انطلاق عملية «السيل الجارف» لتطهير حدود بغداد الشمالية من «داعش»

قيادة العمليات: ستكون لها نتائج إيجابية على العاصمة

عراقيون يغادرون منازلهم في الموصل فيما تتقدم الأجهزة الأمنية لمزيد من احكام السيطرة (أ.ف.ب)
عراقيون يغادرون منازلهم في الموصل فيما تتقدم الأجهزة الأمنية لمزيد من احكام السيطرة (أ.ف.ب)
TT

انطلاق عملية «السيل الجارف» لتطهير حدود بغداد الشمالية من «داعش»

عراقيون يغادرون منازلهم في الموصل فيما تتقدم الأجهزة الأمنية لمزيد من احكام السيطرة (أ.ف.ب)
عراقيون يغادرون منازلهم في الموصل فيما تتقدم الأجهزة الأمنية لمزيد من احكام السيطرة (أ.ف.ب)

أطلقت قيادة عمليات بغداد عملية «السيل الجارف» لملاحقة العناصر الإرهابية في ناحية الطارمية الواقعة على الطرف الشمالي لمدينة بغداد والتي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن محافظة صلاح الدين. وعقب انطلاق العملية شرعت الأجهزة الأمنية المختلفة بغلق مداخل ومخارج ناحية الطارمية ونفذت حملة تفتيش واسعة بحثاً عن مطلوبين.
في غضون ذلك، وبالتزامن مع انطلاق عملية «السيل الجارف» أعلنت قيادة شرطة محافظة كربلاء، انطلاق عملية عسكرية «كبرى» على الحدود المحاذية لمحافظة الأنبار بعد تلقي معلومات عن قيام تنظيم «داعش» بتفخيخ الطريق بين كربلاء والأنبار.
وقال مدير إعلام قيادة عمليات بغداد العميد قاسم عطية لـ«الشرق الأوسط»: إن أهالي ناحية الطارمية وجهوا نداء استغاثة إلى القائد العام وعمليات بغداد، فانطلقت عملية واسعة بإشراف قائد عمليات بغداد اللواء الركن جليل الربيعي، مشيراً إلى أن أهالي الطارمية، وهي مناطق واسعة وفيها أراض زراعية وبحيرات لتربية الأسماك، «رصدوا أنشطة إرهابية في المنطقة بدأت بالتأثير على حياتهم من خلال زرع العبوات الناسفة والقصف بالصواريخ وعمليات ابتزاز وفرض إتاوات على أصحاب أحواض ومفاقس الأسماك ومشاريع تربية الدواجن، إلى جانب عمليات السلب».
وأكد العميد عطية ارتباط معظم العناصر المطلوبة بتنظيم داعش، لكنه رفض إعطاء موعد محدد لانتهاء العملية، معتبراً أن من المبكر الحديث عن نتائج العملية لأنها «مرتبطة بالموقف التعبوي وطبيعة الأرض والقادة الميدانين، إلى جانب انتشار القطعات العسكرية على مساحات واسعة، وستعلن النتائج لاحقاً».
وتشترك في عملية «السيل الجارف» جميع القطاعات الأمنية وبالتنسيق مع طيران الجيش، استناداً إلى العميد عطية، الذي يرى أن العملية ستكون لها «نتائج إيجابية خصوصاً على العاصمة بغداد لإيقاف نشاطات هذه الخلايا الإرهابية النائمة في أطراف العاصمة». وتوقع أن تحد العملية من تسلل العناصر الإرهابية من محافظة صلاح الدين القريبة.
وتتبع ناحية الطارمية محافظة بغداد، بعد أن كانت تتبع محافظة صلاح الدين حتى عام 1997، وتقع على امتداد نهر دجلة، وترتبط امتداداتها بثلاث محافظات هي صلاح الدين وديالى والأنبار. وتقوم قيادة عمليات بغداد، بين الحين والآخر بتنفيذ عمليات أمنية في مناطق حزام بغداد، كما أنها تخطط منذ أشهر لبناء سور أمني حول مدينة بغداد لمنع دخول العناصر الإرهابية.
إلى ذلك، أعلنت قيادة عمليات بغداد أمس، أن فرقة المشاة 17 تمكنت من ضبط عبوة ناسفة و36 قنبلة هاون عيار 82 ملم و4 رمانات يدوية ومواد متفجرة جنوب العاصمة بغداد. ورغم الهدوء النسبي الذي تشهده العاصمة بغداد منذ أشهر، فإن هاجس الأمن والخشية من الهجمات الانتحارية بالعجلات والأحزمة الناسفة ما زال يشغل بال المواطنين البغداديين.
من جانب آخر، ترأس رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، أمس اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، ناقش فيه سير عملية «قادمون يا نينوى» لتحرير الجانب الأيمن من الموصل وطريقة إدامة الانتصارات المتحققة لتحقيق النصر النهائي قريباً. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء عقب الاجتماع، إن المجلس اطلع على تقرير مفصل عن الأوضاع الأمنية في محافظة ديالى واتخذ عدداً من الإجراءات والتوجيهات التي تساهم في استقرار الأوضاع في المحافظة. وأشار البيان إلى أن مجلس الأمن الوطني، ناقش الأوضاع في المنطقة وتأثيراتها على العراق، وخصوصاً المتعلقة بالوضع في سوريا، وجدد «موقف العراق الرافض وإدانته لاستخدام السلاح الكيماوي وأهمية الحفاظ على سلامة أبناء الشعب السوري، إضافة إلى ضرورة عدم التصعيد بالمنطقة وتعاون جميع دول المنطقة من أجل القضاء على عصابات (داعش)».
كما ندد المجلس بالتفجيرات الإرهابية في مصر والتي استهدفت كنائس وراح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح، مقدماً تعازيه للشعب والحكومة المصرية ولعوائل الضحايا، معتبراً أن تفجيرات مصر «تستدعي المزيد من التعاون الاستخباري والأمني بين الدول للتخلص والقضاء على الإرهاب واستئصال فكره المنحرف».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.