* انتشرت خلال العقدين الماضيين تنظيمات سياسية متشددة وجماعات إرهابية كثيرة تنتسب إلى ما يسمى تيار «الصحوة الإسلامية» (السنّية) الشبابية في البلدان المغاربية، من أبرز مكوّناتها في تونس تنظيم متشدد مسلح «للدعوة والقتال» قُدّر عدد عناصره بالعشرات. وكان تابعاً لتنظيم مسلح نشأ في الجزائر خلال عقد التسعينات من القرن الماضي بعد أحداث 1991، وضم منذ تأسيسه جزائريين وعشرات من المسلحين التونسيين والليبيين والمغاربة والموريتانيين والعرب العائدين من أفغانستان ممن كانوا يسمون «الأفغان العرب». وعندما أعلن الحكم الجزائري في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مطلع القرن الحالي عفواً عاماً عن المسلحين التائبين في الجبال - وكان عددهم نحو 10 آلاف - نزل إلى المدن نحو 8 آلاف من مقاتلي «الجيش الإسلامي للإنقاذ» التابع لحزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظور منذ 1992، ومن «الجماعة الإسلامية المقاتلة» المنشقة عنه. ولكن بقي نحو 3 آلاف في الجبال. ولقد قدّرت السلطات الأمنية الجزائرية عدد الإرهابيين الذين قتلتهم خلال «عقد الإرهاب» بنحو 15 ألفاً.
«جماعة عقبة بن نافع»
وتفرّع عن هذا التنظيم المسلح في تونس، قبل 2010، تنظيمات مسلحة صغيرة؛ من بينها «جماعة أسد بن الفرات»، و«جماعة عقبة بن نافع» التي دخلت في صدام مسلح مع قوات الأمن والجيش التونسي عامي 2005 و2006 وكان من بين قادتها الذين سجنوا حينذاك «أبو عياض» التونسي (سيف الله بن عمر بن حسين).
أبو عياض من بين مواليد نوفمبر (تشرين الثاني) 1965، وتزعم عام 2011 تنظيم «أنصار الشريعة» في تونس. ثم تزعم عام 2013 التنظيم في تونس وليبيا بعد فراره من تونس وانتقاله إلى شرق ليبيا. وتتهم أوساط يسارية تونسية قيادة «حركة النهضة» التونسية وقيادات إسلامية قريبة من جماعة الإخوان المسلمين الليبية بالتحالف مع أبو عياض ومجموعته الراديكالية «أنصار الشريعة»، قبل أن يتهم التنظيم بارتكاب عدة أعمال إرهابية في تونس وليبيا.
أما «جماعة عقبة بن نافع» التونسية الليبية الجديدة، فهي فرع تونسي مسلح تابع لتنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، أسسها «أمير» التنظيم الجزائري أبو مصعب عبد الودود - واسمه الثاني هو عبد الملك دروكدال - ووظف مقاتلين من صفوف «الأفغان العرب» من تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا ومالي. وينتمي إلى الجماعة حالياً عشرات الراديكاليين المتشددين التونسيين والجزائريين. ولقد رفعت الجماعة قبل 2011 شعارات كثيرة لتبرير عملياتها المسلحة، من بينها مهاجمة الغربيين من سياح ورجال أعمال لـ«تحرير المغرب الإسلامي من الاستعمار الأجنبي الجديد»، حسب زعمها. وكوّنت فرعاً لها في تونس بعد سقوط حكم زين العابدين بن علي. وتقدر مصالح الأمن عدد أفرادها بنحو مائة فرد، وأنهم أجروا تدريبات في منطقة الجبال الحدودية الجزائرية التونسية في مرحلة الانفلات الأمني عامي 2011 و2012، بما مكّنها من تنظيم عمليات إرهابية كثيرة؛ من بينها الهجوم على السياح في المتحف الوطني بحي باردو في العاصمة التونسية خلال مارس (آذار) 2015. وهو هجوم أدى لسقوط نحو 20 قتيلاً و50 جريحاً غالبيتهم من الأوروبيين واليابانيين والأميركيين.
