«دولة القانون» تبحث تحالفات لإبقاء المالكي في منصبه.. والحكيم قد يتراجع

حكومة أربيل تعد رئاسة العراق «حقا للشعب الكردي»

موظفة في هيئة الانتخابات العراقية تواصل عد أصوات الناخبين في بغداد أمس (أ.ف.ب)
موظفة في هيئة الانتخابات العراقية تواصل عد أصوات الناخبين في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

«دولة القانون» تبحث تحالفات لإبقاء المالكي في منصبه.. والحكيم قد يتراجع

موظفة في هيئة الانتخابات العراقية تواصل عد أصوات الناخبين في بغداد أمس (أ.ف.ب)
موظفة في هيئة الانتخابات العراقية تواصل عد أصوات الناخبين في بغداد أمس (أ.ف.ب)

رغم أن زعماء الكتل السياسية التي شاركت في الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في الثلاثين من الشهر الماضي يؤكدون في تصريحاتهم أن الحديث عن التحالفات أمر ما يزال مبكرا، إذ لم تخرج النتائج النهائية لها، فإن مباحثات تدور في بيوت ممثلي تلك الكتل، وبصورة غير معلنة، لترسم خارطة تحالفات هذه الكتل للمرحلة المقبلة.
أول من انشغل بموضوع التحالفات هو ائتلاف دولة القانون ليضمن لزعيمه نوري المالكي ولاية ثالثة كرئيس لوزراء العراق في حال لم يحصل ائتلافهم على عدد من المقاعد البرلمانية يمكنهم من تشكيل الحكومة، لا سيما أن المالكي وائتلافه يصرون على تشكيل حكومة أغلبية سياسية وهذا يعني أن عليهم الحصول على، أو موافقة نصف أعداد أعضاء البرلمان زائد واحد، على ذلك. وهذا يعني الحصول على 163 صوتا برلمانيا، وهم يدركون أن نتائج التصويت لهم لن تأتي بمثل هذا الرقم ولا بد من تشكيل كتلة برلمانية كبيرة تقود المالكي لولاية ثالثة.
وكشف قيادي في ائتلاف دولة القانون ومقرب من المالكي لـ«الشرق الأوسط» أمس عن أن مفاوضات التحالفات جارية منذ ما قبل البدء بالتصويت، مشيرا إلى أن «المباحثات في هذه المرحلة انحصرت بين الكتل (الإسلامية) الشيعية، أي شيعية - شيعية فقط، وإذا لم يضمنوا تحقيق النصاب (نصف عدد أعضاء البرلمان زائد واحد) فقد يتوجهون للانفتاح نحو كتل أخرى». وأردف قائلا: «لكن هذا لا يعني أننا نريدها حكومة شيعية فقط، فهذا لن يتحقق في العراق الذي يضم أديانا ومذاهب وقوميات مختلفة ولا بد من مشاركة واسعة لهذه المكونات الدينية والعرقية».
وأضاف القيادي الذي ينتمي لائتلاف رئيس الوزراء، مفضلا عدم نشر اسمه: «الجميع يعرف أن ائتلافنا مصر على ترشيح المالكي لولاية ثالثة كرئيس للوزراء ولن نتراجع عن هذا الاختيار، كوننا نعرف أنه (المالكي) سينجح في مهمته لو منح الحرية في اختيار فريقه الحكومي بصورة متجانسة، وأن الوزراء سيحكمهم واعز العمل الوطني بالتعاون مع رئيس الحكومة دون الارتهان لكتلهم السياسية»، مشيرا إلى أن المالكي «قرر أن يختار وزراءه هذه المرة من المتخصصين وفي أعمار الشباب».
وكشف هذا القيادي عن أن «مباحثاتنا تدور مع (المجلس الأعلى الإسلامي) بقيادة عمار الحكيم، خاصة أنه صرح ببقاء (التحالف الوطني) الذي رشح المالكي في الدورة البرلمانية السابقة لرئاسة الحكومة، لكنه لم يلمح (الحكيم) إلى بقاء رئيس الوزراء في الولاية الثالثة، بل أعلن عن عدم رغبته في المضي بهذا التوجه». وقال: «لكننا نراهن على بقاء السيطرة بيد الشيعة وإيران تدعم هذا التوجه بقوة، ونعتقد أن هناك ضغوطا إيرانية باتجاه بقاء المالكي في منصبه للمرة الثالثة».
وحول المغريات التي سيمنحها المالكي لـ«المجلس الأعلى الإسلامي» للموافقة على بقائه في منصبه، قال القيادي في «دولة القانون»: «جرى بالفعل عرض منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات لباقر جبر الزبيدي القيادي في المجلس مع وزارات سيادية سيجري التفاهم حولها فيما بعد»، مشيرا إلى أن «الحكيم ليس متطرفا بقراراته، بل هو مرن، ومن الممكن التفاهم معه وتغيير مواقفه إذا كانت ستأتي لصالح المواطن والبلد والمذهب، على العكس من مواقف مقتدى الصدر، زعيم (التيار الصدري)، المصر على عدم بقاء المالكي في ولاية ثالثة كرئيس للوزراء».
