الاتحاد الأوروبي يبدأ عمليات تدقيق على حدوده تستهدف المقاتلين الأجانب

في إطار خطوات مشتركة لتفادي أي تهديدات إرهابية

إجراءات أمنية على الحدود النمساوية ـ الألمانية تستهدف المقاتلين الأجانب العائدين من بؤر الصراع (غيتي)
إجراءات أمنية على الحدود النمساوية ـ الألمانية تستهدف المقاتلين الأجانب العائدين من بؤر الصراع (غيتي)
TT

الاتحاد الأوروبي يبدأ عمليات تدقيق على حدوده تستهدف المقاتلين الأجانب

إجراءات أمنية على الحدود النمساوية ـ الألمانية تستهدف المقاتلين الأجانب العائدين من بؤر الصراع (غيتي)
إجراءات أمنية على الحدود النمساوية ـ الألمانية تستهدف المقاتلين الأجانب العائدين من بؤر الصراع (غيتي)

بدأت رسميا ابتداء من أمس (الجمعة) الإجراءات الأمنية الجديدة لمراقبة الحدود الخارجية للدول الأعضاء في منطقة شنغن التي تتعامل بالتأشيرات الأوروبية الموحدة. وجاء ذلك في إطار تحرك أوروبي مشترك لتفادي أي تهديدات إرهابية وبالتالي سيخضع المسافر الذي يريد الخروج من منطقة شنغن التي تتعامل بتأشيرة موحدة، ويريد التوجه إلى الولايات المتحدة أو بريطانيا أو أفريقيا أو آسيا، لعملية تدقيق فيما يتعلق ببطاقة الهوية وبياناته الشخصية.
وتأتي هذه الخطوة في ظل مخاوف أوروبية من تنقل أعداد من المقاتلين الذين عادوا من مناطق الصراعات بوثائق مزورة، وبخاصة بعد أن أفادت مصادر إعلامية في بروكسل، بأن أحد المطلوبين أمنيا عاد من سوريا والتقى أفراد عائلته سرا ثم غادرها دون اكتشاف الأمر، ولكن سلطات التحقيق رفضت التعليق، وأيضا بعد أن تعرضت عدة عواصم ومدن أوروبية لهجمات إرهابية، ونجح منفذو الهجمات في التنقل وبحرية بين الدول الأوروبية دون اكتشاف الأمر.
وأبرز الأمثلة على ذلك ما فعل التونسي أنس العامري الذي تحرك بين خمس دول أوروبية عقب التورط في حادث دهس المارة بشاحنة كبيرة في سوق أعياد الميلاد ببرلين ديسمبر (كانون الأول) الماضي قبل أن يقتل على أيدي الشرطة الإيطالية أثناء كمين أمني وكانت بروكسل تعرضت لهجوم إرهابي في مارس (آذار) من العام الماضي، أسفر عن مقتل 32 شخصا وأصاب 300 وبعدها تعرضت نيس وميونيخ وأنتويرب ولندن لاعتداءات ذات صبغة إرهابية.
وحسب مصادر إعلامية، سيواجه الأوروبيون عمليات تدقيق منتظمة على الحدود الخارجية لمنطقة شنغن بموجب قانون يستهدف «المقاتلين الأجانب» العائدين من العراق وسوريا. وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية الخميس إن «الدول الأعضاء ستلتزم ابتداء من الجمعة إجراء عمليات تفتيش منتظمة على الحدود الخارجية» مشيرة إلى أن ذلك سيشمل «أيضا مواطني الاتحاد الأوروبي». وأشارت إلى أن ذلك «يهدف إلى التحقق من أن الأشخاص الذين يعبرون الحدود لا يشكلون تهديدا للنظام العام والأمن الداخلي». وأكد الاتحاد الأوروبي أن هذا الإجراء يأتي «ردا على الاعتداءات التي وقعت في باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 والتهديد المتزايد للمقاتلين الإرهابيين الأجانب». وفي بلجيكا وحسب ما ذكر باتريك ديوايل، المتحدث باسم الشرطة الفيدرالية البلجيكية، سيخضع المسافرون لعمليات تدقيق وبهذه الطريقة يمكن التعرف على الشخص المسافر وهويته، وإذا ما كان مطلوبا أم لا وأضاف المتحدث أنه «سيجري التدقيق على بعض البيانات، وبخاصة إذا جرى تعديل العناوين أو البيانات الأخرى دون إخطار السلطات المعنية، وللتحقق من التعديلات الجديدة ربما يحتاج الأمر إلى بعض الوقت». وقالت وسائل إعلام محلية في بروكسل: «أما بالنسبة للأشخاص