انتقادات لبنانية حادة تسبق توجه الراعي إلى القدس لاستقبال البابا

مصادر حزب الله تحذر من «أزمة داخلية».. والكنيسة تدحض «التطبيع»

البطريرك الماروني بشارة الراعي (أ.ف.ب)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (أ.ف.ب)
TT

انتقادات لبنانية حادة تسبق توجه الراعي إلى القدس لاستقبال البابا

البطريرك الماروني بشارة الراعي (أ.ف.ب)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (أ.ف.ب)

تثير الزيارة التي ينوي البطريرك الماروني بشارة الراعي القيام بها إلى الأماكن المقدسة في القدس، تزامنا مع زيارة البابا فرنسيس بين 24 و26 مايو (أيار) الحالي، موجة من ردود الفعل المنتقدة في لبنان، انطلاقا من وضعها في خانة «التطبيع» مع إسرائيل، و«الاعتراف» بها. ورغم أن الكنيسة المارونية دأبت، على لسان عدد من أركانها، تأكيد الطابع «الرعوي» للزيارة، باعتبار أن الراعي سيكون في عداد مستقبلي البابا في القدس وسيصل إليها برا، أي أنه لن يكون في عداد الوفد البابوي، وهدفه تفقد أحوال نحو عشرة آلاف ماروني، لكن ذلك لم يحل من دون انتقادات شعبية وسياسية، وإن كان بطريقة غير مباشرة.
ووصل الامتعاض إلى حد وصف وسائل إعلام مقربة من حزب الله الزيارة بـ«الخطيئة التاريخية»، مقابل إشادتها بإحجام سلفه البطريرك الماروني السابق نصر الله صفير، الذي لم تتوانَ في محطات سابقة عن انتقاده بشدة، عن زيارة القدس لاستقبال البابا السابق بنديكتوس السادس عشر، والبابا الأسبق يوحنا بولس الثاني.
وفي حين لم يصدر حزب الله أي موقف رسمي بعد، حذرت مصادر نيابية فيه، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، من أن تثير الزيارة «أزمة داخلية في لبنان»، مذكرة بـ«اعتراض قوى إسلامية وقومية في عام 2012 على زيارة مفتي مصر السابق (الشيخ علي جمعة) إلى المسجد الأقصى، وما تلاها من تحريم الأزهر زيارة القدس المحتلة لغير الفلسطينيين».
وقالت المصادر ذاتها إن «ثمة مشاورات داخل صفوف حزب الله تمهيدا لبلورة كيفية التعاطي مع الزيارة في ظل نقمة شعبية واضحة عليها»، متمنية على الراعي «إعادة النظر بقراره وإلغاء الزيارة نظرا لمدلولاتها وانعكاساتها الخطيرة».
وكان الراعي شدد على أن زيارته «ليست سياسية بل دينية». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، أول من أمس، من باريس، إن «البابا يزور الأراضي المقدسة والقدس، وسيذهب إلى أبرشية تابعة لبطريرك أنطاكيا وسائر المشرق. ومن الطبيعي إذن أن يستقبله البطريرك في أبرشيته».
وتعد زيارة الراعي المرتقبة الأولى من نوعها لبطريرك ماروني إلى القدس منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، إذ إن لبنان في حالة حرب رسميا مع إسرائيل، ولا يمكن لأي لبناني زيارتها تحت طائلة الملاحقة القانونية بتهمة «التعامل مع العدو». لكن ثمة اتفاق ضمني بين السلطات اللبنانية ومسؤولي الكنيسة المارونية يسمح بانتقال رجال الدين والرهبان اللبنانيين إلى الأراضي المقدسة، عبر معبر الناقورة الحدودي أو عبر الأردن، في إطار مهامهم الروحية والرعوية، إلا أنه لم يسبق لأي بطريرك ماروني أن توجه إليها بعد وصوله إلى هذه المرتبة.
ومن المقرر، وفق ما نشرته صحيفة «هآرتس» على موقعها الإلكتروني باللغة الإنجليزية، أول من أمس، حول محطات الزيارة، أن يلتقي البابا الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس في مقر الرئاسة، على أن يزور «حائط المبكى» و«جبل هرتسل» ومتحف «المحرقة اليهودية». في المقابل، لن يشارك الراعي، وفق مصادر كنسية، في أي لقاءات سياسية، وسيقتصر نشاطه السياسي على لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بناء على دعوة وجهها الأخير إليه. وفي سياق متصل، أوضح مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم أن الراعي «لن يلتقي أي مسؤول إسرائيلي»، لافتا إلى أن زيارته إلى القدس «تأتي بإطار استقباله البابا فرنسيس على أراضي النطاق البطريركي، وليس في إطار مرافقة قداسته في عداد الوفد البابوي».
وفي موازاة تأكيد عدد من المطارنة في بيروت أن زيارة الراعي لا تعني «الاعتراف بإسرائيل» ولا «التطبيع» معها.
وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين بتعليقات متباينة حول الزيارة. ففي حين أصرت تعليقات على موقع «فيسبوك» على الطابع «الرعوي» للزيارة، استنكرت أخرى تصنيفها في إطار «التطبيع مع دولة عدوة». بينما ذهبت تعليقات أخرى إلى حد اتهام الراعي بـ«العمالة»، لا سيما بعد الإعلان عن نيته لقاء نحو 2500 لبناني فروا من جنوب لبنان مع الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، تطالب القوى المسيحية بإعادتهم إلى لبنان بوصفهم لبنانيين، في حين تثير قضيتهم حساسية عالية لحزب الله وقاعدته الشعبية.



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».