اجتماع أمني أوروبي لتقييم إجراءات حدود لضبط حركة «المقاتلين الأجانب»

عناصر من الجيش البلجيكي وسط بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)
عناصر من الجيش البلجيكي وسط بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

اجتماع أمني أوروبي لتقييم إجراءات حدود لضبط حركة «المقاتلين الأجانب»

عناصر من الجيش البلجيكي وسط بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)
عناصر من الجيش البلجيكي وسط بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)

ينعقد في غضون الساعات القليلة المقبلة، اجتماع على مستوى الخبراء الأمنيين من مختلف دول الاتحاد الأوروبي، لتقييم ما جرى تحقيقه في الأيام الأولى من تنفيذ إجراءات أوروبية مشتركة، لتشديد الرقابة الحدودية، بحسب ما أعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل.
وحسبما ذكرت مصادر أوروبية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ببروكسل، سيقوم الخبراء من مختلف دول الاتحاد بتقييم التنفيذ والإيجابيات التي تحققت من وراء تشديد الرقابة الحدودية المشتركة، وكيفية التعامل مع أي مشكلات قد تنشأ في الفترة الأولى من التطبيق. ولم يستبعد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، انعقاد الاجتماع في بروكسل، ولكنه رفض تأكيد ذلك أو تحديد توقيت الانعقاد.
ويأتي ذلك بعد أن أكدت المفوضية الأوروبية أن نظام الرقابة الدائمة على الحدود الخارجية للاتحاد، والذي دخل حيز التنفيذ منذ الجمعة 7 أبريل (نيسان) الحالي، يأتي رداً على الهجمات الإرهابية في أوروبا، وأيضاً لضبط ما يعرف بظاهرة المقاتلين الأجانب. ويلزم النظام الجديد جميع الدول الأعضاء في الاتحاد بإخضاع المسافرين براً وبحراً وجواً، من أوروبيين وغيرهم، للتفتيش، لمقارنة معطياتهم بقواعد البيانات الموجودة لدى السلطات المحلية.
وكان مواطنو دول الاتحاد لا يخضعون في السابق سوى لتدقيق بسيط وروتيني لوثائقهم الشخصية، الأمر الذي سيتغير تماماً بموجب النظام الجديد، حيث سيعامل الأوروبي مثل غيره عند المراكز الحدودية الخارجية للاتحاد. وأقرت المفوضية بأن هذا النظام قد يساهم في خلق بعض التأخير والاضطراب في حركة السير في المطارات والمراكز الحدودية الخارجية للاتحاد.
وأوضحت المفوضية أن من حق الدول الأعضاء تطبيق هذا النظام بشكل «انتقائي»، حيث «يمكن للسلطات أخذ عينات عشوائية من المسافرين ومقارنة معطياتها بقواعد البيانات، ولكن الأمر يجب ألا يؤثر على أمن الدول»، حسب كلام المتحدثة باسمها.
وأشارت دوفيه إيرنست، إلى أن المفوض الأوروبي المكلف شؤون الهجرة والداخلية ديمتريس أفراموبولس، قد اتصل مع كثير من وزراء داخلية الدول لإيضاح الإمكانات التي يوفرها لهم النظام الجديد، فـ«يجب مراعاة مبدأ الحفاظ على الأمن»، كما يعطي النظام الجديد، حسب المتحدثة، مهلة 6 أشهر لبعض المطارات يمكن خلالها تنفيذ عمليات تفتيش «موجهة»، قبل تطبيق النظام الجديد بالكامل، كما يحصل الآن في مطارات يونانية.
وكان البرلمان الأوروبي والمجلس قد وافقا هذا العام على اقتراح قُدّم عام 2015، بعد هجمات باريس، بتعزيز الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد، لمعرفة مدى الخطر الذي يشكله الراغبون في دخول دول الاتحاد أو الخروج منها على الأمن القومي والنظام العام للتكتل الموحد.
