239 كاتباً من 20 دولة يترشحون لجائزة «الملتقى» للقصة القصيرة العربية

شعار جائزة الملتقى
شعار جائزة الملتقى
TT

239 كاتباً من 20 دولة يترشحون لجائزة «الملتقى» للقصة القصيرة العربية

شعار جائزة الملتقى
شعار جائزة الملتقى

أعلنت جائزة «الملتقى» للقصة القصيرة العربية التي تديرها وتشرف عليها الجامعة الأميركية في الكويت بالشراكة مع «الملتقى الثقافي»، أمس أن عدد طلبات الترشيح للدورة الثانية التي بدأت في الأول من يناير (كانون الثاني) 2017، وحتى نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، من كتّاب القصة القصيرة العربية كان كبيراً وتجاوز عدد السنة الماضية.
وقالت اللجنة المشرفة على الجائزة، إن العدد الكلي للمترشحين لهذه الجائزة بلغ 239 كاتباً من مختلف أقطار الوطن العربي والعالم. وبما يعكس مكانة وثقة متزايدتين بين الجائزة والكاتب والناشر العربي، بوصفها واحدة من أهم جوائز القصة القصيرة في الوطن العربي.
وبلغ عدد الترشيحات المباشرة من قبل المؤلفين 204 ترشيحات، تلاه الترشيح من قبل دار النشر الذي بلغ 35 ترشيحاً، وجاءت نسبة الذكور في طلبات الترشيح للدورة الثانية 169 طلباً، والإناث 70 طلباً، واحتلت مصر صدارة طلبات الترشيح بـ90 مرشحاً، فالعراق بعدد 20 مرشحاً، ثم الأردن والمغرب بعدد 19 مرشحاً لكل منهما، وسوريا 13 مرشحاً، تليها الجزائر والسعودية وفلسطين بـ11 مرشحاً لكل منها.
واعتمد مجلس الأمناء والمجلس الاستشاري للجائزة لجنة التحكيم، والمكونة من الدكتور حسن النعمي (السعودية)، رئيساً، وعضوية كل من: الدكتور سعيد بنكراد (المغرب)، وعبده جبير (مصر)، وهدى الشوا (الكويت)، وخليل صويلج (سوريا).
وستعلن القائمة الطويلة المكونة من عشر مجاميع قصصية في بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام. يلي ذلك إعلان القائمة القصيرة في بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني). وتقيم الجائزة احتفاليتها السنوية في حرم الجامعة الأميركية في الكويت، وذلك في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر (كانون الأول). وينال الفائز الأول مبلغ قدره (20 ألف ألف دولار أميركي) ودرع وشهادة الجائزة، وتترجم مجموعته الفائزة إلى اللغة الإنجليزية بالتعاون مع الناشر، في حين ينال باقي كتّاب القائمة القصيرة مبلغ قدره (5 آلاف دولار أميركي) وشهادة ودرع الجائزة. ومن المتوقع أن تقيم الجائزة نشاطها الثقافي الموازي لإعلان الفائز، إذ تستضيف مجموعة كبيرة من كتّاب ونقاد القصة القصيرة والناشرين.



جيناتنا العظيمة

عبد الله القصيمي
عبد الله القصيمي
TT

جيناتنا العظيمة

عبد الله القصيمي
عبد الله القصيمي

ثمة فرق بين النقد الثقافي الساعي لإصلاح حال أمة ما وتسليط الأضواء على الأخطاء التي تعيق التطور من جهة، وجلد الذات الذي يصبح إدماناً، من جهة أخرى. هذا ما خطر ببالي وأنا أعيد قراءة كتاب الفيلسوف السعودي عبد الله العلي القصيمي «العرب ظاهرة صوتية». من وجهة نظره، العرب مُصوّتون فقط في حين لا يكتفي الآخرون بإصدار الأصوات، بل يتكلمون ويفكرون ويخططون وهم أيضاً خلاقون قاموا بإبداع الحضارات والقوة والفكر وتجاوزوا الطبيعة وفهموها وقاموا بتفسيرها قراءة فهم وتغيير وبحث عن التخطي والتفوق.

مثل هذا النقد مدمر لأنه يبشر بسقوط يستحيل النهوض منه لأن المشكلة في الجينات، والجينات لا يمكن إصلاحها. «العرب ظاهرة صوتية»، شعار رفعه العديد من الكتاب وأصبحت «كليشة» مكرورة ومملة، ولا يمكن أن يكون هذا التوجه نافعاً لأنه لا يضع خطة عمل، بل يرمي العربي في حفرة من الإحباط. مع أن هناك الكثير مما نراه من إنجازات دولنا في الجوانب النهضوية وأفرادنا على الصعيد العلمي ما يدعو إلى التفاؤل، لا الإحباط.

