هل يمكن أن تتحول الثقافة إلى منتج اقتصادي منافس؟

مؤتمر في عُمان يناقش الاستثمار في حقولها

الدرمكي خلال الاستعداد لإطلاق مؤتمر «الاستثمار في الثقافة»
الدرمكي خلال الاستعداد لإطلاق مؤتمر «الاستثمار في الثقافة»
TT

هل يمكن أن تتحول الثقافة إلى منتج اقتصادي منافس؟

الدرمكي خلال الاستعداد لإطلاق مؤتمر «الاستثمار في الثقافة»
الدرمكي خلال الاستعداد لإطلاق مؤتمر «الاستثمار في الثقافة»

تشهد العاصمة العُمانية مسقط، اليوم الثلاثاء، عقد مؤتمر بعنوان «الاستثمار في الثقافة» تشارك فيه 15 دولة عربية وأجنبية، ويسلط الضوء على سبل الاستفادة من الإرث الثقافي لخدمة المجتمع وتنميته.
ينظم المؤتمر النادي الثقافي في سلطنة عمان، بالتعاون مع وزارة التراث والثقافة، والجمعية الاقتصادية العمانية، ومؤسسة بيت الزبير ويستمر 3 أيام، ويشارك فيه باحثون وأكاديميون من السعودية والكويت وقطر والبحرين والسودان والمغرب ومصر واليمن وتونس والجزائر وإيران وفرنسا وألمانيا وباكستان، إضافة إلى سلطنة عمان. ويشمل المؤتمر 8 جلسات على مدى 3 أيام بالمتحف الوطني في مسقط والنادي الثقافي ومؤسسة بيت الزبير. ويهدف المؤتمر إلى «زيادة الإجابة عن مجموعة من التساؤلات من أهمها: كيف يتم تحويل المواد الثقافية إلى مواد اقتصادية إلى جانب نوع المشروعات الاقتصادية التي يمكنها الاستثمار في الثقافة، فضلاً عن كيفية استفادة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من مواد الثقافة اقتصادياً، إضافة إلى عرض أهم التجارب الاستثمارية الاقتصادية العربية أو العالمية التي نجحت في استثمار الثقافة»، كما تقول عائشة بنت حمد الدرمكي رئيسة مجلس إدارة النادي الثقافي العُماني.
وتضيف رئيسة مجلس إدارة النادي الثقافي العُماني: «إذا كنا نعتقد أن (التهجين) و(التنوع الثقافي) هما الرهان لـ(الصمود) أمام تيار العولمة المتسارع الذي يسعى ليكون المجتمع العالمي شكلاً وفكراً (وحيداً)، فإن هذا (الصمود) لا يعني عدم الانفتاح وإنما يعني قدرة تلك المجتمعات على الحفاظ على (هُويتها)، في ظل المتغيرات المتسارعة والمتلاحقة التي (تستهدف) جوهر المجتمع (الثقافة)، ومن هنا تأتي أهمية التركيز على (الاستثمار في الثقافة)».
وهي ترى أن «الاستثمار لا يعني إهدار المكوِّن الثقافي الذي تُبنى عليه المجتمعات بقدر ما يعني قدرة تلك المجتمعات على المضي قدما في الحفاظ على هويتها وإنتاج أشكال جديدة من الثقافة تتماشى مع جوهرها من ناحية والتطور العلمي والتكنولوجي من ناحية أخرى». وإن الدول المتقدمة، كما تضيف: «أولت الثقافة عناية فائقة من حيث تعزيز قدراتها الاقتصادية والتخطيط الاستراتيجي القائم على تدعيم المنتجات الثقافية، وتحسين مناخات الاستثمار فيها، وزيادة الإنتاجية والقدرات التنافسية للأنشطة والمشروعات التي يؤسسها المثقفون بكل شرائحهم المجتمعية، وانطلقت تلك العناية من الكوادر البشرية المنتجة للمكوِن الثقافي، حتى أصبح الابتكار والإبداع الثقافي مجالين واسعين للاستثمار الاقتصادي».