وفي نفس الإطار، اهتمت وسائل الإعلام في بروكسل بتصريحات وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينّيتي، الذي رأى فيها أن التحدي الجديد أمام قوى إنفاذ القانون والإجراءات الوقائية يكمن في انعدام القدرة على توقّع الأعمال الإرهابية.
وفي كلمته خلال الاحتفال في روما بالذكرى الـ165 لتأسيس قوات الشرطة، بحضور رئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا، دعا مينّيتي قوى الأمن إلى «خوض تجربة لم ينجح فيها أحد من قبل قط»، والتي تتمثل في «التكهن بما لا يمكن التنبؤ به». قائلا: «نحن نعيش في أوقات صعبة، وقد مررنا في الماضي ببعض الظروف العصيبة، لكنها لم تكن مثل هذه أبدا»، التي «تتميز بالعنف الإرهابي الأعمى وغير المنطقي».
ووصف وزير الداخلية الأيام السبعة الماضية بالرهيبة، من أحداث سان بطرسبرغ وصولاً إلى مصر، حيث «ضرب الإرهاب الحياة اليومية من خلال محطة المترو»، وكذلك «قيمة التعايش» الديني السامية، ثم في استوكهولم، وفي «كل هجوم هناك خطوة تزداد وضوحا نحو تبسيط عملية تنظيم العمل الإرهابي». وخلص مينّيتي إلى القول إنه «عندما ينطوي الأمر على سرقة شاحنة واستخدامها بعد بضع دقائق لدهس الناس في مركز تسوق، فمن الواضح أننا نواجه خطرا جديدا، يتمثل في إرهاب لا يمكن التكهن به مطلقا».
يذكر أن تحركا أوروبيا مشتركا بدأ منذ الجمعة الماضي، يتعلق بتشديد الإجراءات الأمنية على الحدود الخارجية لمواجهة تدفق أو خروج المقاتلين الأجانب، الذين يشاركون في القتال بمناطق الصراعات، وخاصة في سوريا والعراق، وأيضا للكشف عن أي شخص قد يكون مطلوبا للعدالة في إحدى الدول الأعضاء بالتكتل الأوروبي الموحد.
وحسبما أعلنت السلطات البلجيكية في بروكسل، فقد أسفر اليوم الأول من تطبيق الإجراءات الجديدة عن منع 15 شخصا من السفر بالطائرة والقطارات الدولية السريعة، خلال مغادرتهم مطار زافنتم بالعاصمة البلجيكية، ومحطة قطارات جنوب بروكسل، وكان أحدهم مطلوبا لتنفيذ عقوبة السجن، بحسب ما ذكر باتريك ديوايل المتحدث باسم الشرطة الفيدرالية البلجيكية. وأضاف أن 12 شخصا جرى توقيفهم في المطار و3 أشخاص في محطة القطارات، وجرى إلغاء سفرهم.
وتأتي هذه الخطوة في ظل مخاوف أوروبية من تنقل أعداد من المقاتلين الذين عادوا من مناطق الصراعات بوثائق مزورة، وخاصة بعد أن أفادت مصادر إعلامية في بروكسل بأن أحد المطلوبين أمنيا عاد من سوريا والتقى أفراد عائلته سرا، ثم غادرها دون اكتشاف الأمر، ولكن سلطات التحقيق رفضت التعليق. وأيضا بعد أن تعرضت عدة عواصم ومدن أوروبية لهجمات إرهابية، ونجح منفذو الهجمات في التنقل وبحرية بين الدول الأوروبية دون اكتشاف الأمر. وأبرز الأمثلة على ذلك ما فعله التونسي أنيس العامري الذي تحرك بين 5 دول أوروبية عقب التورط في حادث دهس المارة بشاحنة كبيرة في سوق أعياد الميلاد ببرلين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قبل أن يقتل على أيدي الشرطة الإيطالية أثناء كمين أمني.
وكانت بروكسل قد تعرضت لهجوم إرهابي في مارس (آذار) من العام الماضي، أسفر عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300، وبعدها تعرضت نيس وميونيخ وأنتويرب ولندن لاعتداءات ذات صبغة إرهابية.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.