تراجع كبير في إنفاق الحكومة المصرية على الإسكان

القاهرة المدينة الأكثر نموا في العالم تعاني من شح عقاري للطبقة المتوسطة

العاصمة المصرية صنفت مؤخرا على أنها المدينة الأكثر نموا سكانيا على مستوى العالم (رويترز)
العاصمة المصرية صنفت مؤخرا على أنها المدينة الأكثر نموا سكانيا على مستوى العالم (رويترز)
TT

تراجع كبير في إنفاق الحكومة المصرية على الإسكان

العاصمة المصرية صنفت مؤخرا على أنها المدينة الأكثر نموا سكانيا على مستوى العالم (رويترز)
العاصمة المصرية صنفت مؤخرا على أنها المدينة الأكثر نموا سكانيا على مستوى العالم (رويترز)

أظهر البيان المالي للموازنة المصرية للعام المالي الجديد (2017-2018) تراجعا حادا في إنفاق الحكومة على الإسكان، حيث انخفض الدعم المقدم لإسكان محدودي الدخل إلى (صفر) مقارنة بمليار ونصف جنيه (83 مليون دولار) في العام المالي الحالي.
هذا كما انخفضت مخصصات الدولة لبناء الوحدات السكنية الجديدة إلى 33.9 مليار جنيه (1.9 مليار دولار)، مقابل 61.4 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي (3.4 مليار دولار)، بنسبة انخفاض 45 في المائة، وفقا للبيان المالي الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه.
وكل مليار جنيه مخصومة من حصة الإسكان، يعني انخفاض عدد الوحدات بنحو 5555 وحدة سكنية، فوفقا لهاني يونس، المستشار الإعلامي لوزارة الإسكان، فإن متوسط تكلفة وحدة الإسكان الاجتماعي على الموازنة، وفقا لسعر المناقصات التي تقوم بها الحكومة، يتراوح بين 160 و200 ألف جنيه، وهذه التكلفة تتضمن ربح المقاول من النشاط، ما يعني أن هذا الانخفاض في المخصصات يساوي انخفاض عدد الوحدات المنفذة من قبل الحكومة بنحو 153 ألف وحدة سكنية.
وينفق المصريون 17.5 في المائة من دخلهم على السكن ومستلزماته، وفقا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015، وسيؤدي نقص الوحدات المقدمة إلى جانب الموجة التضخمية التي تمر بها مصر إلى زيادة الضغط على أسعار الوحدات السكنية، التي يعتبرها جزء كبير من المصريين مخزنا للقيمة؛ بدلا من الاحتفاظ بالسيولة النقدية في ظل تراجع قيمة الجنيه بشدة.
وتعاني مصر من نقص واضح في توفير إسكان للطبقة المتوسطة بالذات، ويقول يحيى شوكت، الشريك المؤسس بمركز «عشرة طوبة للدراسات والتطبيقات العمرانية» والباحث في شؤون العدالة الاجتماعية والعمران: «سيطرت العقارات غير الرسمية على 70 في المائة من الإنشاءات الجديدة سنويا ما بين عامي 2007 و2014. بسبب البناء على أرض زراعية أو إنشاء أدوار مخالفة للتصريح، و20 في المائة ذهبت للقطاع الخاص الرسمي، و10 في المائة للحكومة... ونسبة القطاع غير الرسمي كانت 40 في المائة في وقت سابق، وببساطة هذا يعني أن أغلب العقارات في مصر لا تناسب أذواق من نطلق عليهم الطبقة المتوسطة»، ويطالب شوكت الحكومة بمضاعفة مساحات الأراضي الرسمية المرفقة، وتشجيع القطاع الخاص على البناء للطبقة المتوسطة.
ما يزيد الطين بلة، هو أنه من المتوقع أن يزيد عدد سكان القاهرة الكبرى بنحو نصف مليون نسمة في عام 2017. لتكون أكثر مدن العالم نموا في السكان.
ووفقا لتقرير لمؤسسة يورو مونيتور العالمية، المتخصصة في أبحاث ودراسات الأسواق حول العالم، فإن هناك مدنيتين مصريتين ضمن العشرين الأكثر زيادة في السكان هذا العام، القاهرة التي احتلت المركز الأول عالميا، والإسكندرية في المرتبة الـ19.
ويسكن القاهرة الكبرى نحو 22.9 مليون شخص، «9.5 مليون نسمة في القاهرة، و7.8 مليون نسمة في الجيزة (غرب)، و5.6 مليون نسمة في القليوبية (شمال)»، وفقا لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يوليو (تموز) 2016.
وتبعاً للتقرير، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان الإسكندرية (4.9 مليون نسمة حالياً) بأكثر من 100 ألف مواطن في 2017.
وقال التقرير، الذي جاء بعنوان «الاقتصادات والمستهلكون حول العالم في 2017»، إن قائمة المدن الأكثر نموا تضم شنغهاي الصينية في المركز الثاني، بتوقع زيادة سكانية تبلغ نحو 400 ألف نسمة، وفي المركز الثالث تأتي مانيلا عاصمة الفلبين، ثم جاكرتا عاصمة إندونيسيا، ثم بكين، بنمو أكثر من 300 ألف نسمة لكل مدينة.
ومن المتوقع أن ينمو عدد سكان الحضر حول العالم بنسبة 2 في المائة سنويا، «ولكن بعض المدن تنمو بمعدلات أعلى بكثير»، فمن المتوقع أن يزيد عدد سكان أبوجا عاصمة نيجيريا بنسبة 4 في المائة، وأن ينمو عدد سكان الدوحة عاصمة قطر بنحو 3 في المائة.
لذلك يقول التقرير إن أكثر المدن في معدلات النمو السكاني في العالم خلال العام الجاري ستكون في الشرق الأوسط وأفريقيا، لكن هذه المدن الصغيرة، التي تنمو بنسبة أكبر لأن كل مولود أو مهاجر جديد يكون تأثيره أوضح فيها بسبب قلة عدد سكانها الأصلي، لا تقارن بالمدن الكبرى على غرار القاهرة وشنغهاي ومانيلا، من حيث عدد السكان الذين يزيدون بالفعل وليس نسبة نموهم (الأعداد وليس النسب)، لذلك تحافظ تلك المدن الكبيرة على نمو سكاني لا مثيل له.
وبحسب جهاز الإحصاء، يبلغ عدد سكان مصر حاليا 92.8 مليون نسمة، «نزيد مليونين سنويا»، حسبما تقول آمال نور الدين، رئيس قطاع الإحصاءات السكانية بجهاز الإحصاء، مشيرة إلى إجمالي الزيادة المتوقعة في عام 2017 في عموم مصر.
وعن أهم مناطق الزيادة السكانية في القاهرة الكبرى، تقول آمال نور الدين إن حيا واحدا وهو «حلوان» (جنوب العاصمة) شهد ميلاد 20 ألف طفل في العام الماضي، «هذا غير الهجرة الداخلية»، كما تؤكد نور الدين.
ويحاول البرلمان المصري مؤخرا تنظيم القطاع العقاري «قانونيا» لجعله أكثر مرونة للاستجابة لحاجة الاقتصاد والمواطنين المصريين.
وأكد علاء والي رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب أن البرلمان يدرس اقتراحا بمشروع قانون «تنظيم نشاط التطوير العقاري»، الذي يهدف في المقام الأول إلى الحفاظ على حقوق المواطنين، ووضع آليات جديدة لتنظيم القطاع العقاري بصفة عامة بالإضافة للحفاظ على صناعة العقارات، وذلك بالتواصل مع كافة الجهات المعنية إلى جانب الحفاظ على أموال المواطنين الذين يتعرضون للنصب من قبل بعض شركات «الوهم العقاري»، على حد وصفه.
ونوه والي إلى أنه سوف تتم معالجة هذه السلبيات من خلال وضع ضوابط وآليات جديدة للتعامل مع شركات التطوير العقاري، وتفعيل دور الرقابة على هذه الشركات والتأكد من مدى الالتزام بالنسبة للتعامل مع المواطنين والعقود المبرمة وتنفيذ المشروعات في الموعد المحدد للحفاظ على حقوق المواطنين وتشجيعاً للاستثمار والمحافظة على حقوق وفرص وسمعة المطورين الملتزمين.
وأوضح والي في بيان صحافي له صدر يوم الأحد، أن فلسفة مشروع القانون تعتمد على التعاون مع اتحاد المطورين العقاريين المزمع إنشاؤه من أجل وضع إطار تعاقدي وشروط نموذجية يجب توافرها في كل العقود لحماية المستهلك وتوجب النص في العقد على موعد التسليم ومواصفات الوحدة، وأن يتضمن المخطط العام للمشروع بكل تفاصيله، وأن يلتزم المطور العقاري بالتعويض عن كل إخلال فيما تقدم إلى جانب إنشاء صندوق للضمان العقاري لاسترداد التعويضات اللازمة في حالة الإخلال بأي من بنود التعاقد، مضيفاً أن الصندوق يكون للتغطية على المخاطر واسترداد المبالغ التي دفعت من حاجز الوحدة بالإضافة إلى أن القانون يساعد في تلاشي المنازعات التي تحدث بين الشركات العقارية والمواطنين.
وأكد والي أنه ليس من المنطقي أن يكون القطاع الذي يعمل به مئات الآلاف من رجل الأعمال والمطورين والموظفين والعمال، ولكنه غير منظم ولا يشمله قانون، «حان الوقت لتنظيم القطاع من خلال وضع آليات وقوانين ولوائح تحكمه، تساعد على الحفاظ على صناعة العقار، ووضع هذا القطاع في المقدمة دائما، خاصة أن المواطنين يعتبرون القطاع العقاري هو الملاذ الآمن للحفاظ على أموالهم».



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»