وأوضحت الدرمكي أن فكرة هذا المؤتمر جاءت تماشياً مع تلك المتغيرات التنموية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مجتمعاتنا اليوم، فهي متغيرات تتأسس على البعد الثقافي الذي يشمل قطاعات المجتمع كلها، فعلى الرغم من وجود مجموعة من المشروعات الاستثمارية في مجالات الثقافة، سواء أكانت في التراث أو الآداب أو الفنون أو المتحفية أو غيرها، فإن تلك المشروعات تطالعنا باستحياء غير قادرة على المضي قدماً نحو النماء الاقتصادي الذي يمكن أن يشكل سيرورة اقتصادية على المستوى المحلي، بل إن البعض منها يكتفي بأن يسمي نفسه تنمية «مجتمعية»!.
وحددت لجنة إعداد المؤتمر 4 عناوين رئيسية هي: محور «دور القطاع الخاص في دعم المشاريع الثقافية»، و«النهوض الاقتصادي بالقطاع الثقافي وإعداد الموارد البشرية»، و«الاستثمار الاقتصادي للمبدعين في المجال الثقافي»، و«نماذج دراسات جدوى اقتصادية في مجالات الثقافة». لكن، كما تشير رئيسة مجلس إدارة النادي الثقافي العُماني، لم يتقدم إلى هذه المحاور أي باحث بأي أطروحة يمكن أن تكون مدخلاً لدراستها، وهو أمر لافت لا بد من تأمله والرجوع إلى أسبابه؛ إذ كان التركيز على فكرة استثمار المنتج الثقافي من خلال المحاور المطروحة في البرنامج.
يشمل اليوم الأول للمؤتمر (اليوم) الذي يشهد حفل الافتتاح عقد جلستي عمل، الجلسة الأولى، بعنوان: «البعد الاقتصادي للثقافة: أهمية الثقافة كونها عاملاً من عوامل توليد الثروة والتنمية الاقتصادية (الأسس النظرية)»، يقدّم فيها الدكتور يوسف بن حمد البلوشي، ورقة عمل بعنوان: «تعزيز ونشر ثقافة الاستثمار في الثقافة»، والدكتور محمد بن حمد الندابي، ورقة بعنوان: «أثر الاستثمار في الفعاليات الثقافية في بناء رأس المال الاقتصادي».
أما الجلسة الثانية، فتحمل عنوان: «تمويل الثقافة والنهوض بالصناعات الثقافية: التنمية الثقافية وثقافة التنمية»، يقدّم فيها محمد رضا اللواتي، ورقة عمل بعنوان: «نحو البرنامج الوطني للتنمية الثقافية»، وحمود بن سليمان الجابري ورقة بعنوان: «صناعة المنتج الثقافي. الإمكانات والكوامن لتجذير الصناعات الثقافية»، والباحث الجزائري الدكتور رشيد بن مالك، ورقة عمل بعنوان: «تمويل الثقافة وإشكالية النهوض بالصناعات الثقافية»، والأكاديمي البحريني محمد السلمان، ورقة بعنوان: «النهوض الاقتصادي وإعداد الموارد البشرية في قطاع الثقافة»، والأكاديمي المصري عبد الحكيم خليل سيد، ورقة بعنوان: «الاستثمار في الثقافة الشعبية تنمية مستدامة».
أما اليوم الثاني للمؤتمر (غداً) فيشهد 6 جلسات عمل، الأولى بعنوان: «الاستثمار الثقافي ووضع السياسات الاستثمارية»، يقدم فيها الدكتور مسعود بن سعيد الحضرمي ورقة بعنوان: «انعكاس ثقافة المجتمع في التوجه نحو تحقيق التنمية الثقافية. الفرص والتحديات»، والدكتور سعيد بن سليمان العيسائي، ورقة بعنوان: «السياحة الثقافية في سلطنة عمان خطوة على طريق الاستثمار في الثقافة»، وأفراح بنت مصبح المقبالي، ورقة بعنوان: «الاستثمار الثقافي ووضع السياسات الاستثمارية»، كما تشارك جليلة راشد الغافري، وزيانة عبد الله أمبوسعيدي بورقة تحمل عنوان: «واقع الاستثمار الحكومي لرأس المال الثقافي في المجتمع العماني وآليات تفعيله من وجهة نظر الشباب العماني»، والباحث اليمني ياسر عماد الهياجي بورقة بعنوان: «الأُسس الاستراتيجية لاستثمار التراث الثقافي في التنمية السياحية وتعزيز النواحي الثقافية... منظور اقتصادي»، وعائشة بنت حارب البحرية، بورقة «مشروع الحكايات والأساطير المرتبطة بالأمكنة العمانية، من ذاكرة رواة إلى استثمار اقتصادي».
