إيطاليا تعتبر الحوار السلمي الحل الوحيد للأزمة في ليبيا

تصعيد عسكري وسياسي بين البرلمان وحكومة السراج

سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)
سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)
TT

إيطاليا تعتبر الحوار السلمي الحل الوحيد للأزمة في ليبيا

سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)
سفن إنقاذ لآلاف الناجين من المهاجرين قبالة الساحل الليبي أمس (رويترز)

في تصعيد جديد للخلافات بين مجلس النواب الليبي وحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، انتقد المجلس الدعوة المفاجئة لرئيس الحكومة فائز السراج للمجتمع الدولي للتدخل العاجل في الجنوب الليبي، واعتبرها تخدم مصلحة الميليشيات المتطرفة وعصابات التهريب والمرتزقة، التي عاثت فساداً في جنوب البلاد منذ سنوات دون حسيب ولا رقيب.
وفى أول رد فعل دولي على مطالبة السراج للمجتمع الدولي، أول من أمس، بالتدخل لوقف العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش الليبي للسيطرة على قاعدة تمنهنت الجوية، بمدينة سبها، في جنوب البلاد، قالت السفارة الإيطالية لدى ليبيا إن الحوار السلمي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة في ليبيا.
وأعادت السفارة الإيطالية، عبر حسابها على موقع «تويتر»، نشر الرسالة المفتوحة التي وجهها السراج إلى الأمناء العامين للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى الاتحادين الأوروبي والأفريقي، مضيفة بشكل مقتضب: «كفى اقتتال».
ويعتبر هذا أول تلميح إيطالي رسمي لرفض بيان السراج الذي أصدره أول من أمس، ونظر إليه البرلمان الليبي على أنه بمثابة تمهيد لطلب تدخل عسكري أجنبي محتمل في البلاد. وقال مجلس النواب، في بيان أصدره من مقره في مدينة طبرق، بأقصى الشرق الليبي: «في الوقت الذي تسعى فيه قوات الجيش الوطني الليبي لبسط الأمن، وفرض سيادة الدولة، يحاول المستفيدون من هذا الوضع من قادة الميليشيات وعصابات التهريب للبشر والمخدرات والسلاح، المتآمرين مع عصابات من المرتزقة الأجانب، وقف ذلك».
وبعدما لفت إلى أن «هؤلاء هم من دفعوا السراج لإطلاق دعوته»، أضاف المجلس: «ونحن لسنا ببعيدين عن اعتقال قواتنا المسلحة لمرتزقة من المعارضة التشادية، وما عرضه التلفزيون التشادي من اعترافات من مرتزقة عائدين من قتال قواتنا المسلحة في الجنوب الليبي، وهؤلاء من تستهدفهم قواتنا المسلحة في قتالها للميليشيات المسلحة والمتطرفين والمرتزقة الأجانب وعصابات التهريب والمعسكرات والمنشآت التي تأويهم، ولم تستهدف أية مواقع مدنية».
وقال البرلمان، المعترف به دولياً، أنه يرفض دعوة السراج والمجلس الرئاسي لحكومته، مشيراً إلى عدم مشروعية مجلس السراج، وكل ما يصدر عنه، وفقاً للإعلان الدستوري وأحكام القضاء الليبي.
وطلب البرلمان من المجتمع الدولي احترام سيادة ليبيا، والإعلان الدستوري الحاكم في البلاد، كما دعاه إلى ضرورة احترام إرادة الشعب الليبي ومؤسساته الشرعية التي ارتضاها عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.
في المقابل، أعلنت حكومة السراج أنها، وفي إطار مساعي مجلسها الرئاسي للتهدئة وحقن الدماء في الجنوب الليبي، والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، فقد شكلت لجنة للعمل على هذه المساعي.
وقالت الحكومة، في بيان لها: «نعيد دعوتنا للجميع بالتهدئة، والاحتكام لصوت العقل. وكما أوضحنا في رسالتنا المفتوحة للمجتمع الدولي، التي نطالبه فيها بالتدخل وبتحمل مسؤولياته في الضغط السياسي وإيجاد حلول عملية لتنفيذ الاتفاق السياسي، ودعم الاستقرار في ليبيا».
لكن على القطراني، نائب السراج، أحد الأعضاء التسعة لمجلسه الرئاسي، قال في المقابل، أمس، إنه يرفض دعوة السراج المجتمع الدولي للتدخل في الجنوب، معتبراً أن الدعوة الأحادية التي صدرت عن السراج أثبتت لليبيين، وللمجتمع الدولي، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنه يحمل أجندة محددة لدول بعينها سعت جاهدة للسيطرة على القرار الوطني في ليبيا.
وطالب القطراني، الذي يقاطع اجتماعات مجلس السراج منذ العام الماضي، في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الليبية، المجتمع الدولي بدعم الجيش الليبي فيما وصفه بالمعارك الوطنية المشروعة، وقال إن السراج لم يعد رجل التوافق المطلوب، فهو يحاول في كل مرة الحفاظ على موقعه الافتراضي، وأن يخلط الأوراق لضرب أي مساع لتعديل الاتفاق، وتعديل المجلس الرئاسي.
وميدانياً، تجددت أمس الاشتباكات العنيفة بين قوات الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، وميليشيات القوة الثالثة، التابعة لحكومة السراج في محيط قاعدة تمنهنت الجوية.
وقال مسؤول عسكري بالجيش لـ«الشرق الأوسط» إن مواجهات وصفها بأنها عنيفة وشرسة اندلعت حول القاعدة، إثر هجوم شنته قوات الجيش على ميلشيات المعارضة التشادية، المتحالفة مع ميلشيات القوة الثالثة المحاصرة داخل القاعدة.
وقال العميد محمد بن نايل، قائد عملية «الرمال المتحركة» التي دشنها الجيش الليبي لاستعادة السيطرة على منطقة الجنوب الليبي، إنه لا حوار أو مفاوضات مع هذه الميليشيات بعد دخول تنظيم القاعدة إلى قاعدة تمنهنت.
وزعمت قناة النبأ التلفزيونية المحلية، الموالية لجماعة «الإخوان»، أن قوات الجيش الذي يقوده حفتر قصفت قاعدة تمنهنت بأكثر من 20 قذيفة هاوتزر، بعد انتهاء فترة الهدنة المبرمة بالجنوب، ونقلت عن القائد الميداني في القوة الثالثة أشرف تنتون أن وساطة مشايخ جبل نفوسة بين طرفي القتال «باءت بالفشل»، بعد رفض قوات الجيش التي تصر على تسليم قاعدتي براك وتمنهنت لقوة محايدة.
وتسيطر على هذه القاعدة منذ 3 سنوات ميليشيات «القوة الثالثة لحماية الجنوب»، وهي تتبع المجلس العسكري لمدينة مصراتة، وقد كلفت من قبل الحكومة الليبية بفض النزاعات بين قبائل الجنوب التي تدخل في نزاعات قبلية بين الحين والآخر.
وخلال الأسبوع الماضي، هددت قوات الجيش الليبي بقصف قاعدة جوية غرب البلاد، تابعة لحكومة السراج، رداً على قصف طائرات أقلعت من تلك القاعدة على قاعدة عسكرية أخرى تابعة للجيش، جنوب البلاد. وقصف الطيران الحربي من قاعدة مصراتة الجوية قاعدة «براك الشاطئ»، التابعة للجيش الليبي، فيما زعمت إدارة قاعدة مصراتة أن هذا القصف تم بناء على تعليمات المهدي البرغثي، وزير الدفاع بحكومة السراج.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.