ما الذي خرج به جلد الذات الذي يمارسه المثقفون العرب على أنفسهم وثقافتهم بعد كل هذه العقود المتتابعة؟ بطبيعة الحال، ليس هذا موقف الجميع، إلا أن الأصوات المتطرفة توصلت إلى أن العرب لديهم مشكلة جينية، تمنعهم من مواكبة قطار الحداثة وإصلاح مشكلاتهم والانتقال إلى نظام الحياة المدنية المتحضرة. لا خلاف على تطوير أنظمة الحياة وتطبيق فلسفة المنفعة العامة للمجتمع وإعلاء قيمة حقوق الإنسان والحرية، وإنما الخلاف هو في هذا الوهم الذي يُخيل لبعض المثقفين أن المشكلة ضربة لازب وأنه لا حل، وهذا ما يجعل خطابهم جزءاً من المشكلة لا الحل، لأن هذا الخطاب أسس لخطاب مضاد، لأغراض دفاعية، يتجاهل وجود المشكلة وينكرها.

لا فائدة على الإطلاق في أن ننقسم إلى فريقين، فريق التمجيد والتقديس للثقافة العربية وفريق مشكلة الجينات. وأصحاب الرؤية التقديسية هم أيضاً يشكلون جزءاً كبيراً من المشكلة، لأنهم لا يرغبون في تحريك شيء، وذلك لأنهم يؤمنون بأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان، وإن دخلت معهم في نقاش فتحوا لك صفحة الماضي المجيد والانتصارات العسكرية وغزو العالم في العصر الوسيط يوم كان العرب حقاً متفوقين، وكان المثقف الأوروبي يتباهى على أقرانه بأنه يتحدث العربية ويفهم فلسفة ابن رشد.

يخطئ الإسلاميون، وهم من يرفع شعار التقديس، عندما يتخيلون أن تجربتهم هي التمثيل الأوحد للديانة الإسلامية، فالنص حمَّال أوجه وفي باطنه آلاف التفاسير، والناجح حقاً هو من يستطيع أن يتخلى عن قراءاته القديمة التي ثبت فشلها ولم تحل مشكلات الشعوب التي تتوق إلى الحياة الكريمة. يخطئ من يتصور أن بإمكانه أن يسحق الأقليات ويحكم بالحديد والنار، وها هي تجربة صدام حسين وبشار الأسد ماثلة أمام عيوننا.

لقد بدأت مشكلتنا منذ زمن قديم، فالأمة العربية الإسلامية أدارت ظهرها للعلم في لحظته المفصلية في قرون الثورة العلمية والاكتشافات، ولهذا تراجعت عن المكانة العظيمة التي كانت للحضارة العربية الإسلامية يوم كانت أقوى إمبراطورية على وجه الأرض. دخلت حقاً في عصور الانحطاط عندما رفضت مبدأ السببية الذي قام عليه كل العلم بقضه وقضيضه، وولجت في عوالم من الدروشة والتخلف، ليس فقط على صعيد العلوم المادية، بل على الصعيد الأخلاقي أيضاً، وأصبحت صورة العربي في الذاكرة الجمعية تشير إلى شخص لا يمكن أن يؤتمن ولا أن يصدّق فيما يقول. هذا ما يجعله ضيفاً ثقيلاً من وجهة نظر بعض المجتمعات الغربية التي لجأ إليها العرب للعيش فيها.

لقد عاش العربي في دول تقوم على فرق ومذاهب متباغضة متكارهة قامت على تهميش الأقليات التي تحولت بدورها إلى قنابل موقوتة. هذا المشهد تكرر في كل الأمم وليس خاصاً بالعرب، فنحن نعلم أن أوروبا عاشت حروباً دينية دموية اختلط فيها الديني بالسياسي وأزهقت بسببها مئات الآلاف من الأرواح، لكنهم بطريقة ما استطاعوا أن يداووا هذا الجرح، بسبب الجهود العظيمة لفلاسفة التنوير ودعاة التسامح والتمدن والتعامل الإنساني الحضاري، ولم يعد في أوروبا حروب دينية كالتي لا زالت تقع بين العرب المسلمين والأقليات التي تعيش في أكنافهم. العرب بحاجة إلى مثل هذا التجاوز الذي لا يمكن أن يحصل إلا في ضفاف تكاثر الدول المدنية في عالمنا، وأعني بالمدنية الدولة التي تعرف قيمة حقوق الإنسان، لا الدول التي ترفع شعار العلمانية ثم تعود وتضرب شعوبها بالأسلحة الكيماوية.

الدولة المدنية، دولة الحقوق والواجبات هي الحل، ومشكلة العرب ثقافية فكرية وليست جينية على الإطلاق. ثقافتنا التي تراكمت عبر العقود هي جهد بشري أسس لأنظمة أخلاقية وأنماط للحياة، وهذه الأنظمة والأنماط بحاجة إلى مراجعة مستمرة يديرها مشرط التصحيح والتقويم والنقد الصادق، لا لنصبح نسخة أخرى من الثقافة الغربية، وإنما لنحقق سعادة المواطن العربي وحفظ كرامته.