الجلسة الثانية، بعنوان: «بناء مؤشرات قياس البعد الاقتصادي للثقافة»، يقدم فيها الأكاديمي المغربي الدكتور عبد الفتاح الزين، ورقة بعنوان: «مكانة الشباب في البناء الوطني و(أوراش التنمية البشرية): المغرب نموذجاً»، والباحثة الباكستانية المقيمة في عمان، ورقة بعنوان: «البعد الاقتصادي للثقافة، وأهمية الثقافة كعنصر للتنمية الاقتصادية وتوليد الثروة». وورقة عمل مشتركة بين الباحثين المصريين أمير نبيه تادرس، وهويدة عيد السيد بعنوان: «الاقتصاديات الإبداعية في قارة أفريقيا الطموحات والتحديات».
أما الجلسة الثالثة فهي بعنوان: «الإبداع والمقاولة: المشروعات الثقافية الصغيرة والمتوسطة»، يتحدث فيها علي سليمان الرواحي بعنوان: «خصخصة الثقافة العمانية»، وخالد بن عبد الله الخروصي بعنوان: «المخطوطات العمانية في القرن 13 الهجري. التجربة والاستثمار»، وزوينة بنت سلطان الراشدية، بعنوان: «مشروع استثماري تطويري تسويقي للحرف التقليدية العمانية».
في الجلسة الرابعة، ستقدم عدة أوراق منها: «الموارد المحلية المتوفرة في الاستثمار في الثقافة»، تتحدث فيها وضحاء بنت شامس الكيومية بعنوان «آليات تفعيل الأبنية الثقافية ما بعد الأزمة الاقتصادية في المجتمع العماني»، والباحث المغربي الدكتور سعيد علوش بعنوان: «الاستثمار الاقتصادي للتراث اللامادي في الثقافة الوطنية من منظور النقد الثقافي»، وورقة عمل مشتركة بين الباحثين العمانيين الدكتورة شيخة عبد الله المنذري، والدكتور بدر سالم القطيطي بعنوان: «الاستثمار الاقتصادي المعرفي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها»، والباحثة المصرية نورهان محمود الجنجيهي الاستثمار الثقافي في تصميم المدن المستدامة، والباحثة التونسية هالة الهذيلي حمودة بعنوان: «الاستثمار الثقافي الفني وآليات الانغماس عبر الوسيط الافتراضي»، والناقد والسينمائي الإيراني الدكتور محمد علي حسين نجاد بعنوان: «الاستثمار في تجربة السينما الإيرانية».
الجلسة الخامسة تعقد مساء اليوم بعنوان: «نماذج دراسات جدوى اقتصادية في مجالات الثقافة»، يشارك فيها أحمد محمد الرحبي بعنوان: «تجربة بيت الغشام للنشر والترجمة في استثمار الثقافة في عمان»، والباحثة الكويتية بزة الباطني باستعراض تجربة «مشروع بيت الحزاوي»، وورقة عمل مشتركة بين خالد بن سعيد النبهاني ومحمد بن سالم الحارثي بعنوان: «التاريخ والإنتاج الفني: هوم سينما ومشروع عكاسة»، والباحث السعودي الدكتور سيف الدين علي مهدي، بعنوان «المكون الثقافي للشعوب وأثره على التنمية الاقتصادية. مع التركيز على حالات بعض الدول».
الجلسة الأخيرة بعنوان «تجارب محلية ودولية في الاستثمار في الثقافة»، تشارك فيها الباحثة القطرية سميرة عبيد بعنوان: «المشروع الثقافي والاستثمار الاقتصادي (كتارا) نموذجاً»، ولويزة ناظور بعنوان: «تجارب دولية في الاستثمار الاقتصادي في الثقافة (فرنسا) نموذجاً»، ونصر بن ناصر البوسعيدي بعنوان: «تجارب محلية في الاستثمار في الثقافة، (دار الأوبرا السلطانية وموقع البليد الأثري والمتحف الوطني) نموذجا».



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».