سوق التجزئة في السعودية.. الأكبر في الشرق الأوسط بـ73 مليار دولار

تقرير دولي يتوقع ارتفاع معدل إنفاق الفرد على البضائع إلى أربعة آلاف دولار في 2015

وضع التقرير تنامي نسبة السكان الشباب وتزايد أعداد المستهلكين كأحد أبرز عوامل تطور سوق التجزئة في السعودية («الشرق الأوسط»)
وضع التقرير تنامي نسبة السكان الشباب وتزايد أعداد المستهلكين كأحد أبرز عوامل تطور سوق التجزئة في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

سوق التجزئة في السعودية.. الأكبر في الشرق الأوسط بـ73 مليار دولار

وضع التقرير تنامي نسبة السكان الشباب وتزايد أعداد المستهلكين كأحد أبرز عوامل تطور سوق التجزئة في السعودية («الشرق الأوسط»)
وضع التقرير تنامي نسبة السكان الشباب وتزايد أعداد المستهلكين كأحد أبرز عوامل تطور سوق التجزئة في السعودية («الشرق الأوسط»)

رجح تقرير دولي أن تسجل سوق البيع بالتجزئة في السعودية نموا مطردا خلال العام الجاري 2014 نتيجة عامل نمو حركة الاستهلاك العامة مع تصاعد أعداد السكان المستمر، بالإضافة إلى عناصر رئيسة تتعلق بالاقتصاد الكلي، ونمو دخل الفرد.
ووفق التقرير الصادر عن مجموعة أعمال أكسفورد، المؤسسة العالمية المهتمة بخدمات النشر والبحوث والاستشارات فإن سوق التجزئة في السعودية، مرشحة للتنامي خلال العام الجاري بقيمة تقديرية قوامها 267 مليار ريال (73.6 مليار دولار) بنهاية 2014، مرتفعة من 250 مليار ريال (66.7 مليار دولار) في عام 2012.
ويرى معدو التقرير أن هذه التقديرات تأتي نتيجة ارتفاع القوة الشرائية التي يكشفها التوسع المتنامي لمنافذ بيع التجزئة في مناطق السعودية المختلفة مما جعلها أكبر سوق للتجزئة في منطقة الشرق الأوسط بحجم قوامه 250 مليار ريال (66.7 مليار دولار).
واستند التقرير في توقعاته لسوق التجزئة السعودية خلال عام 2014 إلى مؤشرات عامة حيث يرى أن نسبة السكان الشباب وتزايد أعداد المستهلكين يدفع الشركات والمؤسسات والمصانع لافتتاح فروع ومنافذ جديدة باستمرار للمحال والمتاجر والمجمعات المغلقة والأسواق المفتوحة في مناطق ومحافظات السعودية.
وأوضح التقرير أن المنتجات غير الغذائية والزراعية تشكل النسبة العظمى من سوق التجزئة السعودية بواقع ستين في المائة من النشاط، حيث تشكل الأدوات المصنعة للاستعمال المباشر لاحتياجات الإنسان 38.5 في المائة من الحصة السوقية، فيما قد تصل المعدات والأجهزة الإلكترونية إلى 27.3 في المائة، وكذلك البضائع للمنازل مرشحة إلى أن تصل في بعض الأحيان إلى 26.8 في المائة.
ووفقا للتقرير، فإن شريحة الملبوسات والأقمشة وما يدخل فيها ربما تصل إلى 23.3 في المائة من حجم بيع سوق التجزئة، فيما تشكل شريحة الأدوات الصحية والتجميلية 17.9 في المائة من قطاع التجزئة السعودي.
وتوقع التقرير أن يرتفع معدل إنفاق الفرد في السعودية على شراء البضائع من أسواق التجزئة إلى 15.2 ألف ريال (أربعة آلاف دولار) بحلول عام 2015، تمثل ارتفاعا بنسبة خمسين في المائة عن عام 2010، مشيرا إلى أن قطاع التجزئة يلعب في الوقت الراهن دورا مهما في التوظيف بحيث يشكل ما نسبة 21.5 في المائة من وظائف القطاع الخاص.
وفي هذا الصدد أكد يوسف بن أحمد الدوسري، رئيس اللجنة الوطنية التجارية في مجلس الغرف السعودية أن حجم قطاع التجزئة في المملكة أكثر بكثير من الأرقام المعلنة، وأنه يمكن أن يحقق توسعا كبيرا في السنوات المقبلة، إلا أنه يعاني من سيطرة العمالة الأجنبية عليه بشكل واسع، ما يجعل من عائداته أموالا تصدر للخارج.
ودعا الدوسري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى إشراك الشباب السعودي في هذا القطاع الممانع والكبير، مشيرا إلى أن تسلم الشباب السعودي لزمام قطاع التجزئة عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتفعيل أربعة صناديق وطنية متخصصة في هذا الإطار، من شأنه أن يضاعف من حجم السوق، ويعيد تدوير عوائده في الاقتصاد الوطني.
وقال رئيس اللجنة الوطنية التجارية في مجلس الغرف السعودية، إن التوسع الحاصل الآن في بناء المولات التجارية ومنافذ البيع بالتجزئة لا يستفيد منه الاقتصاد السعودي بالشكل المطلوب إذ إن نسب توظيف السعوديين والسعوديات فيه متدنية للغاية، كما أن مكاسبه ترحل للخارج.
وأضاف «على الجهات المعنية سواء وزارة التجارة أو المؤسسات الأخرى القيام بدورها لتحرير هذا القطاع ودفعه للأمام خصوصا في ظل تنامي عدد السكان وتطور المدن السعودية بشكل ملحوظ، وذلك عبر توحيد إجراءات بدء الأعمال الحرة وتخفيف القيود العمالية والإجرائية، ورفع حجم التمويلات المالية».
وبالعودة إلى تقرير «أكسفورد للأعمال» فإنه لفت إلى أن التطورات الحاصلة مؤخرا في القطاع والتي تضمنت ارتفاع معدلات رواتب العاملين تشكل دافعا جديدا لنمو سوق التجزئة المحلية، مشيرا إلى أن شريحة الشباب، التي تشكل الجزء الأكبر من تركيبة السكان، تتجه بقوة نحو الاستفادة من انتشار الأجهزة الذكية ووسائل الاتصال الرقمية والتفاعل معها بحيوية، إذ تأتي السعودية في قائمة دول المنطقة من حيث تفاعلها مع التقنية واستخدام التطبيقات الحديثة.
وتوقع التقرير أن تواصل سوق التجزئة نموها في عدد من الأنشطة التجارية خاصة ما يتعلق بالمنتجات والخدمات المتطورة على وجه التحديد الإلكترونيات والملابس والتأثيث بالإضافة إلى وجود فرصة لنمو الطلب على البضائع الفاخرة مع توسع المجمعات التجارية المركزية. أمام ذلك، يدعم توجه تنامي سوق التجزئة السعودي، مؤشر ثقة المستهلك الذي تقوم عليه شركة ماستركارد العالمية من خلال قياس معدل التفاؤل حيال مستوى الدخل والتوظيف والاقتصاد والأسواق المالية ورفاهية الحياة، حيث لفتت في آخر تقاريرها إلى أن السعوديين يبقون التفاؤل في رؤيتهم العامة حول تلك العناصر.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.