من بين الحقائق القليلة المؤكدة في عالمنا اليوم أن التفسير العجيب الذي اهتدى إليه كيث سترود في تفسير قواعد ركلة الجزاء سيظل بمثابة شبح يطارده لما تبقى له من مسيرته بمجال التحكيم. وجاء البرنامج الوثائقي الذي أذاعته محطة «سكاي» مؤخراً حول الجانب الإنساني للحكام ليحمل لنا مفاجآت مثيرة، منها أن الحكم مارتن أتكنسون يبدو حقيقة الأمر أشبه بالممثل الكوميدي بوب مورتيمر.
كثيراً ما تصب الجماهير جام غضبها على الحكام مع كل صافرة تنطلق منهم، لكن لدى سؤاله حول شعوره إزاء الانتقادات التي يتعرض لها من جانب زملاء سابقين كانوا يعملون في التحكيم ثم تحولوا إلى النقد الرياضي عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية، أوضح مايك رايلي، رئيس لجنة الحكام في إنجلترا والحكم السابق، أن الانتقادات التي تصدر عن لاعبين سابقين تحولوا إلى النقد الرياضي تحمل وقعاً أشد قسوة لأنها تصدر عن موقف جهل. وقال رايلي: «إذا كنت لاعبا سابقا، فمن غير المنتظر منك أن تكون على دراية بالقوانين والقواعد المنظمة لكرة القدم».
إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على جميع الرياضيين. على سبيل المثال، فإن المشهد الكوميدي لديلان هارتلي وجيمس هاسكيل، لاعبي المنتخب الإنجليزي للرغبي اللذين شاركا فيما بينهما في إجمالي 151 مباراة دولية بحلول تلك اللحظة، وهما يتوسلان إلى الحكم الفرنسي رومان بوات ليشرح لهما قواعد اللعبة خلال مباراة في إطار بطولة الأمم الستة في وقت سابق من هذا العام، سيظل حياً لفترة طويلة في ذهن كل من رآه. إلا أن البعض قد يرد على ذلك بالقول إنه حتى بالنسبة لمن يمارسون رياضة مثل الرغبي، تبقى هذه اللعبة بمثابة نمط من الفوضى المنظمة التي تحكمها قوانين على درجة بالغة من التعقيد على نحو يجعل من المتعذر العثور على شخص ملم بها جميعاً مهما بلغ شغفه بهذه الرياضة.
على سبيل المثال، فإنه في إطار الموقع الإلكتروني لقوانين الرغبي العالمية، سنجد أن تعقيدات قاعدة التسلل في هذه الرياضة بلغت حداً جعل من الضروري شرحها على امتداد 23 فقرة تبدو مفتقرة إلى التناغم فيما بينها وممتدة عبر 11 قسماً فرعياً مختلفاً! في المقابل، نجد أن معظم لاعبي كرة القدم الناشئين يجري تلقينهم قواعد كرة القدم أثناء تناولهم الطعام على طاولة المطبخ في زمن ربما لا يتجاوز 60 دقيقة.
في الواقع، مقارنة بألعاب أخرى مثل الرغبي أو الغولف أو الكريكيت، تبدو قواعد كرة القدم مباشرة بدرجة كبيرة. وفي الوقت الذي يمكننا فيه التسامح إزاء جهل لاعبي كرة القدم السابقين ببعض قواعد كرة القدم في وقت يتلقون أجوراً ضخمة للمشاركة ببرامج تحليل رياضي، فإنه في المقابل ليس ثمة عذر لجهل بعض الحكام بجميع القواعد التي تحكم عملهم وترشدهم في سعيهم لتطبيق العدالة داخل أرض الملعب. وعليه، جاء أداء كيث سترود خلال مباراة الأربعاء الماضي في إطار بطولة دوري الدرجة الأولى (تشامبيون ليغ) بين نيوكاسل يونايتد وبيرتون ألبيون شديد الغرابة لكل من تابعه.
وفي حال أنك لم تكن متابعاً للأمر، فقد احتسب الحكم ركلة جزاء لصالح نيوكاسل تولى لاعب الوسط مات ريتشي تنفيذها، لكن قبل تسديد اللاعب للكرة دخل لاعبون من فريق بيرتون لمنطقة الجزاء، وهو ما يعني ضرورة إعادة تنفيذ ركلة الجزاء بحسب القانون. لكن الحكم كيث سترود كان له رأي آخر، فقد احتسب ركلة حرة لصالح بيرتون، وهو القرار الذي تسبب في موجة من الاندهاش من لاعبي نيوكاسل والجهاز الفني والجماهير الحاضرة في المدرجات. واعترض الإسباني رفائيل بينتيز المدير الفني لفريق نيوكاسل على قرار الحكم بشدة، وينص القانون على عدم إعادة ركلة الجزاء واحتساب ضربة حرة للفريق المحتسب عليه ركلة الجزاء في ثلاث حالات فقط وهي: 1 - في حالة تسديد الكرة للخلف أي عكس اتجاه المرمى المفترض التسديد عليه. 2 - في حالة قيام لاعب غير الذي تم تحديده للحكم بتنفيذ ضربة الجزاء. 3 - في حالة تسديد لاعب لركلة الجزاء واصطدام الكرة بالعارضة أو القائم وارتدادها لنفس اللاعب فإنه في هذه الحالة يعتبر في موقف تسلل.
ولأسباب لا يعلمها غيرهما، لم يفلح الحكمان المساعدان في إقناع الحكم بأنه على وشك ارتكاب الخطأ الأكبر على امتداد مسيرة عمله التحكيمي بأكمله.
الحكام «المعلقون» يفضحون جهل زملائهم بالقانون
بعد الخطأ الكارثي الذي ارتكبه حكم مباراة نيوكاسل يونايتد وبيرتن ألبيون
الحكام «المعلقون» يفضحون جهل زملائهم بالقانون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة