هامش الفوز الضيق بالاستفتاء التركي يُبقي على قلق المستثمرين

تحسن أداء البورصة والليرة مقابل مؤشرات سيئة للبطالة والعجز المالي

اتراك يحتفلون بإقرار التعديلات الدستورية لدى وصولهم إلى القصر الرئاسي في أنقرة، أمس (رويترز)
اتراك يحتفلون بإقرار التعديلات الدستورية لدى وصولهم إلى القصر الرئاسي في أنقرة، أمس (رويترز)
TT

هامش الفوز الضيق بالاستفتاء التركي يُبقي على قلق المستثمرين

اتراك يحتفلون بإقرار التعديلات الدستورية لدى وصولهم إلى القصر الرئاسي في أنقرة، أمس (رويترز)
اتراك يحتفلون بإقرار التعديلات الدستورية لدى وصولهم إلى القصر الرئاسي في أنقرة، أمس (رويترز)

انعكست نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور للانتقال إلى النظام الرئاسي في تركيا الذي صوت فيه نحو 51.4 في المائة من الناخبين بـ«نعم» مقابل تصويت 48.6 في المائة بـ«لا»، بحسب نتائج أولية أعلنت مساء الأحد، على الأسواق التركية، ولا سيما على سعر الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، حيث حققت ارتفاعاً بنسبة 1.6 في المائة أمام الدولار خلال تعاملات أمس (الاثنين).
وقال محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية، إن الاستفتاء «قلص حالة الضبابية»، مرجحاً أن يتسارع النمو على المدى القصير، وموضحاً في مقابلة مع «رويترز» أمس أنه «من غير المقبول أن يظل التضخم في خانة العشرات»، واعتقاده بأنه سينزل إلى خانة الآحاد.
وسجل معدل التضخم في تركيا 11.3 في المائة، بحسب آخر إحصاء صدر عن هيئة الإحصاءات التركية الشهر الماضي.
وأضاف شيمشك أن الرئيس رجب طيب إردوغان أوضح تماماً أنه ليست هناك خطط لحل البرلمان أو الدعوة لانتخابات مبكرة قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019، وبالتالي فإنه لن يكون هناك مجال للقلق. فيما قال محللون إن الحكومة تحتاج الآن للتركيز على مواءمة القوانين والنظام القانوني مع الرئاسة التنفيذية الجديدة، وهو تعديل قد يستغرق بقية العام.
أما عن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي تتوجه إليه نصف صادراتها تقريباً، فقال شيمشك إن العلاقات مع الاتحاد ستكون في مجالات المصالح المشتركة، وإن بعض «الضوضاء» الدائرة بين أنقرة وأوروبا ستتلاشى بعد الانتخابات التي ستجرى في أوروبا.
وكان وزير المالية التركي ناجي أغبال أعلن عشية الاستفتاء على تعديل الدستور أن جميع المؤشرات الاقتصادية ستكتسب استقراراً على المدى القصير في حال صوتت غالبية الشعب التركي لصالح التعديلات الدستورية في الاستفتاء، مضيفاً أن أسعار صرف العملات الأجنبية ومعدلات الفائدة والنمو الاقتصادي ونفقات الاستثمار ورؤوس الأموال الأجنبية ستشهد نتائج إيجابية على المدى القصير عقب الاستفتاء.
ولفت أغبال إلى أن المرحلة الإيجابية الحقيقية لازدهار الاقتصاد التركي، ستنطلق بعد الاستفتاء إذا خرجت نتيجته لصالح التعديلات الدستورية، مضيفاً: «باعتقادي أن الاقتصاد سيحتل صدارة الأجندة التركية اعتباراً من 17 أبريل (نيسان)».
وشهدت سوق الأسهم والليرة التركية تحسناً أمس (الاثنين) بعد إعلان النتائج الأولية للاستفتاء، وسط آمال المستثمرين بأن تعزز النتيجة الاستقرار في تركيا التي عانت اضطرابات واسعة العام الماضي. وارتفع سعر الليرة التركية مقابل الدولار بنسبة 1.6 في المائة، فجرى تداول الليرة عند مستوى 3.67 للدولار. وكانت العملة التركية فقدت 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار خلال فترة الدعاية للاستفتاء، مما جعل منها أسوأ عملة أداء لسوق ناشئة لعام 2017، وذلك فوق الخسائر التي حدثت لها في عام 2016، حيث فقدت نحو 25 في المائة من قيمتها.
