لهذا السبب... الضربة الأميركية في سوريا «قانونية»

إطلاق صاروخ توماهوك كروز من سفينة بحرية أميركية صوب سوريا (أ ف ب)
إطلاق صاروخ توماهوك كروز من سفينة بحرية أميركية صوب سوريا (أ ف ب)
TT

لهذا السبب... الضربة الأميركية في سوريا «قانونية»

إطلاق صاروخ توماهوك كروز من سفينة بحرية أميركية صوب سوريا (أ ف ب)
إطلاق صاروخ توماهوك كروز من سفينة بحرية أميركية صوب سوريا (أ ف ب)

«لا ينبغي لأي إنسان أن يتعرض لرعب مثل هذا»، كان هذا ما صرح به الرئيس الأميركي دونالد ترمب مبررا الهجوم الصاروخي على قاعدة عسكرية تابعة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، قبل أن يواجه تمحيصا مميتا بشأن الضربة، خاصة مدى قانونيتها.
*انتقادات
وتركزت الانتقادات الروسية ومن بعض أعضاء الكونغرس الأميركي على أن الضربة الصاروخية كانت انتهاكا للسيادة السورية، بحسب مجلة «بوليتيكو» السياسية.
وردا على سؤال حول مشروعية الضربة الأميركية، غرد جاك غولدسميث الأستاذ بكلية القانون في جامعة هارفارد قائلا: «أيا كانت، فإنها تتجاوز كل الحوادث السابقة وفقا للقانون المحلي والدولي»، بينما قالت هينا شامسي محامية الأمن القومي بالاتحاد الأميركي للحريات المدنية «استخدام الأسلحة الكيماوية مرعب، لكن التحرك العسكري لترمب يخرق الدستور وميثاق الأمم المتحدة، ولا ينسجم والأسس القانونية الأميركية أو الدولية».
ولا تستغرب المجلة هذه الانتقادات بعد «الاستخدام غير المعتاد كثيرا للقوة»، سواء لأنه لم يكن دفاعا عن الولايات المتحدة أو حلفائها أو لأنه لم يكن مدعوما بقرار من مجلس الأمن.
كذلك لم يدعم قرار ترمب موافقة الكونغرس على استخدام القوة العسكرية.
*مبدأ «مسؤولية الحماية»
ورغم ذلك، هناك مبرر قانوني للتحرك الأميركي، والذي يقوم على مبدأ «مسؤولية الحماية».
وتضيف الصحيفة أن ترمب قبل توجيه الضربة لم يبد يميل إلى مبدأ «مسؤولية الحماية»، لكن الآن وقد تم توجيهها يتعين عليه اعتناق هذا المبدأ.
ومبدأ «مسؤولية الحماية» تم إقراره بموافقة كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في قمة العالم عام 2005، وجاء ردا على أعمال الإبادة الجماعية في رواندا والبوسنة خلال التسعينات، حينما فشل المجتمع الدولي في التصرف ما تسبب في مقتل ملايين الأشخاص.
وينص المبدأ على أن الدول يجب عليها اتخاذ موقف لحماية مواطنيها ومنع الجرائم ضد الإنسانية خلال في إطار حدودها، وإذا لم تفلح في ذلك فإن المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي للتدخل.
ويضع واجب التدخل التزاما على كافة الدول الأعضاء ولا بد أن يكون مدعوما بقرار من مجلس الأمن يسمح باستخدام القوة.
وفي حالة سوريا، فقد عرقلت روسيا والصين دائما أي محاولة لاستصدار قرار من مجلس الأمن للتحرك، لكن مبدأ «مسؤولية الحماية» يتطلب أكثر من مجرد مجهودات للموافقة الأممية، حيث يقتضي المبدأ بأن الدول الأعضاء بالأمم المتحدة عليها واجب منع الجرائم ضد الإنسانية حتى وإن فشل المجتمع الدولي في الاتفاق لإرضاء التزامها، أي أن الدول الأعضاء ملزمة بالتحرك حينما لا يتحرك مجلس الأمن.
وتقول المجلة إن هذا هو الجانب الأكثر إثارة للجدل في مبدأ «مسؤولية الحماية»، فالتدخل العسكري دون موافقة الأمم المتحدة يمثل خرقا لكن أنصار المبدأ يقولون إنه متأصل في مبادئ أممية أخرى مهمة، مثل الفصل الخامس الذي يجيز استخدام القوة ردا على تهديد السلام.
*سوابق
وضربت المجلة أمثلة سابقة للتدخل من دون موافقة الأمم المتحدة، ومنها تدخل الناتو عام 1999 في كوسوفو لإنهاء حملة الإبادة التي تقوم بها صربيا، وهو ما لقي إشادة كبيرة لدوره في إنقاذ الأرواح، ومع ذلك فقد تم التحرك في غياب الموافقة الأممية وأيضا بسبب الفيتو الروسي، وقبل إقرار مبدأ مسؤولية الحماية.
ومنذ تبني المبدأ عام 2005، تم استخدامه بشكل طفيف كأساس للتدخل العسكري، وأول حالة كانت في ليبيا عام 2011. حينما أطلق حلف الناتو، مدعوما بقرار من مجلس الأمن الدولي، حملة جوية ضد معمر القذافي بعد مقتل آلاف المحتجين، واستهدفت الضربات أرتالا من الدبابات التي كانت على بعد ساعات من دخول بنغازي وقتل عشرات الآلاف الآخرين.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.