الذين يسافرون إلى دول أخرى داخل منطقة شنغن ستظل الإجراءات المتبعة كما هي، وهي التأكد من أن الشخص المسافر هو نفسه صاحب بطاقة الهوية، وأيضا التأكد من أن وثيقة السفر أو بطاقة الهوية ليست مزورة». وعرف مطار بروكسل منذ الصباح طوابير طويلة للانتظار بالنسبة للمسافرين الذي يرغبون في مغادرة منطقة شنغن إلى أي دولة أخرى خارج الاتحاد، وقال متحدث أمني إن المسافرين جاءوا مبكرا تفاديا للتأخير، وهناك بعض منهم جاء للخضوع للتدقيق الأمني رغم أن رحلته مقررة الاثنين المقبل، وذلك في إطار إجراءات مماثلة سيتم تطبيقها في الموانئ والمطارات والقطارات الدولية في بلجيكا، في إطار تحرك أوروبي مشترك ويخضع فيها المسافر للتدقيق بشأن البيانات الشخصية في قاعدة البيانات الأمنية.
وفي محطة القطارات الدولية في جنوب بروكسل لم يحدث أي عمليات تكدس أو طوابير انتظار وطالبت السلطات من المسافرين الحضور مبكرا نصف ساعة على الأقل قبل السفر لإنهاء الإجراءات.
وفي أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، توصل وزراء داخلية كل من بلجيكا وهولندا وفرنسا وبريطانيا، إلى اتفاق حول إنشاء لائحة بيانات للمسافرين بالقطارات الدولية، وسيتم إنشاء مجموعة عمل مشتركة، لبدأ التفاوض حول هذا الصدد، مع شركات القطارات التي تعمل في أوروبا مثل «تاليس» و«يوروستار». وجاء التوصل إلى هذا الاتفاق، على هامش اجتماع غير رسمي لوزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي في مالطة، بحسب ما أعلن أوليفيير فاريمدونك المتحدث باسم الداخلية البلجيكية:«وكان الوزير جامبون قد أعلن في تصريحات إذاعية أن الهدف هو الوصول إلى تفعيل التعاون في مجال بيانات المسافرين قبل نهاية العام الحالي للتأكد من عدم وجود أي من المجرمين بين ركاب القطارات السريعة إلى جانب إجراء عملية تفتيش على بطاقات الهوية قبل مغادرة القطار للمحطات للتأكد من أن الشخص الذي اشترى التذكرة هو الذي سافر بها لا شخص آخر». وردا على وجود بعض الصعوبات في التنفيذ، قال وزير الداخلية إن المفاوضات مع شركات القطارات السريعة سترمي إلى التوصل إلى نظام عمل جيد وقابل للاستمرار لأن الأمن والتجارة يمكن أن يسيرا جنبا إلى جنب، والحفاظ على قطاع النقل.
وحول تحذيرات سابقة لشركات القطارات من إمكانية أن يؤدي هذا الأمر إلى تعطيل حركة السفر وامتعاض من جانب الركاب بما يجعل البعض منهم يستخدم السيارات للسفر، قال الوزير البلجيكي: «لا أعتقد أن الأمر يشكل أي تغيير بالنسبة للمسافرين كل ما في الأمر، أن المطلوب من شركات القطارات إمداد السلطات الأمنية ببيانات المسافرين فقط»، ووعد الوزير أن تكون الخطوة القادمة في هذا التحرك الحصول على بيانات المسافرين لشركات الحافلات التي تسير بين المدن الأوروبية، وقال إن العمل يسير خطوة خطوة لتضييق الخناق على المتورطين في الإرهاب، وإن الأمر لا يجب النظر إليه على أنه مجرد مفتاح تضغط عليه فيتحقق المطلوب بسرعة.
ويبدو أن الدعوة التي أطلقها وزير الداخلية البلجيكي بعد أيام من وقوع هجوم برلين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قد لقيت قبولا لدى عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالانضمام للمبادرة البلجيكية لإنشاء قاعدة بيانات للمسافرين بالقطارات السريعة بين العواصم والمدن الأوروبية المختلفة؛ مما يسهل التوصل إلى اكتشاف وجود أي شخص له علاقة بالإرهاب أو معرفة خطر سير هذا الشخص في حال وقوع أي عمل إرهابي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.