«أنصار الشريعة»
تنظيم «أنصار الشريعة في تونس وليبيا»، بزعامة أبو عياض وقيادات سابقة من تنظيم القاعدة و«الجماعة الليبية المقاتلة». وأسس تنظيم «أنصار الشريعة» عام 2011 بعد نحو 3 أشهر فقط من سقوط حكم بن علي والعفو العام الذي شمل كل المساجين في تونس، بينهم عشرات من بين المتهمين بالإرهاب... على رأسهم أبو عياض. وأسس هذا التنظيم عدة مواقع إعلامية إلكترونية - منها صفحات على «فيسبوك» و«يوتيوب» - رفعت في البداية شعارات الدعوة للإسلام والإصلاح الاجتماعي، ثم تبنّت دعوات للقتال ومبايعة قيادات تنظيم القاعدة ثم «داعش». وتتهم السلطات التونسية «أنصار الشريعة» منذ عام 2012 بالحصول على دعم مالي كبير من بعض الدول العربية.
ومنذ صيف 2013 صنّفت قيادة «حركة النهضة» وأيضاً الحكومة التونسية تنظيم «أنصار الشريعة» ضمن «التنظيمات الإرهابية». وأصدرت الحكومة مذكرة جلب دولية ضد مؤسسه أبو عياض بتهمة ضلوع التنظيم في أعمال إرهابية بتونس. واتهمته بالخصوص بالتورط في الهجوم على السفارة الأميركية في تونس خلال سبتمبر (أيلول) 2012، واغتيال المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013. وكذلك قتل عدد من عناصر الأمن والجيش بين 2012 و2016 ومهاجمة محطة «نسمة» التلفزيونية التي عرضت في خريف 2011 فيلم «برسيبوليس» الإيراني الذي شوه صورة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. كذلك اتهم التنظيم بالاعتداء على ساسة تونسيين ولبنانيين وإيرانيين احتفلوا بـ«يوم القدس العالمي» في مدينة بنزرت بشمال تونس عام 2013 وبمحاولة اغتيال المحامي عبد الفتاح مورو، نائب رئيس البرلمان التونسي الحالي، ونائب رئيس «حركة النهضة» عندما كان منشقاً عن الحركة.
«الجماعة الليبية المقاتلة»
ثم هناك في ليبيا «الجماعة الليبية المقاتلة»، وهي انطلقت في أفغانستان كجماعة تابعة لتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، ثم انشقت عنه. ومن ثم، أعلنت معارضة النظام الليبي في عهد معمر القذافي. من بين زعاماتها عبد الحكيم بالحاج. وحسب التقارير بين أبرز قيادات «الجماعة الليبية المقاتلة»، المتهمة بالإرهاب في ليبيا وتدريب المسلحين التونسيين ثم إرسالهم إليها للقيام بعمليات إرهابية (بينها الهجمات على المتحف الوطني بباردو والمنتجع السياحي في سوسة وبعض مراكز الجيش والأمن التونسي وحافلة الأمن الرئاسي التونسي) كل من:
- عبد الوهاب القايد، الذي يعتبر «أمير التنظيم المسلح الجديد»، وهو شقيق «أبو يحيى الليبي»، المعروف بأنه الرجل الثالث في تنظيم القاعدة الليبي.
- عبد الحكيم بالحاج، يرأس «حزب الوطن» حالياً، وترأس «المجلس العسكري» في طرابلس الذي لعب دوراً رئيسياً في الإطاحة بحكم القذافي بدعم مالي وعسكري و«لوجيستي» من بريطانيا وتركيا وقطر.
- خالد الشريف، تزعم التقارير أنه من بين المقرّبين من عبد الحكيم بالحاج. تولى خطة وكيل أول وزارة الدفاع وآمر الشرطة القضائية في الكلية، وشغل منصب رئيس الحرس الوطني. ويقال إنه من بين أكثر الشخصيات تأثيراً في تنظيمات «أنصار الشريعة» و«القاعدة في المغرب الإسلامي» و«جماعة عقبة بن نافع».
- المهدي الحراتي، رئيس المجلس المحلي السابق في طرابلس. وهو المتهم باستقبال المقاتلين الليبيين في سوريا عبر تركيا من بوابة تسمى «بوابة عمر المختار» على الحدود السورية - التركية.
- محمد أبو سدرة، وهو عضو «القاعدة» سابقاً، وعضو البرلمان الليبي السابق في طرابلس، المؤتمر الوطني العام.
- زياد هاشم، عضو «الجماعة الليبية المقاتلة»، وهو مكلّف بالعلاقات الجيش الإلكتروني.
- أبو عبد الله الليبي، بايع زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي على «الخلافة» المزعومة.