وعدد هذا القيادي أسماء الكتل التي ستنضم للتحالف الشيعي المقبل، وقال: «باعتقادنا (المجلس الأعلى) سينضم لهذا التحالف، وكذلك (التيار الصدري) وإن كان غير موافق على بقاء المالكي في منصبه، وهناك كتلة (الفضيلة) بزعامة هاشم الهاشمي، و(الصادقون) التابعة لـ(عصائب أهل الحق) بزعامة قيس الخزعلي، و(تيار الإصلاح) بزعامة إبراهيم الجعفري، و(منظمة بدر) بزعامة هادي العامري، و(الكفاءات) بزعامة جواد البولاني، وعن العرب السنة سينضم مشعان الجبوري، وهؤلاء كلهم مؤيدون لبقاء المالكي، باستثناء (التيار الصدري)، لكن عندما ستظهر النتائج سيكون لكل حادث حديث».
وأوضح القيادي في ائتلاف دولة القانون بأن «المالكي اتبع استراتيجية جديدة في هذه الانتخابات إذ عمد إلى تكليف بعض مؤيديه إلى تشكيل كتل انتخابية صغيرة ستنظم إلى تحالفه وتؤيد توجهاته وبقائه في منصبه»، مشيرا إلى أن «بعض هذه الكتل تضم ثلاثة أو سبعة مرشحين أو أكثر».
وأكد القيادي أن «المالكي مصر وبقوة على الولاية الثالثة رغم أن هناك معترضين حتى في داخل حزبه، (الدعوة)، وفي حال واجه عقبات حقيقية تمنع بقاءه في منصبه فإنه سيرشح مدير مكتبه طارق نجم عبد الله لرئاسة الحكومة وقد يلاقي هو الآخر أو أي مرشح يقترحه المالكي، الرفض من قبل الكتل الشيعية، لا سيما أن الصدر له مرشحه، علي دواي محافظ ميسان، والحكيم عنده أكثر من مرشح وفي مقدمتهم الزبيدي وأحمد الجلبي، وفي اعتقادنا أن الأمور إذا وصلت إلى أبواب مغلقة فقد نلجأ إلى مرشح تسوية مستقل، لكنه سيكون شيعيا بالتأكيد».
في المقابل، هناك جبهة معارضة وبقوة لبقاء المالكي في منصبه، وستشكل هذه الجبهة تحالفا متماسكا للوقوف بوجه تطلعات «دولة القانون»، وفي مقدمتهم الأكراد، وبالذات «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«متحدون للإصلاح» بزعامة أسامة النجيفي، و«ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي، بينما لم يأت في التوقعات أو الحوارات أي حديث عن «كتلة العربية» التي يتزعمها صالح المطلك الذي لديه خلاف مع كل من النجيفي وعلاوي والمالكي، لكن المراقبين للأوضاع السياسية ببغداد لا يستبعدون اصطفاف المطلك مع المالكي إذا عرض عليه منصبا مهما.
جبهة بارزاني - النجيفي - علاوي ستكون هي الأقوى إذا ما تحالفت مع الصدر كما صرح علاوي لـ«الشرق الأوسط»، وبقية التيارات العلمانية أو المعارضة للمالكي أمثال «التيار المدني الديمقراطي» الذي يضم «الحزب الشيوعي العراقي» وشخصيات أكاديمية علمانية وكتلة «أوفياء للعراق» التي يتزعمها وائل عبد اللطيف بعضوية عزت الشابندر.
وعن إمكانية حدوث مفاجآت في تشكيل الحكومة المقبلة، يقول القيادي من «دولة القانون»: «بالتأكيد، فهذه سياسة، والسياسة هي فن الممكن ولا مستحيل فيها».
وفي بيان مثير للجدل، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق في بيان أمس أن شغل منصب رئاسة العراق حق الشعب الكردي، مشددة على تمسك الإقليم الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي بهذا المنصب. وعلى الرغم من أن الدستور العراقي لا يحدد طائفة أو إثنية معينة لشغل المنصب، إلا أن الحزبين الكرديين الرئيسين، الحزب الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي، متمسكان بالمنصب.
وجاء في بيان صادر عن حكومة الإقليم ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية: «نريد أن نعلن لشعب كردستان وجميع الأطراف السياسية في إقليم كردستان والعراق أن منصب رئيس الجمهورية في العراق الاتحادي هو من حق شعب كردستان وسنسعى بكل قوتنا من أجل الحصول على هذا المنصب للشعب الكردي».
والرئيس العراقي الحالي جلال طالباني الذي يقضي فترة علاج في أحد مستشفيات ألمانيا منذ أكثر 16 شهرا، هو أول كردي يتولى المنصب في تاريخ العراق. وأكد البيان أن أي مرشح كردي لتولي المنصب «يجب أن يحصل على قبول برلمان كردستان».



وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)

نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الإشاعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.

وأوضح الإرياني، في تصريح رسمي، أنه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على طمأنة الرأي العام والقطاعَين التجاري والملاحي، جرى التواصل المباشر مع الجانب السعودي للتحقق مما أُثير، حيث تم تأكيد عدم صحة هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأن الإجراءات المعمول بها تسير بصورة طبيعية ودون أي تغيير.

وأضاف أن عدداً من تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن تم إصدارها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بما يدحض كل ما تم تداوله من معلومات مغلوطة.

وشدد الوزير اليمني على أن ميناء عدن يواصل أداء مهامه وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعتمدة، وأن حركة الملاحة والتجارة مستمرة بوتيرة طبيعية.

ودعا الإرياني وسائل الإعلام ورواد المنصات الرقمية إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وتجنّب الانجرار خلف الشائعات التي لا تخدم استقرار البلاد ولا تصب في مصلحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، ثمّن الوزير عالياً المواقف السعودية، ودورها الداعم لليمن في مختلف الظروف، وحرصها المستمر على تسهيل حركة التجارة والإمدادات، بما يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.

تنسيق حكومي - أممي

بالتوازي مع ذلك، بحث وزير النقل اليمني، الدكتور عبد السلام حُميد، في العاصمة المؤقتة عدن، مع مصطفى البنا المنسق الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أوجه الدعم الذي يقدمه المكتب إلى القطاعات والمؤسسات والهيئات التابعة للوزارة، خصوصاً في مجالات التدريب والتأهيل وبناء القدرات وتوفير الوسائل والمعدات الفنية.

وأشاد وزير النقل اليمني بالدعم الذي قدمه البرنامج الأممي، بما في ذلك توفير وسائل الاتصالات والتجهيزات للمركز الإقليمي لتبادل المعلومات البحرية، ووسائل مراقبة التلوث للهيئة العامة للشؤون البحرية، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لمؤسسات المواني والهيئة عبر برنامج مكافحة الجريمة البحرية العالمية في خليج عدن والبحر الأحمر.

ميناء عدن تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون (الأمم المتحدة)

وقدم الوزير حُميد عرضاً مفصلاً عن احتياجات المواني والمطارات اليمنية، وفي مقدمتها ميناء ومطار عدن، إلى أجهزة كشف المتفجرات، بهدف تنسيق الدعم مع البرنامج الأممي والدول والصناديق المانحة.

وأكد أن توفير أجهزة حديثة ومتطورة لتفتيش الشحنات والمسافرين يُعد أولوية قصوى في ظل التحديات الأمنية الراهنة، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز أمن الملاحة البحرية وسلامة حركة الطيران المدني.

وتحدّث وزير النقل اليمني عن حرص وزارته على تسهيل عمل مكتب الأمم المتحدة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ أنشطته، بما ينعكس إيجاباً على كفاءة أداء المواني والمطارات، ويعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة المنافذ الحيوية وفق المعايير المعتمدة.

ونسب الإعلام الرسمي اليمني إلى المسؤول الأممي أنه أشاد بمستوى التعاون والتنسيق القائم مع وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، مثمناً الجهود المبذولة لإنجاح برامج الدعم الفني والأمني.

وأكد المسؤول أن المكتب الأممي سيواصل تقديم الدعم اللازم إلى المؤسسات البحرية وسلطات إنفاذ القانون في اليمن، إلى جانب التنسيق مع الجهات المانحة لتوفير وسائل الكشف عن المتفجرات والأسلحة، بما يُسهم في تعزيز أمن النقل البحري والجوي ودعم الاستقرار الاقتصادي.


الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.


«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)

وسّعت الجماعة الحوثية من دائرة انتهاكاتها الممنهجة لتطال عشرات المحاسبين القانونيين اليمنيين في العاصمة المختطفة صنعاء، عبر حملات تعقّب، وملاحقة، وتهديدات مباشرة بالتصفية، إلى جانب الاعتقال التعسفي، والإخضاع للتطييف الفكري، في خطوة وُصفت بأنها تعسفية، وتمثل تهديداً خطيراً لاستقلال المهنة، وسلامة العاملين فيها، وانعكاساً سلبياً على بيئة العمل القانونية والمحاسبية في البلاد.

