تونس: جدل حول برنامج حكومي للتعامل مع الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر

970 عادوا... بعضهم في السجون وآخرون تحت الرقابة الأمنية

تونس: جدل حول برنامج حكومي للتعامل مع الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر
TT

تونس: جدل حول برنامج حكومي للتعامل مع الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر

تونس: جدل حول برنامج حكومي للتعامل مع الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر

أعدت الحكومة التونسية برنامجا خاصا عن كيفية التعامل مع العناصر العائدة من بؤر التوتر من خلال لجنة حكومية لمكافحة الإرهاب والتطرف، وتسعى لتنفيذها قبل نهاية السنة الحالية بعيدا عن المقاربة الأمنية والقضائية في حل مشكلة الإرهاب. وعلى الرغم من أهمية هذا البرنامج الحكومي من وجهة نظر السلطات التونسية، فإنه لم يلق، من خلال ردود الفعل الأولية، الترحيب من جانب عدد مهم من الخبراء الأمنيين والقيادات السياسية.
ونظمت هذه اللجنة خلال الفترة الماضية ورشات تدريب لفرق العمل المكلفة بإعداد خطط العمل الوزارية، وذلك بهدف توحيد منهجية العمل وإنجاح عملية إعادة الإدماج الاجتماعي للعناصر الإرهابية خصوصا المغرر بها. وتعمل هذه اللجنة على تحديد العوامل التي تغذي الإرهاب ومعالجتها، من خلال تعديل الخطاب الديني، ونشر ثقافة التسامح وحقوق المواطنة، وتعزيز دور المرأة في التصدي لمخاطر التطرف.
ويرتكز هذا البرنامج بالخصوص على إعادة إدماج بعض الأصناف من الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر، ويتم تحديدهم حسب الأفعال المنسوبة إليهم، في المجتمع، بعد قضاء عقوبة السجن.
ووفق مصادر أمنية تونسية، عاد من بؤر الإرهاب إلى تونس نحو 970 إرهابيا، بينهم من هم تحت الرقابة الأمنية ومنهم من يقبع في السجن. وتسلمت السلطات التونسية عناصر إرهابية من عدة دول أوروبية وأخرى عربية وخاصة من ليبيا وألمانيا وإيطاليا. وتدافع الحكومة عن هذا البرنامج وتقول إنه يأتي احتراما لمبادئ الدستور التونسي (دستور 2014)، وتجسيدا للاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والإرهاب، في ظل إحصائيات رسمية تشير إلى أن عدد الإرهابيين التونسيين في الخارج يقدر بنحو 2929 إرهابيا.
وفي هذا الشأن، شكك زهير المغزاوي، رئيس حزب حركة الشعب (في المعارضة)، في مدى نجاح هذه اللجنة في إعادة الإدماج لهذه الفئة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قرار عودة آلاف الإرهابيين إلى تونس اتخذ بعيدا عن سلطة الحكومة التونسية، على حد تعبيره. واعتبر قبول السلطات التونسية بعودة الإرهابيين إنما هو قبول تحت الابتزاز الخارجي، وهو أيضا نتيجة للمساومات والتوافقات غير النزيهة بين الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم في تونس، على حد تعبيره.
ورأى المغزاوي في إمكانية عودة الإرهابيين إلى تونس تحت غطاء المحاكمة والإصلاح والمحاسبة، مخاطر جمة على مستقبل أمن تونس واستقرارها.
وفي المقابل، قال العجمي الوريمي، القيادي في حركة النهضة، إن عملية الإدماج ليست مستحيلة رغم صعوبتها وهي تتطلب النظر في الحالات، كل حالة على حدة، وكذلك الإنصات للعائدين من بؤر التوتر وعبر مراحل لكشف خفايا الملف. وأضاف قوله: إنه من غير المعقول الحكم على هؤلاء الناس بأنهم مجرمو حرب وسفاكو دماء دون الإنصات إليهم، على حد قوله. كما انتقد من نادوا بعدم إعادة إدماجهم في المجتمع التونسي وقال إن لهم موقفا سياسيا راديكاليا بحتا ولا علاقة له بالموضوعية، على حد تعبيره. على صعيد متصل، صادقت لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر، على ثلاث نقاط مهمة، أولاها اتخاذ قرار بتوجيه مراسلة رسمية إلى كل من ليبيا، وسوريا، وتركيا، والعراق، لإعلام تلك الدول بوجود لجنة تحقيق برلمانية تونسية أوكلت لها مهمة الكشف عمن يقف وراء تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر ودعوتها إلى التعاون مع تونس، لكشف شبكات التسفير التي تقف وراء تسفير شباب تونس إلى تلك الدول للقتال.
وتتعلق النقطة الثانية بالعمل على إعطاء صلاحيات للجان التحقيق صلب اللجنة. أما النقطة الثالثة فتتعلق بالتصويت على قائمة الاستماعات، ومن المنتظر أن تستمع اللجنة الجمعة المقبل إلى هادي المجدوب وزير الداخلية الحالي ومدير الحدود والأجانب. وأوضحت ليلى الشتاوي، رئيسة هذه اللجنة، في تصريح إعلامي، أن قائمة الاستماعات تشمل رؤساء الحكومات المتعاقبة منذ الثورة ورئيس الحكومة الحالي ووزراء الداخلية فرحات الراجحي، والحبيب الصيد، ولطفي بن جدو، وناجم الغرسلي، ووزراء العدل والخارجية السابقين والحاليين، ووزراء الشؤون الدينية السابقين والحاليين، والمديرين العامين للسجون والإصلاح وكتّاب الدولة للأمن الوطني والمديرين العامين للأمن الوطني وآمري الحرس الوطني. وبينت الشتيوي أن هدف اللجنة البرلمانية للتحقيق في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر، يتمثل في إعطاء حصانة للدولة التونسية وتحسين مناعتها بكشف الأطراف أو الدول المتورطة في شبكات التسفير. وأكدت أن اللجنة ستمضي في عملها إلى آخر المطاف، وذلك من باب المسؤولية المنوطة بعهدتها أمام التونسيين وأمام عائلات الشباب الذين تم تسفيرهم إلى بؤر التوتر.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».