مساعٍ أميركية ـ صينية لتجاوز الخلافات

ترمب تراجع عن اتهام بكين بالتلاعب بالعملة... وأشاد بموقفها تجاه سوريا

مساعٍ أميركية ـ صينية لتجاوز الخلافات
TT

مساعٍ أميركية ـ صينية لتجاوز الخلافات

مساعٍ أميركية ـ صينية لتجاوز الخلافات

شهدت العلاقات الأميركية - الصينية بعد زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظيره الأميركي في فلوريدا، تحسناً ملحوظاً. وعكست مواقف عديدة هذا التقارب غير المتوقع خلال الأيام الماضية، وكان أبرزها امتناع الصين عن التصويت على مشروع قرار أممي يدين هجوم النظام السوري بالأسلحة الكيماوية على خان شيخون، و«مديح» دونالد ترمب لنظيره الصيني، وتأكيده أن بكين «ستبذل قصار جهدها» لمساعدة الولايات المتحدة في حل الأزمة الكورية الشمالية.
ويرى المراقبون أن امتناع الصين عن التصويت لصالح مشروع القرار، الذي قدّمته واشنطن ولندن وباريس، وكَسْرها قاعدة الانضمام إلى «الفيتو» الروسي في مجلس الأم لإدانة النظام السوري، كما اعتادت خلال السنوات الماضية، يشكل ضربة لعلاقتها بروسيا. كما يبدو أن التقارب الأميركي - الصيني، الذي بدأت ملامحه تتضح يوماً عن يوم، يتم على حساب موسكو. ولعل تصريحات الرئيس الأميركي، مساء أول من أمس، خير دليل على ذلك، إذ أقرّ بأن العلاقات بين واشنطن وموسكو في أدنى مستوياتها، فيما امتدح «الكيمياء» بينه وبين شي جينبينغ.
وقال أحد مساعدي ترمب، بهذا الصدد، إن امتناع الصين على التصويت في الأمم المتحدة ساعد على توضيح كيفية عزل نظام الأسد وداعميه الروس الذي اعترضوا على مشروع القرار، لافتاً إلى أن موقف الصين جاء نتيجة اللقاء المثمر بين الرئيسين الأميركي والصيني، الأسبوع الماضي.
وعاد الرئيس الأميركي للتأكيد على «إعجابه» بالرئيس الصيني في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للحلف الأطلسي، مساء أول من أمس، بالبيت الأبيض. وأشاد باجتماعه بالرئيس الصيني في فلوريدا، الأسبوع الماضي، الذي يبدو أنه أثمر تخفيف التوترات المتعلقة بالعجز التجاري الأميركي - الصيني، والجهود التي تستهدف منع بيونغ يانغ من تطوير برنامجها للصواريخ النووية القادرة على الوصول إلى سواحل الولايات المتحدة الغربية.
وقال ترمب خلال المؤتمر الصحافي: «لدينا علاقة جيدة جداً، ولدينا (كيمياء) كبيرة. وأعتقد أنه يريد مساعدتنا مع كوريا الشمالية، وأعتقد حقاً أن الصين تبذل قصارى جهدها، وبدأت (في هذه الجهود) بالفعل». وأكد ترمب أن الصين اتخذت خطوة كبيرة بعد حظر استيراد الفحم من كوريا الشمالية، كما رفض الانتقادات التي وُجِّهت للصين في وقت سابق بسبب عدم تحرك بكين للضغط على كوريا الشمالية بالقول إنه «مقتنع بأن الأمر ليس سهلاً».
وفي موقف مفاجئ آخر تجاه الصين، رفض ترمب الاتهامات الموجهة لها بالتلاعب بالعملة، بما يؤدي إلى تقليل أسعار السلع الصينية على حساب السلع الأميركية، وتعزيز الصادرات بشكل كبير.
وقد شكلت الاتهامات الموجهة للصين بالتلاعب في قيمة عملتها أساساً لحملة ترمب الانتخابية، حول فقدان الوظائف الأميركية لصالح الصين وإغراق السوق الأميركية بمنتجات صينية رخيصة الثمن. واعتبر ترمب خلال حملته الانتخابية أن سياسة الصين التجارية تقتل فرص البضائع الأميركية، وقال إنه «من الصعب التنافس، بينما تقوم دول أخرى بتخفيض عملتها بشكل غير مسبوق بما يجعل من المستحيل على شركاتنا التنافس معها».
وبعد أربعة أيام من لقائه الرئيس الصيني، أكد ترمب في تصريحات لصحيفة «وول ستريت» رفضه اتهام الصين بأنها تتلاعب في العملة، وقال: «إنهم لا يتلاعبون بالعملات، ولم تقم الصين بالغش في عملتها منذ عدة أشهر». كما أشار إلى أن أي تصريح حول التلاعب الصيني بقيمة العملة قد يعرض المحادثات الثنائية حول كوريا الشمالية للخطر.
ورداً على ما إذا كان موقفه من العملة جزءاً من الاتفاق مع الصين حول كوريا الشمالية، قال ترمب: «سنرى... سنرى ذلك»، ولَمّح إلى أنه يمكن طرح امتيازات تجارية مقابل مزيد من التعاون مع الصين حول موضوع كوريا الشمالية. وأضاف أنه قال لنظيره الصيني الأسبوع الماضي: «إن الطريقة التي ستعمل بها أميركا هي إبرام صفقة تجارية جيدة، مقابل المساعدة في الضغط على كوريا الشمالية، وإلا فإننا سنذهب للعمل وحدنا».
ويقول المحللون إن تلميحات ترمب المتكررة حول صفقة كبيرة مع الصين تعد بالفعل تحولاً كبيراً في العلاقات مع أقوى منافس جيوسياسي واقتصادي لأميركا.
وأكد مسؤولون في وزارة الخزانة الأميركية، وهي الجهة المسؤولة عن إصدار تقارير حول أوضاع العملة حول العالم كل ستة أشهر، أن الصين لم يتم تسميتها في التقرير الذي صدر الأسبوع المقبل بوصفها دولة تتلاعب في العملة.
ومن النادر أن يربط الرؤساء الأميركيون بين النزاعات التجارية والجهود الأمنية الدولية الأوسع نطاقاً، ضد بلدان مثل كوريا الشمالية. ذلك أن الرؤساء الأميركيين السابقين حرصوا على إبقاء النزاعات التجارية منفصلة عن التعاون الأمني الدولي.
ويرى ستيفن ويبر، خبير العلاقات الدولية بجامعة كاليفورنيا، أن ترمب يتخذ سلوكاً برغماتياً في إدارة علاقات بلاده الخارجية، إذ يواجه أزمة مستعصية في كوريا الشمالية، ويرغب في زيادة فرص العمل وتحسين الاقتصاد الأميركي، و«فُهِم أن لا خيار أمامه سوى بناء الجسور مع بكين». وأضاف ويبر أن «ترمب قادر على فهم أرقام الصفقات العقارية، وزيادة الوظائف وهو يحاول استخدام نفوذ أميركا في الحصول على صفقات أفضل دون أن يحاول تقويض الاقتصاد الصيني. وهو طبعاً لا يحاول تقويض الاقتصاد الأميركي».
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات الأميركية - الصينية تدهورت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، إذ هددت بكين بإغلاق سفارتها في الولايات المتحدة، إذا واصل ترمب التشكيك في سياسة الصين الواحدة، والتعامل مع تايوان.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.