ودفعت هذه الممارسات المتصاعدة منتسبي مهنة المحاسبة القانونية في صنعاء إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة، وإصدار بيانات إدانة شددت على ضرورة الوقوف في وجه الجماعة، واتخاذ خطوات تصعيدية للدفاع عن حقوق المحاسبين، وحماية مهنيتهم في عموم مناطق سيطرة الحوثيين.

وأعربت «جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين» (مقرها صنعاء) عن قلقها البالغ إزاء تزايد الانتهاكات، والتهديدات، وأعمال الخطف التي يتعرض لها منتسبوها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، معتبرة أن تكرار هذه الممارسات بات يشكل تهديداً واضحاً لاستقلال المهنة، وسلامة أعضائها، ويقوّض أسس العمل المهني القائم على الحياد، والشفافية.

عبر الانتماء السلالي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

وأوضحت الجمعية، في بيان، أن المحاسب القانوني محمود الحدي تلقى أخيراً تهديدات مباشرة وصريحة عبر الهاتف بالتصفية الجسدية، صدرت عن مشرف حوثي بارز يُدعى شرف أحمد الجوفي. وأكدت أن التهديد بالقتل، والإساءة، وتوجيه الشتائم جرت أثناء حضور عدد من أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية، في واقعة عدّتها انتهاكاً صارخاً للقانون، والأعراف المهنية.

وأشار البيان إلى أن المحاسب القانوني عزّ الدين الغفاري تعرّض قبل فترة للاحتجاز التعسفي من قبل ما تُسمى إدارة البحث الجنائي الخاضعة للجماعة في صنعاء، وذلك بإيعاز من قاضٍ موالٍ للحوثيين يعمل بمحكمة استئناف العاصمة المختطفة، على خلفية قيامه بمهامه المهنية في مراجعة شفافة لإحدى القضايا، في مؤشر على استخدام أدوات القضاء والأمن لتصفية الحسابات المهنية.

وعبّرت الجمعية عن إدانتها الشديدة لكل أشكال التهديد، والاعتداء، والاختطاف المستمرة التي طالت ولا تزال محاسبين قانونيين في مناطق سيطرة الحوثيين، مطالبة الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الانتهاكات، والتحرك لحماية العاملين في هذا القطاع الحيوي.

استمرار التعسف

هاجم مصدر نقابي في جمعية المحاسبين اليمنيين بصنعاء كبار قادة ومشرفي الجماعة، متهماً إياهم باتخاذ مزيد من الإجراءات والممارسات التعسفية المخالفة للقانون ضد العشرات من زملائه في صنعاء، ومدن أخرى، محذّراً من انعكاسات خطيرة على مهنة العمل المحاسبي والقانوني، وعلى الثقة العامة بالبيئة الاقتصادية.

وكشف المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» طلب فيه عدم ذكر اسمه، عن تعرّض أكثر من 16 مكتباً ومركزاً للمحاسبة والمراجعة والتدريب القانوني في صنعاء، إلى جانب عشرات المحاسبين الإداريين والقانونيين، خلال الربع الأخير من العام الجاري، لحملات ابتزاز، ومضايقة، وإغلاق قسري، فضلاً عن اختطاف، واعتقال تعسفي، وغير قانوني.

وأضاف أن الجمعية تواصل اتخاذ خطوات تصعيدية متاحة للدفاع عن أعضائها، وحماية كرامتهم، والتمسك بأداء واجبها في خلق بيئة مهنية آمنة تتيح للمحاسب أداء مهامه باستقلالية وحياد كاملين، بعيداً عن أي ضغوط، أو تهديدات، مؤكداً أن الصمت إزاء هذه الانتهاكات سيقود إلى مزيد من التدهور المؤسسي.

جانب من انتشار أمني حوثي في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وتضم جمعية المحاسبين اليمنيين نحو ثلاثة آلاف عضو نشط، ولها فروع عدة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين. كما تواصل عملها بالشراكة مع منظمات دولية متخصصة في دعم العمل المحاسبي والقانوني، عبر تنظيم فعاليات ومؤتمرات تهدف إلى تعزيز معايير المهنة، والحوكمة، والشفافية.

ومنذ اقتحام الحوثيين صنعاء ومدناً أخرى، عمدت الجماعة إلى التضييق على المحاسبين القانونيين، واتخاذ سلسلة إجراءات تعسفية بحق كثير منهم، في مسعى لفرض السيطرة على قطاع يُعد من ركائز النزاهة المالية، والرقابة، وتسخيره –على غرار قطاعات أخرى– لخدمة أجندتها.

كما أخضعت خلال فترات سابقة مئات المحاسبين للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن ما تسميه «معركة الجهاد المقدس»، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من تسييس المهنة، وتقويض أسسها المهنية.