

القوات العراقية تغير خطتها وتحرر أكثر من 75 % من غرب الموصل

امرأة وابنها يهربان من المعارك في حي التنك غرب الموصل أمس (أ.ب)
امرأة وابنها يهربان من المعارك في حي التنك غرب الموصل أمس (أ.ب)

شدد رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، أمس، على أن كردستان لن تسمح لأي جهة أن تفرض نفسها على الإيزيديين وتقرر مصيرهم ومستقبلهم، بينما كشفت لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى أن القوات الأمنية تمكنت من تحرير أكثر من 75 في المائة من مساحة الجانب الأيمن من الموصل، وأنها بدأت في تنفيذ خطة جديدة في الحرب ضد التنظيم لتحرير ما تبقى من أحياء ومناطق المدينة.
وقال رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، في رسالة تهنئة وجهها للإيزيديين بمناسبة عيد رأس السنة الإيزيدية: «الكرد الإيزيديون هم جزء عزيز ولا يتجزأ من شعب كردستان»، مشيرا إلى أن «الإيزيديين تعرضوا لكثير من الكوارث والمشكلات بسبب هويتهم الدينية والقومية»، وأضاف: «لكن تمسكهم بالهوية القومية الكردية أفشلت جميع المؤامرات التي كانت تحاك ضدهم وضد النسيج القومي والوطني لهذا الشعب». وأشار بارزاني إلى أنه وبفضل المعارك التي خاضتها قوات البيشمركة والتضحيات التي قدمتها قُضي على إرهابيي «داعش».
وتابع: «دفع الإرهابيون ثمن جرائمهم وسحقت رؤوسهم تحت أقدام الإيزيديين، ولا يمكن بعد كل ذلك السماح بتكرار هذه المشكلات والكوارث والجرائم التي ارتكبت بحق الإيزيديين»، مؤكدا أنه «لا يمكن السماح لأي طرف أو جهة أن تفرض نفسها على الإيزيديين، وتقرر مصيرهم ومستقبلهم، فمستقبلهم ومصيرهم مرهونان بأيديهم هم فقط».
وشن تنظيم داعش في 3 أغسطس (آب) 2014 هجمات واسعة على مناطق سهل نينوى ومدينة سنجار والقرى والبلدات التابعة لها، واحتلها وقتل غالبية الرجال والشباب الإيزيديين، ونفذ عمليات إبادة جماعية ضدهم وسبى أطفالهم ونساءهم ونقلهم إلى الموصل والفلوجة والأنبار في العراق وإلى الرقة ودير الزور والمناطق الأخرى الخاضعة له في سوريا، وباعهم لمسلحيه في أسواق النخاسة. وتمكنت قوات البيشمركة بعد أيام من احتلال «داعش» هذه المناطق من استعادة السيطرة عليها وطرد التنظيم منها، وأعلنت البيشمركة في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2015 تحرير مدينة سنجار بالكامل من التنظيم، وما زال التنظيم يحتجز الآلاف من النساء والفتيات الإيزيديات في المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا والعراق.
ميدانيا، أعلنت قيادة الشرطة الاتحادية مقتل أحد قياديي «داعش» الروس في حي الثورة وسط الجانب الأيمن من الموصل. وبين قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، أن «قواتنا أنشأت الحواجز والمصدات على مشارف منطقة الفاروق القريبة من جامع النوري الكبير»، مضيفا أن قواته استهدفت عبر قصف صاروخي موجه مقر القيادي في التنظيم أبو هاجر الروسي في حي الثورة، وقتلته. وأشار إلى أن قوات مغاوير النخبة سيطرت أمس على ديوان صحة «داعش» (وزارة الصحة في التنظيم) غرب المدينة القديمة.
بدوره كشف عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى، هاشم البريفكاني، عن نسبة الأراضي المحررة من الجانب الأيمن لمدينة الموصل منذ انطلاقة عمليات تحريرها في 19 فبراير (شباط) الماضي وحتى الآن، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أحرزت القوات الأمنية خلال اليومين الماضيين تقدما ميدانيا ملحوظا في الجانب الأيمن، خصوصا في المدينة القديمة. القوات الأمنية الآن على مقربة من جامع النوري، وكذلك تمكنت من الوصول إلى منطقة قبر البنت (أحد المعالم التاريخية للموصل)، والملعب والمدخل الشمالي لمنطقة الفاروق، فيما تتجه قطعات أخرى من القوات الأمنية إلى المستشفى الجمهوري، وشهد حيا التنك والإصلاح الزراعي تقدما لقوات مكافحة الإرهاب». وأكد البريفكاني أن العمليات العسكرية لم تتوقف في الموصل وإنما غيرت القوات الأمنية خطتها في الحرب ضد مسلحي التنظيم لتحرير ما تبقى من أحياء المدينة، مبينا تحرير أكثر من 75 في المائة من مساحة الجانب الأيمن. وأضاف: «لم يبق سوى ثمانية أحياء من الجانب الغربي، ومع تحريرها ستكون القوات العراقية قد حررت الموصل بالكامل».
إلى ذلك، حذرت الأمم المتحدة أمس، من احتمال أن يتحول القتال في المدينة القديمة بالموصل، حيث يتعرض مئات آلاف المدنيين العراقيين لأسوأ «كارثة» إنسانية منذ الحرب على متشددي تنظيم داعش. ويعيش تحت الحصار في المدينة القديمة نحو 400 ألف مدني أو ربع عدد سكان الموصل قبل الحرب وفقا لتقديرات الأمم المتحدة. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى نصف المليون ما زالوا في أحياء تحت سيطرة «داعش» في غرب الموصل.
وقالت ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، لوكالة «رويترز» في مقابلة بالهاتف: «إذا كان هناك حصار ومئات الآلاف ليس لديهم ماء وغذاء فسيكونون في خطر هائل». وأضافت قائلة: «قد نواجه كارثة إنسانية ربما ستكون الأسوأ في الصراع بأسره».
وقالت غراندي «إنه وضع متدهور ونحن نخشى على حياة 400 ألف شخص في المدينة القديمة. العائلات... يقولون لنا إنهم تعرضوا لإطلاق نار أثناء محاولتهم الهرب. إنه شيء مخيف». ورأت أن «قوات الأمن تعرف الوضع على الأرض، وهي تحتاج إلى أن تقرر الطريقة الأفضل لفعل ذلك، سواء بإجلاء المدنيين أو حمايتهم في منازلهم أو فتح طرق يمكنهم الهرب عبرها».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.