وبحسب خبراء، يراهن عدد كبير من المستثمرين على استقرار الوضع بعد الاستفتاء كأفضل وسيلة لضمان عودة الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وحققت أسهم بورصة إسطنبول أمس ارتفاعاً بنسبة 0.74 في المائة مع بدء التداول. وبحلول الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش، ارتفعت الأسهم بنسبة 0.6 في المائة.
وقال أوزجور التوغ، الخبير الاقتصادي البارز في مجموعة «بي جي سي بارتنرز» في إسطنبول، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «السوق سترحب على الأغلب باستمرار الاستقرار وتقلص فرص إجراء انتخابات مبكرة»، لكنه أكد أنه لا يتوقع حدوث تغيرات كبيرة رغم ترحيب الأسواق بالنتيجة على المدى القريب.
وعبر عدد من الخبراء عن القلق من أن يؤدي التقارب في نتيجة الاستفتاء التي رفضتها المعارضة إلى تنامي المخاوف من خطر استمرار عدم الاستقرار السياسي... بينما لا تزال تركيا تحت حالة الطوارئ التي فرضت بعد محاولة انقلاب فاشلة في منتصف يوليو (تموز) العام الماضي.
وقال وزير المالية التركي إن الإصلاحات الهيكلية على المدى الطويل والقصير، ستتابع الواحدة تلو الأخرى عقب انتهاء الاستفتاء، مشيراً إلى أن حكومة بلاده اتخذت قرارات عدة من أجل إحياء اقتصاد البلاد خلال العامين الحالي والمقبل.
وكان الخبير في شؤون الاقتصاد التركي بوكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني الدولي باول جامبل توقع أن يولي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اهتماماً أكبر لتحسين اقتصاد البلاد، في حال صوت الناخب التركي لصالح التعديلات الدستورية.
وقال جامبل إن الحكومة سيكون لديها الوقت الكافي لمتابعة إصلاحاتها الاقتصادية في حال صوت الشعب لصالح تعديل الدستور الذي يتضمن نقل البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، وسينصب تركيز الحكومة التركية خلال هذه الفترة على كيفية تحسين السياسات المالية والميزانية العامة. وتوقع معهد الاقتصاد الألماني استمرار الأزمة الاقتصادية في تركيا حتى عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
وتواجه الحكومة التركية عدداً من المشكلات الاقتصادية؛ بينها ارتفاع بمستويات التضخم والبطالة، خصوصاً في أوساط البالغين من العمر 15 و24 عاماً.
وأشارت أرقام صدرت أمس (الاثنين) إلى ارتفاع نسبة البطالة في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 13 في المائة، بزيادة 1.9 نقطة مئوية مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، وفقاً لهيئة الإحصائيات التركية. ويعد هذا هو أعلى معدل للبطالة في تركيا منذ 7 سنوات. وكان المعدل سجل 12.7 في المائة في نوفمبر.
في سياق موازٍ، أعلن وزير المالية أمس أن عجز الموازنة التركية قفز إلى 19.5 مليار ليرة (5.3 مليار دولار) في مارس، ليصل العجز في الربع الأول من العام إلى 14.9 مليار ليرة.
وذكر أغبال في بيان أن العجز ارتفع بسبب إجراءات دعم الاقتصاد وخفض الضرائب، لكن من المتوقع أن تعود الموازنة إلى مسارها الطبيعي في الأشهر المقبلة مع انتهاء هذه الخطوات تدريجياً.
وكان صندوق النقد الدولي كشف في بيان سابق أن نمو اقتصاد تركيا سيكون دون المتوقع في 2016 و2017 بالنظر إلى ضبابية الوضع السياسي والعلاقات المتوترة مع أوروبا واضطراب الأمن في داخل البلاد والمنطقة. وسجلت تركيا معدل نمو بلغ 2.9 في المائة العام الماضي، بينما كانت الحكومة تتوقع معدلاً يصل إلى 4.5 في المائة.



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.